الجمعة 26 إبريل 2024
اقتصاد

الدكتور أنور الشرقاوي: الصحة والسلامة في الشغل.. تحسبا للمخاطر التي قد تحدث

الدكتور أنور الشرقاوي: الصحة والسلامة في الشغل.. تحسبا للمخاطر التي قد تحدث الدكتور أنور الشرقاوي والدكتور بناصر بنعلي (يسارا)
حسب منظمة العمل الدولية  فحوادث الشغل والأمراض المهنية تتسبب في وفاة 6300 شخص في جميع أنحاء العالم كل يوم، أي ما يمثل 2.3 مليون حالة وفاة سنويًا.
إجمالاً، 350.000 من هذه الوفيات ناجمة عن حوادث في الشغل. ويعاني ما لا يقل عن 402 مليون شخص من هذه الحوادث غير المميتة. 
قد تتسبب حوادث العمل والأمراض المهنية في انخفاض سنوي قدره 5.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وفي ظل عدم وجود أرقام دقيقة، تقدر منظمة العمل الدولية أن المغرب يسجل معدل 47.8٪ من حوادث الشغل المميتة لكل 100 ألف عامل، في حين أن عدم وجود تقديرات للأمراض المهنية، يقول الدكتور بناصر بنعلي، مختص في طب الشغل وأستاذ بكلية الطب بالرباط،أمر يبعث على الأسى. 
تجدر الإشارة إلى أن المجتمع الدولي، بما في ذلك المغرب، احتفل في 28 أبريل 2022 باليوم العالمي للسلامة والصحة في العمل، تحت شعار: "نعمل معا لترسيخ ثقافة إيجابية للسلامة والصحة".
من جانبها، تعرف الرابطة الدولية للنظافة المهنية -IOHA الصحة والسلامة المهنية (OHS) على أنها علم توقع وتحديد وتقييم والسيطرة على المخاطر التي تواجه في مكان العمل، والتي من المحتمل أن تعرض صحة العمال للخطر، يشرح الدكتور بنعلي.
إن احترام القانون في بيئة عمل آمنة وصحية على جميع المستويات، من خلال إنشاء نظام للحقوق والمسؤوليات والالتزامات للوقاية من المخاطر المهنية في مكان العمل بالمغرب يعود إلى عام 1913، ويخضع لظهير الالتزامات والعقود. ووفقا لهذا النص من القانون، فإن المشاركة والتدخل الديناميكي لجميع الجهات الفاعلة في الوقاية وإصلاح الإصابات المهنية، سواء كانت الحكومة أو أرباب العمل أو النقابات، التزام وواجب تجاه جميع الموظفين. 
صحيح أن مراعاة المخاطر المهنية وتعويض إصابات العمل تندمج بشكل متزايد في الخطوط الاستراتيجية للشركات المغربية.
مثلما تم تنفيذ إجراءات من قبل السلطات العمومية لتعزيز الصحة والسلامة في العمل، خاصة فيما يتعلق بمكافحة المخاطر المهنية في الشركات، لما لها من تأثير كبير على الأفراد والشركة، وبالتالي على الاقتصاد المغربي، يوضح الدكتور بنعلي. وهكذا، صادق المغرب على الاتفاقيات رقم 187 لمنظمة العمل الدولية المتعلقة بالإطار الترويجي للصحة والسلامة في العمل. تستند هذه الاتفاقية على مبدأ الثقافة الوقائية في مكان العمل. هكذا، قام المشرع المغربي بتحديث أساليب التعويض عن حوادث العمل والأمراض المهنية.
ومع ذلك، على الرغم من كل هذه الجهود الكبيرة، ماتزال الأسئلة قائمة، كما يقول الدكتور بنعلي.
- ندرة وحتى غياب أساتذة  باحثين لتكوين مهارات متخصصة في مجال الصحة والسلامة المهنية (أطباء العمل، خبراء الهندسة البشرية، خبراء حفظ الصحة المهنية، علماء السموم..). 
- قلة تغطية العاملين بالمغرب من طرف خدمات الصحة والسلامة المهنية.
- التأخر في تحديث قانون العمل. - الافتقار إلى وسائل حماية العاملين في القطاع غير المهيكل. - ضعف وسائل الرقابة لاحترام  القوانين النافذة في مجال الصحة والسلامة المهنية.
- اختلال في نظام متابعة الحوادث والأمراض المتعلقة بالشغل. وتحتاج جودة نظام تعويض الإصابات المهنية إلى مزيد من الأداء. 
- الحاجة إلى إنشاء دائرة موثوقة وفعالة من خلال نقل معلومات واضحة ومفهومة عن الوسائل الموضوعة لحماية الأجراء.
 - غياب بروتوكول منظم للمراقبة الطبية بعد التقاعد للأجراء  الذين تعرضوا لمواد مسرطنة أو مطفرة.
- وأخيرا، ضرورة تفكير سياسي معمق لتطوير استراتيجية وطنية تهدف إلى تعزيز الصحة العامة في مكان العمل.
تشكل صحة وسلامة الأجير في العمل اليوم، شرطا أساسيًا لكفاءته وأداءه  ولصاحب العمل أيضا، كما يصر الدكتور بنعلي، خاصة وأن هذين المكونين يشكلان ركيزة التنمية المستدامة. مثلهما مثل باقي الجوانب الاجتماعية والبيئية لأي شركة تطمح إلى أداء أفضل مع ضمان استدامتها. 
فيما يتعلق بالجانب الأكثر تحديدا للطب المهني، في عمل علمي نشر مؤخرا في المجلة المغربية للطب التطبيقي، اقترحت فرق البحث في أقسام الطب المهني في كليتي الطب بالرباط وفاس، حلولاً للتخفيف من آثار حوادث الشغل.
يشير مؤلفو هذا العمل العلمي إلى أن المشرع المغربي قد وضع قواعد محددة للتعويض عن حوادث العمل. تتضمن هذه القواعد التغطية الكاملة للنفقات المتكبدة لرعاية الضحية، والتعويض الجزئي عن فقدان الراتب، وفي حالة العجز الدائم عن العمل، تخصيص معاش تقاعدي يتم تقييمه وفقا لمعدل العجز وراتب الشخص. كل هذا يندرج في إطار نص القانون رقم 18-12 المتعلق بتعويض حوادث الشغل، والذي جعل من الممكن تخفيف إجراءات إعلان هذه الحوادث من خلال إدخال واجب التوفيق بين الدولتين لأول مرة في المغرب. يحدد هذا القانون أيضًا إجراءات الإبلاغ وحقوق والتزامات الأطراف المعنية، دون إغفال استيعاب الإصابات النفسية للإصابات الجسدية، حيث يكون للضحية إمكانية إصدار إعلان بشأن حادثة الشغل في حالة المعاناة المعنوية المتعلقة بالعمل. يجب على الحكومة وأرباب العمل والعمال اتخاذ إجراءات لضمان بيئة عمل آمنة وصحية، من خلال نظام من الحقوق والمسؤوليات والالتزامات المحددة وحيث يتم إعطاء مبدأ الوقاية الأولوية القصوى، يقول بصوت عال وواضح الدكتور بن ناصر بنعلي ، رئيس قسم الطب المهني في مركز مستشفى ابن سينا ​​الجامعي بالرباط سلا.