الأربعاء 24 إبريل 2024
خارج الحدود

تونس.. عنوان الخراب الذي أفرزته فوضى "الربيع العربي"

تونس.. عنوان الخراب الذي أفرزته فوضى "الربيع العربي" الرئيس التونسي قيس سعيد
كل الأخبار القادمة من تونس لا تسر، ومؤشر تطور الأحداث ينحو بسرعة نحو انزلاق يصعب التنبؤ بتداعياته على البلاد وكل المحيط.
تتجه تونس لدورة تغييرية جديدة تظهر كل المؤشرات أنها قد تفرز نظاما فرديا منعزلا ومتخاصما مع جل مكونات المجتمع. هل هذا كان طموح التوانسة؟ وهل من أجل هذا المآل خرجوا إلى الشارع لإسقاط نظام بنعلي؟
تعيش تونس منذ سنين أزمة اقتصادية واجتماعية حادة يدفع ضريبتها التوانسة الذين يقارنون أوضاعهم مع الأوضاع التي كانت زمن بنعلي فيتأسفون على ما خسروه من وقت وتضحيات وما منحوه من ثقة لنخبة شعبوية وهاوية تناوبت على حكم البلاد فأغرقتها أكثر مما كانت غارقة. تونس مثال فقط على الخراب الذي حل بالكثير من الدول تحت مسمى “الربيع العربي”، وهي مثال حي يؤكد أن الدول لا تحكم بالشعارات والخطب العنترية، وأن السلطة تحتاج خبرة وحكمة وحسما في اللحظات الحرجة.
بعد عشر سنوات، تعود تونس إلى تجريب وصفة أخرى لا تشبه سابقتها. تجربة مبنية على تعيين لجنة الانتخابات ولجنة الدستور وتحديد الفرقاء المتحاورين، وعلى تدبير البلاد بالمراسيم الرئاسية وتعطيل المؤسسات المنتخبة وحل المجلس الأعلى للقضاء. أصبحت تونس حقل تجارب لكل منعدمي الخبرة وهواة الحكم.
هل يصح أن تبنى تجربة ديمقراطية على قاعدة استشارات إلكترونية شهدت عزوفا شعبيا حيث لم يتفاعل معها سوى نصف مليون من سبعة ملايين ناخب تونسي؟ وهل يصح بناء ديمقراطية بدون أحزاب سياسية وآليات تشاركية وإشراكية؟
قيس سعيد يعلن بشكل انفرادي الدعوة إلى تعديل الدستور في يوليو بأمر رئاسي، بمعنى أن إعداد دستور كامل لن يستغرق بضعة أسابيع، والأحزاب تقاطع وتهدد بالتصعيد وتصف الخطوة ب”أحادية الجانب”، والاتحاد التونسي للشغل يرفض المشاركة في الحوار الذي دعا إليه الرئيس ويصفه ب”المحدود والشكلي” ويتجه نحو الإعلان عن إضراب، والمقاولات تعيش حالة كساد، والشعب في انتظارية قاتلة.
الأولى اليوم لكل من دافع عن “الربيع العربي” بنسخته السابقة الاعتذار للشعب لأنه لم ينتج إلا الدمار والخراب والخصاص والشتات والهشاشة. لنتأمل واقع كل الدول التي استسلمت لأجندة محركيه وسنرى هذه النتائج الكارثية التي تدفع ثمنها الشعوب. لم يحقق الربيع العربي ديمقراطية ولا تنمية ولا عدالة، بل أفرز نخبا حاكمة فشلت في الحفاظ على وضعية دولها كما كانت على علاتها، وقادتها إلى مزيد من الانقسام والضعف حتى صارت مرتعا للفساد وأرضية خصبة للإرهاب وبيئة حاضنة للإرهابيين وتهديدا حقيقيا لكل دول الجوار.
هذه هي الخلاصة الأهم بعد عقد من الزمن، وبين ثناياها نحمد الله أن نجانا من تلك الأجندة وتداعياتها.
عن موقع "شوف تيفي"