الخميس 28 مارس 2024
اقتصاد

زوهري: رغم التساقطات الأخيرة فبعض الأحواض المائية الأساسية  مازالت تحت سقف 20%

زوهري: رغم التساقطات الأخيرة  فبعض الأحواض المائية الأساسية  مازالت تحت سقف 20% عبد الجليل زوهري وصورة لأحد السدود المغربية
على إثر  التساقطات  الأخيرة  التي عرفها المغرب  وأهميتها من حيث الأمطار والثلوج، إتصلت " أنفاس بريس " بعبد الجليل زوهري استاذ باحث بكلية العلوم والتقنيات بسطات جامعة الحسن الأول تخصص علوم الماء والبيئة واستقرات رأيه حول تأثير هذه التساقطات  على حقينة  السدود والفرشة المائية؟ وإلى أي حد  كانت  هذه التساقطات إيجابية يمكن معها الحديث  عن إنقاذ الموسم الفلاحي ؟ فأعد الأستاذ زوهري الورقة التالية :
 
كما يعلم الجميع أن موجة الجفاف باتت تهدد في  السنوات الأخيرة  مناطق عديدة من العالم, والمغرب بدوره عرف تساقطات مطرية غير مريحة،  لكن هذه السنة الفلاحية وحتى شهر فبراير كانت التساقطات  شبه منعدمة، مما جعل عددا كبيرا من المزارعين والمهتمين بالشأن الفلاحي يعيشون فترة من التخوف والترقب ،الأمر الذي دفع بالوزارة الوصية  إلى إتخاذ عدة إجراءات إستباقية للتخفيف من آثار الجفاف وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الموسم الفلاحي، وضمان ماء الشرب خصوصا أن حقينة السدود والفرشة المائية بلغت إلى أدنى مستوياتها. كل هذه الأوضاع كانت لا تبشر بخير حيث بوادر الأزمة قد لاحت من خلال ندرة الأعلاف وغلائها وارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية والخضر.  
بعد هذه الفترة من الترقب وفي أواخر شهر فبراير وبداية مارس جاء الفرج من الله تعالى وجادت السماء بخيراتها في مناطق كثيرة من البلاد ،فكان الغيث على شكل تساقطات مطرية وثلجية الأمر الذي أنعش آمال المواطنين بصفة عامة والمزارعين بصفة خاصة، واستبشروا خيرا لتدارك السنة الفلاحية . 
هذه التساقطات قد لا تكون حلا لإنقاذ الموسم الفلاحي هذه السنة بقدر ما تكون عاملا إيجابيا للتخفيف من أثار الجفاف وتدارك السنة الفلاحية. فزراعة الحبوب وبالأخص البورية منها  بالمناطق الوسطى والجنوبية تضررت بشكل كلي مما دفع بالفلاح لإستغلالها ككلأ للماشية، ولو لفترة وجيزة. أما بالنسبة  للزراعات الربيعية فقد تشهد إنتعاشا كبيرا وخصوصا أن كمية  الأمطار في هذه الفترة كانت  نسبيا ملائمة في عدة مناطق من المغرب وان التوقعات الجوية لازالت تنتظر المزيد من التساقطات خلال هذا الشهر المبارك الأمر الذي سيساهم في تحسين منتوج الأشجار المثمرة كالزيتون والحوامض وكذا زراعة بعض القطاني والذرة وغيرها. ولا ننسى أن قطاع تربية المواشي وبالأخص الأغنام قد يشهد استقرارا خلال هذه السنة لما وفرته التساقطات من كلأ،خصوصا وأن الأراضي غير المزروعة والتي ستستغل للرعي جد متوفرة مما سيحافظ على الأنشطة الرعوية داخل العالم القروي والحد ولو نسبيا من الهجرة نحو المدن. 
وأمام كل هذه الأمور الإيجابية التي اشرنا إليها يبقى ،وإلى حدود الساعة المخزون المائي جد مقلق فالسدود ،ورغم بعض الإنتعاش يبقى مخزونها  دون المستوى المطلوب لضمان عام مريح بالنسبة للسقي والشرب، وهذا ناتج عن تأثير فترات الجفاف المتعاقبة على المغرب وليس فقط عن هذه السنة . فإذا تفحصنا أرقام مخزون المياه بسدود المغرب سنجد أن نسبة الملء في 2يناير2022 بلغت 34.21 بالمائة ،وان هذه النسبة تبلغ اليوم 6 ابريل 33.79 يعني أن التساقطات لحد الساعة غطت فقط الإستهلاك خلال 3 أشهر .كما يجب أن نذكر  أن بعض الأحواض المائية الأساسية والتي تزود مناطق كبيرة بالمغرب لازالت تحث سقف "20 بالمائة", ملوية (12.5), أم الربيع (11.01), سوس ماسة (18.12) و زيز كيرغريس (16.68). هذه الأرقام تدعو وبكل مسؤولية لعقلنة الإستغلال المائي ،واتخاذ تدابيرصارمة للحد من الهدر المائي سواء في المجال الفلاحي أو المنزلي  أو السياحي أو غير ذلك من الإستعمالات. هذا العجز في المياه السطحية ومخزون السدود سيدفع بدون شك اللجوء إلى المياه الجوفية التي تعرف بدورها نقصا مهولا ،و لسد هذا العجز يجب إيجاد حلول مستدامة تضمن الأمن المائي للأجيال القادمة والبحث عن المصادر المائية الأخرى التي بدأت تشهد إقبالا كبيرا عليها خلال السنوات الأخيرة. 
القطاع الزراعي ساهم ب 14 بالمائة حسب أرقام (2020) والتي كانت سنة جفاف أيضا وهي أكبر نسبة في إجمالي الناتج الداخلي متقدما على قطاعي السياحة والصناعة. النمو الإقتصادي عموما رهين بتقلبات الأحوال الجوية وأرقام هذه السنة  قد تكون جاهزة بعد كل هذه التساقطات من طرف المحللين الإقتصاديين والخبراء في المجال، وإذا استمر جود السماء فالأرقام قد تكون جيدة بإذن الله.