السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: هل ترجح الأقلية المسلمة بفرنسا كفة ماكرون في الإنتخابات الرئاسية؟

يوسف لهلالي: هل ترجح الأقلية المسلمة بفرنسا كفة ماكرون في الإنتخابات الرئاسية؟ يوسف لهلالي

هل "فرنسا، موطن التنوير والكونية، ستصبح أول دولة في العالم تحظر الرموز الدينية في الأماكن العامة. هذا ما تقترحينه، وهو غير منطقي".هذا السؤال الاستنكاري طرحه الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته على منافسته وممثلة اليمين المتطرف  في المناظرة التلفزية التي  جمعت بينهما الأربعاء الأخير، وذلك في نقاش  حول ارتداء الحجاب في الأماكن العامة التي تنادي به المرشحة المتطرفة،وأضاف الرئيس المرشح انها  تخاطر   بإشعال "حرب أهلية" في فرنسا في حال تم انتخابها رئيسة ونفذت تعهدها بحظر الحجاب الإسلامي في الأماكن العامة. طبعا، الرئيس من خلال اثارة هذا الجدل مع منافسته أراد ان يبرز لمواطنيه خطر اختيار مرشحة لن تكون مسؤولة في حالة اختيارها رئيسة لدولة، وهو امر لم يعد مستبعدا بفرنسا وذلك لنسبة الكبيرة من الفرنسيين التي أصبحت تصوت لهذا التيار، بل ان عددا كبيرا من الفرنسيين نسوا ماذا يعني اليمين المتطرف في بلدهم، واصبح التصويت عليه مثل التصويت على أي حزب سياسي  في المشهد الفرنسي.

بل ان هذا التيار  اليميني المتطرف، من خلال تلاثة مرشحين له في الدور الأول من الانتخابات حصل على اكثر من  تلث الناخبين الفرنسيين واصبح قوة سياسية حاضرة بقوة داخل بلاد فولتير.

لكن  الهدف من إثارة هذا الجدل أيضا، هو موجه لمسلمي فرنسا او الفئات المنحدرة من اسر ذات ثقافة وتقاليد إسلامية بفرنسا، والتي تشكل ما بين 5 و6 ملايين حسب مختلف التقديرات الإحصائية،( قانون  فرنسا لا يسمح بوضع إحصاءات تعتمد العرق والدين)، والتي يريد منها الرئيس المنتهية ولايته  ان تصوت  عليه، وهي التي صوتت بكثافة كبيرة  لمرشح فرنسا الابية  الذي حقق أرقاما قياسية في وسط هذه الفئة، وكذلك وسط الأقليات من افريقيا والعالم العربي والأجانب بصفة عامة. حيث كان المرشح الوحيد الذي تحدث عن الهجرة بشكل إيجابي، وكذلك عن  الإسلام، ولم يتردد في اثارة قيم التعايش  والاحترام التي عاشتها عائلته الكاتوليكية عندما كانت مهاجرة  بالمغرب و الذي ازداد وترعرع به. التذكير بهذا الموقف  جعل أصوات مختلف الأجانب وخاصة المسلمين  تتوجه نحو هذا المرشح وهذا الحزب، رغم الاختلاف الأيديولوجي الذي يمكن ان يطرح لدىة البعض، باعتبار فرنسا الابية حزب يساري راديكالي، وهو ما يمكن ان يتناقض في قيمه مع بعض  ممارسي الديانية بشكل راديكالي كذلك. او الذين لهم سلوكات جد محافظة.

الرئيس المرشح ، في الدور الثاني، قام بمجهود خاص من اجل استمالة هذه الفئة، منة خلال التذكير  بمواقفه الليبرالية تجاه الدين الإسلامي وهي مواقف تخلى عنها  أثناء  ولايته، وذلك من اجل استقطاب  أصوات اليمين المحافظ والمتطرف  في فرنسا  الذي اصبح يشكل اكبر كثلة انتخابية  سواء خلال خطابه  حول الإسلام الذي اعتبره دين يعيش ازمة بعد مقتل احد الاساتدة في عملية إرهابية نفدها لاجئ من أصول شيشانية، وهو ما جر عليه العديد من  الانتقادات في العالم الاسلامي، او من خلال تعيينه  وزيرين معروفان بمواقفها اللائكية المتطرفة خاصة تجاه الإسلام وهما  جيرار دارمنان وزير الداخلية ومارلين شيابا وزير منتدبة بالمواطنة.

ولتجاوز هذه الوضعية، ومحاولة جلب أصوات هذه الفئة، ذكر الرئيس بمواقفه الليبرالية  تجاه الأقلية المسلمة، وذكرهم أيضا بالخطر الذي تشكله مرشحة مثل مارين لوبين، وما تمثله من أيديولوجية مناهضة للمسلمين بفرنسا. وقام بزيارة  احد الاحياء التي تضم اكبر جالية من المسلمين والأفارقة والأجانب هي مدينة سان دوني بالضاحية الباريسية ، وهي مدينة صوتت بحوالي  62  في المائة لصالح   جون لوك ميلانشون في الدور الأول. وهي الأصوات التي يريد الرئيس المرشح الحصول عليها، وهي أصوات ستكون حاسمة في الدور الثاني  بين ماكرون ولوبن.

أهمية الأصوات  التي تدلي بها  الأقلية المسلمة في  هذه الانتخابات، هو الامر  الذي  جعل  لوبن  تبدو من خلال تصريحات متضاربة  كأنها تراجعت في الأيام الأخيرة عن هذا المشروع، وعادت مارين لوبن وأكدت مساء الأربعاء أنها "مع حظر الحجاب في الأماكن العامة".وهو تردد يبين طمعها هي الأخرى في هذه الأصوات.واعتبرت المرشحة اليمينية المتطرفة أنه أمر "يتعلق بتحرير المرأة، وكبح الإيديولوجيا الإسلامية". وأردفت "أنا لست ضد الإسلام، وهو دين له مكانه" في فرنسا.وأضافت "أنا أحارب الإيديولوجيا الإسلاموية وهي أسلوب تفكير يقوض أسس جمهوريتنا ويقوض المساواة بين الرجل والمرأة ويقوض العلمانية ويقوض الديموقراطية".

ومن المعروف ان مسألة الحجاب موضوع حساس وله حضور متكرر في السياسة الفرنسية منذ سنوات. ويحظر حاليا ارتداء الرموز الدينية الظاهرة في المدارس وفي إدارات الدولة، ولكن ليس في الأماكن العامة. وهو الامر الذي وعدت به لوبن ناخبيها  في حالة النجاح.
 

قبل يوم من  موعد الجولة الثانية، لا تزال استطلاعات الرأي تمنح الأفضلية للرئيس المنتهية ولايته  ايمانويل ماركون بنوايا تصويت تراوح بين 54 إلى 56,5 بالمئة مقابل 43,5 إلى 46 بالمئة لمنافسته اليمينية المتطرفة، وهي فجوة أضيق بكثير مما كانت عليه عام 2017 عندما فاز ماكرون بنسبة 66 بالمئة من الأصوات، هذا التقارب، بالإضافة الى  العدد من الممتنعين عن التصويت، هي كلها معطيات، تجعل  مال هذه الحملة مفتوح على جميع الاحتمالات، خاصة ان عدد  كبير من  الناخبيين الذين صوتوا على جون لوك ميلانشون، ومن بينهم عدد كبير من الأقلية المسلمة بفرنسا ل أاحد يعرف هل تمكن الرئيس  المرشح من اقناعهم خلال  الأيام الأخير ام لا؟....