الجمعة 29 مارس 2024
اقتصاد

مودن: اعتماد وزراء الحكومة على "المؤثرين" للترويج لمشاريع حكومية رهان فاشل وله سلبيات عديدة

مودن: اعتماد وزراء الحكومة على "المؤثرين" للترويج لمشاريع حكومية رهان فاشل وله سلبيات عديدة عثمان مودن
ما يزال الحفل الذي نظمته وزيرة السياحة لإعلان انطلاق برنامج "فرصة" يلقي بظلاله، خاصة فيما تعلق باستعانتها ب"مؤثرين" وتهميش الأطر والكفاءات العلمية والخبرات الوطنية.
في هذا الإطار أكد عثمان مودن، رئيس منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية، دكتور في المالية العامة، أن برنامج "فرصة" باعتباره أبرز لمسة اضافية قامت بها الحكومة الجديدة على مستوى قانون المالية لسنة 2022، وهو برنامج طموح، لكن للأسف انطلاقته تمت بمترافعين ومدافعين فاشلين.
وأوضح مودن في حوار مع "أنفاس بريس" ، أن اعتماد وزراء الحكومة الحالية على ما يسمى " المؤثرين بمواقع التواصل الاجتماعي" للترويج لمشاريع وبرامج حكومية، هو رهان فاشل وله سلبيات على عدة مستويات.
المستوى الأول، حتى إن كان هؤلاء المؤثرين لهم العديد من المتابعين فإن العبرة بنجاح هذه المشاريع الحكومية لا تكون ابدا بالكم وعدد المتابعات، خصوصا إن كان هذا الكم في غالبيتهم ليسوا من المستهدفين بهذه البرامج، وهذا حال أغلب متابعي المؤثرين عبر صفحات التواصل الاجتماعي الذين يعالجون مواضيع سطحية إن لم نقل تافهة.
المستوى الثاني، وهو أن الاعتمادات المالية التي يتم رصدها لهؤلاء المؤثرين ولحملاتهم الإعلامية المحكوم بفشلها، كان يمكن استثمارها بطرق أفضل، من خلال وصلات إعلانية تقدمها القطاعات الوزارية عبر القنوات التلفزية والإذاعات، الجرائد الورقية والإلكترونية خلال شهر رمضان، خصوصا وأن هذا الشهر تعرف فيه القنوات ووسائل الإعلام متابعة كبيرة من لدن كل الفئات المجتمعية، كما كان من الأجدر على هذه القطاعات التواصل والانفتاح على الجامعات ومؤسسات ومعاهد التكوين باعتبارها تضم النواة الرئيسية للمستهدفين من برنامج فرصة.
المستوى الثالث السلبي الاعتماد المبالغ فيه من لدن القطاعات الحكومية على المؤثرين هو أنه فيه إساءة حقيقية لصورة المؤسسات الرسمية ومس بهبتها ورمزيتها وإظهارها وكأنها مؤسسات تبحث عن تلميع صورتها، عبر جلب الإعجابات بدل تحقيق الأهداف والنتائج، بل إن هذا الأمر فيه تمييع للمبادئ التي جاء بها الدستور المغربي من قبيل إشراك المواطنين في تدبير الشأن العام، وهو الإشراك الذي ينبغي أن يتم بشكل ممأسس، وعبر القنواة المتعارف عليها وبشكل مضبوط، وعبر أشخاص لهم مستوى معرفي وتقافي محترم يعكس الاهتمام الذي توليه الدولة ووزارتها للكفاءات وليس تسويق فكرة مفادها أن أبواب المؤسسات مفتوحة لكل من هب ودب ولكل من له أكبر عدد من المتابعين عبر وسائل التواصل.."
هذا وسبق لمنتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية ، أن نظم خلال الثلاثة أشهر الماضية سلسلة ندوات ولقاءات تجاوزت 20 لقاء استفاد منه تلاميذ المدارس وطلبة الجامعات ومتدربي معاهد التكوين المهني، ومهنيين ومنتخبين بالجماعات الترابية قصد التعريف ببرنامج فرصة وبرنامج أوراش وغيرها من المستجدات التي جاء بها قانون المالية لسنة 2022، وذلك في إطار فعاليات النسخة السابعة للقافلة التواصلية لقانون المالية، والتي ينظمها منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية كل سنة منذ 2015، وهي اللقاءات التي عرفت حضورا كبيرا ونقاشات مميزة.
بالنسبة لمدى صواب اختيار الشركة المغربية للهندسة السياحية SMIT التي عهد إليها بتدبير "برنامج فرصة"، أوضح محاورنا أن هذه الشركة سبق وأن أصدر بشأنها المجلس الأعلى للحسابات تقرير متعلق بمراقبة التسيير، رصد أبرز الاختلالات وسوء التدبير الذي تعرفه المؤسسة، وأقر بفشلها حتى في الصلاحيات المخولة لها، وأنها تعيش على بيع عقاراتها.
أكثر من ذلك فإن إسناد اختصاص الإشراف وتدبير "برنامج فرصة" الى هذه المؤسسة يقع خارج النطاق القانوني المسموح به والمحدد لمهام المؤسسة، ويخالف مقتضيات القانون رقم 10.07 المتعلق بالشركة المغربية للهندسة السياحة SMIT ويخالف مقتضيات المادة الرابعة من القانون الاطار 50-21 المتعلق بإصلاح المقاولات والمؤسسات العمومية.
من جهة أخرى أول شيء قامت به المؤسسة، هو تكليف مجموعة من الشركات بعملية المواكبة والتواصل من أجل إنجاح المشروع مقابل اعتمادات مبالغ فيها، ناهيك عن تعيين مديرة للمشروع وعدة مكلفين مسؤولين من داخل المؤسسة في إطار استمرار النهج البيروقراطي العقيم ونفس الممارسات القديمة في التدبير؟ وبالطبع التعويضات التي سيتلقاها هؤلاء؟؟!