الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

جلال كندالي: شيرين وجه فلسطين.. شكرا لأنك أعدت الوهج للقضية

جلال كندالي: شيرين وجه فلسطين.. شكرا لأنك أعدت الوهج للقضية جلال كندالي
كم كان المشهد مرعبا  وفظيعا، وأنت ممدة  على  تلك  الأرض  المقدسة، التي طالما  دافعت  عنها  ،من خلال مسيرة مهنية وثقت فيها  بالصوت والصورة همجية  الاحتلال  الصهيوني،الذي  اغتالك  اليوم  وبدم بارد  برودة  أحاسيسه الإنسانية،رغم أن النعت   هنا  لا معنى له، ولايستقيم  مع مايجري  يوميا من جرائم واضطهاد لأصحاب الأرض  الشرعيين.
شيرين أبو عاقلة،اسم  فضح  طيلة مسيرتها المهنية عبر شاشة الجزيرة، عبث  الاحتلال وعنجهيته.
هي شيرين أبوعاقلة، اسم  فرد بصيغة الجمع،  استطاعت  بحرفية  عالية  أن  تسقط  ورقة  التوت  عن  هذا  السرطان  الذي  تم  زرعه في هذه الأرض  الطيبة.
هي شيرين، جعلت كل الفصائل الفلسطينية، تتوحد في موقف واحد رغم  تقلبات  السياسة  وحساباتها  الظرفية والاستراتيجية، لأنها كانت  صوت  القضية  النقي  الصافي  الممزوج  بأنفاسها الزكية، قبل  أن يقرر  العدو  خنقه  برصاصة غادرة  عن سبق  إصرار وترصد.
وهي الرصاصة  الممولة  من بلدها  الذي  تحمل  جنسيته، رصاصة مشبعة  حد القذارة بغدر  الكيان  الصهيوني المعهود  الذي يتلقى تمويلا لا مشروطا من الإدارة الأمريكية ،كما تقول مواطنتك الأمريكية  رشيدة حربي طليب.
فلا  تلك  الجنسية الأمريكية شفعت لها، ولا  مهنتها  الشريفة  استطاعت ذلك أيضا، لقد اتخذ القرار الجبان، ونفذ في واضحة النهار لحسابات هي عادة اللصوص  المنحرفين و المحترفين الكبار دائما .
على  الأكتاف،رفع جثمانها الطاهر ملفوفا بالعلم الفلسطيني، ليجول أطراف البلد  الأم المغتصب  منذ عقود ،فكان هذا  الالتفاف المنقطع النظير لشعبك بكل  فصائله ، لأنك وبالتأكيد جسدت الوطن  بكل تفاصيله  وجزئياته.
شيرين  تنحدر  من بيت  لحم ، ولدت  في فلسطين  واستشهدت  في جنين، هكذا  رسم  القدر حكاية إنسانية ستبقى  شاهدة  على همجية  الاحتلال الصهيوني. 
قدمت  دمها  لتروي تراب  وطنها  المسلوب  قربانا، دفاعا  عن الكلمة  الحرة، وعن  صاحبة  الجلالة، التي اختار الكيان  الصهيوني  العداء لها  وللمنتسبين إليها،بكل بساطة  لأنها  تعري  سوءته.
مسيحية  كنت  أو مسلمة، لايهم، يكفي، أنك  انتصرت  للكلمة الحرة  ،ويكفي  أنك  فلسطينية ،كنت عنيدة وغير مروضة، شاهدة  على عنصرية  هذا الكيان  اللقيط، لذلك  كان  القرار عن سبق  وإصرار   في واضحة النهار لتحييدك. 
نعم، لقد  استهدف جسدك كما استهدف  من قبل بلدك، لكن   القصد كان  استهداف القلم الذي  تسطرين وتوثقين  به  فظاعات  مايجري  لوطن  اسمه فلسطين، 
 الآن أنت شهيدة الواجب المهني،فهل  سيتحرك  الضمير  العالمي أمام  هذه المأساة الإنسانية ، ولو بعد  حين،   تأكدي ياشيرين،  وليتأكد الكيان الصهيوني، أن العدالة  مثل  الماء  وإن جف  المطر، أكيد  سينهمر  اليوم  أو  غدا، وتأخذ  مجراها  وتسطع  معه  الحقيقة  التي  رآها  وآمن العالم  كله  بها  موثقة بالصوت والصورة.
ماذا  لو كان بالإمكان ياشيرين أن تعودي إلى الحياة  ولو للحظات، لتشاهدي  كل  هذا  الحب الجارف الذي انفجر  بعد  اغتيالك، وتقيسين كل  هذه الدموع  التي ذرفها الجميع بإحساسك وقلبك من أجل  غيابك، ماذا  كان  سيكون  تعليقك وأنت  تطلين  بالمباشر  على قناة  الجزيرة، أكيد  ستفضحين  ألاعيب الصهاينة   المعتادة من جديد ،ولو علمت أن في ذلك موتك  واستشهادك، ستعيدين   ترتيب  الحكاية  من أولها  إلى آخرها، وستصدحين  بصوتك الصادق، كانت معكم  شيرين أبو عاقلة  من جنين ،فلسطين المحتلة، وبعدها  ستعودين  بكل هدوء إلى  عالمك  الأبدي.
شكرا  شيرين  لأنك كنت وجه  فلسطين، الذي  دخل قلوبنا قبل بيوتنا، وحتى وأنت  تفارقين  الحياة قسرا، أعدت  الوهج  للقضية، من حيث  لايدري  الكيان الهجين. 
شكرا لك ولترقد روحك  في سلام أبدي.