الخميس 25 إبريل 2024
سياسة

محمد الطيار يحدد المفاتيح لتصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية

محمد الطيار يحدد المفاتيح لتصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية الدكتور محمد الطيار( يسارا)، وعناصر من تنظيم البوليساريو
برز انخراط عناصر البوليساريو في تنظيمات الجماعات الارهابية بمنطقة الساحل الإفريقي بشكل كبير طيلة العقود الماضية، وقد تجسد في العديد من الحالات،  سواء تعلق الأمر بالعدد الكبير من الأسر التي التحق أفرادها بالجماعات الإرهابية أو أعداد أرامل الملتحقين اللواتي فقدن أزواجهن.
ضمن دراسة، وثيقة اشتغل عليها الدكتور محمد الطيار، الباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، ينشر موقع
"أنفاس بريس"، أهم ما جاء فيها من معطيات تثبت بالدليل تصنيف جبهة البوليساريو ضمن المنظمات الإرهابية..

في السنوات الأولى من اندلاع نزاعها مع المغرب حول الصحراء، قامت الجزائر عند تشكيلها لمخيمات تندوف في النصف الأخير من عقد السبعينات من القرن الماضي، بعمليات استهدفت اختطاف العديد من المواطنين المغاربة الصحراويين، من مدن وبوادي الصحراء، وتم نقلهم قسرا إلى نواحي مدينة تندوف، كما قامت بحملة لتهجير سكان البوادي خلال سنتي 1980- 1981، من مناطق تيرس، زمور، شمال موريتانيا، ومن الحنك وأركشاش على الحدود المالية الجزائرية.

ومع توالي السنين، ازدادت حدة الأوضاع وظهرت أعداد كبيرة من الشباب العاطل عن العمل. وبحكم أن السلطات الجزائرية تمنع عليهم الاشتغال فوق أراضيها والاندماج بين ساكنة الجنوب، لم يجد شباب المخيمات، وكذا العناصر المجندة، بعد اتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991، مجالا آخر غير احتراف التهريب بكل أنواعه، والانخراط في نشاط الجريمة المنظمة والجماعات المسلحة والإرهابية في منطقة الساحل الإفريقي.

التحاق العديد من الشباب بالجماعات الإرهابية كان نتيجة لظروف إنشاء مخيمات تندوف وانسداد الأفق أمام الشباب مع توالي السنين، إضافة إلى تشجيع الأمن العسكري الجزائري لعملية انضمامهم للمجموعات الإرهابية التي أنشأها بمنطقة الساحل وأعلنت بيعتها لتنظيم القاعدة، وهي في الحقيقة من صناعة الأمن العسكري الجزائري.

تعرف مخيمات تندوف وجودا ملحوظا للفكر الراديكالي، والبداية كانت مع توجه في نهايات التسعينات من القرن الماضي، عدد كبير من طلبة المخيمات إلى الجزائر للدراسة في جامعاتها التي كانت تعرف آنذاك وجودا قويا للتيار السلفي، كما التحق أيضا عدد من الطلبة بمعهد جامعة الإمام محمد بن سعود السعودي في العاصمة الموريتانية نواكشوط الذي أغلق سنة 2003، والذي كان له دور كبير في نشر الفكر السلفي بين صفوف شباب المخيمات وموريتانيا.

انتشار مظاهر التطرف والراديكالية بمخيمات تندوف وتورط عناصر من البوليساريو ضمن خلايا إرهابية بالمنطقة، وظهور قيادات في تنظيمات إرهابية من قبيل داعش والقاعدة وغيرها من المنظمات الإرهابية التي تنشط في دول غرب أفريقيا والساحل، يعود إلى الوضع المزري واللاإنساني الذي يعيشه السكان المحتجزون في المخيمات. فبعد عقود من دفع شباب المخيمات إلى أحضان التنظيمات الإرهابية السلفية، عرفت السنوات الأخيرة أيضا إدخال نوع آخر من التطرف، تمثل في السقوط في براثن التطرف الشيعي المتمثل في فكر حزب الله اللبناني والحوثيين وباقي تنظيمات إيران، هذا التطرف الجديد وجد أمامه أرضا خصبة من التيه العقائدي وفقدان التوازن والانسجام الديني، والدعوة والتحريض علانية من طرف أئمة البوليساريو لاعتناق عقيدة الجهاد على طريقة حزب الله، في ظل تدهور الحالة العامة للمحتجزين، وزيادة الصعوبات في تلبية احتياجاتهم الأساسية وانسداد الأفق أمامهم، واستمرار النظام العسكري الجزائري في تمديد وتوسيع  معاناتهم.
 
أبرز العمليات الإرهابية التي قام بها مجندو البوليساريو
2003: أوقفت الشرطة الموريتانية في نواذيبو المدعو بابا ولد محمد باخيلي وهو جندي سابق في صفوف «البوليساريو»، بتهمة سرقة متفجرات وقد اعترف بأنه يعمل لحساب «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» الجزائرية.
2004: هجوم على قاعدة للجيش الموريتاني في منطقة “لمغيطي” على الحدود مع الجزائر، نفذته كتيبتان تابعتان لـ”الجماعة السلفية للدعوة والقتال”، تضمان عددا من عناصر مخيمات تندوف خاصة من المجندين السابقين في صفوف البوليساريو.
2005: الرئيس السابق لجبهة البوليساريو، محمد عبد العزيز، يؤكد في تصريح لجريدة جزائرية، أن عددا من شباب المخيمات يتبنى الأفكار الدينية المتطرفة بسبب اليأس وخيبات الأمل، حيث قال :”نحن لا نعيش في جزيرة وكل ما يمس أفريقيا، والعالم العربي والمغرب العربي يمسنا! من الممكن أن يؤثر الانتظار، وخيبات الأمل، فضلاً عن الأفكار السائدة في المنطقة المغاربية على الشباب بشكل خاص. قد يكون هناك شباب صحراويون مهتمون بالإسلام الراديكالي”.
2005: تفكيك خلية لاستقطاب الجهاديين في موريتانيا، اعتقل خلالها زعيم الخلية محمد الأمين ولد لوليد الملقب بمعاوية والمنحدر من مخيمات تندوف، وكان ضالعا في سرقة مخازن المواد الطبية والذخائر وقطع الغيار من المخيمات، وبيعها للجماعات الجهادية من خلال استخدام نقاط مخفية ومحددة عبر إحداثياتها بجهاز تحديد المواقع.
2007: في موريتانيا تم تفكيك خلية تابعة لـ»القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، وتضم بعض عناصر «البوليساريو».
2007: أوقفت السلطات المالية حكيم ولد أمبارك، وهو ابن مسؤول في «البوليساريو»، بعد أن ضبطت معه كمية كبيرة من حامض النتريك الذي يستعمل في التفجيرات، وقامت مالي بتسليمه لموريتانيا حيث حكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات.
2008: هجوم إرهابيين على السفارة الإسرائيلية في نواكشوط، ومن بين المنفذين عناصر لجبهة البوليساريو.
2009: في النيجر وقعت مواجهة بين «كتيبة طارق بن زياد» والجيش النيجري في منطقة «تلميس»، وقد شارك في كل تلك الأحداث صحراويون تلقوا تكوينهم العسكري في المعسكرات التابعة لجبهة البوليساريو، وجندهم أمراء تنظيم «القاعدة».
2010: اعتقلت وحدة من الجيش الموريتاني مهربين صحراويين بعد أن اشتبهت بهم، وتبين من خلال التحقيقات أنهم تابعون لمحمد ولد المهيدي المعروف باسم «اروبيو»، وهوأحد بارونات المخدرات المعروفين في المنطقة، وهو إطار سابق في المنطقة العسكرية الثانية التابعة لجبهة «البوليساريو»، ومقرب من قائد مصالح الأمن آنذاك محمد ولد ﺍﻋﻜﻴﻚ.
2010: ترحيل السلطات الموريتانية، عمر ولد سيدي أحمد ولد حمة المعروف بـ «عمر الصحراوي” إلى مالي، حيث أجرت السلطات الموريتانية صفقة مع تنظيم القاعدة، الصفقة التي انتهت بإطلاق مواطنين إسبانيين يحتجزهم التنظيم في مقابل ترحيل “عمر الصحراوي” من موريتانيا إلى مالي، رغم أن هذا الأخير ينتمي أصلا إلى “البوليساريو” كما تبين وثائق رسمية صادرة عن ما يسمى “الجمهورية الصحراوية“، نشرتها آنذاك الصحافة الموريتانية.
2011: اختطاف عاملين في مجال المساعدات الإنسانية، وهم إسبانيان وإيطالية، في مخيم الرابوني غير بعيد عن مقر إقامة محمد عبد العزيز، زعيم «البوليساريو» آنذاك . وتم نقل المختطفين الثلاثة إلى داخل الأراضي المالية، وتحديدا إلى منطقة “الخليل” قرب الحدود مع الجزائر، إلى أن تم تحريرهم بعد تسعة أشهر من تاريخ اختطافهم.
وكان ذلك الحادث بداية الإعلان عن “حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا”، وهي فرع منشق من تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، وقد تبنت العملية من خلال تصريح لزعيمها العسكري أنداك أحمد تيلمسي، وقد نفذ عملية الاختطاف مجموعة من عرب البرابيش، كانت ترشدهم مجموعة دعم من الصحراويين يقودها المدعوان أغظفنا حمدي ولد أحمد بابا، ومامينا ولد الفقير، وهما من سكان مخيمات تندوف، مامينا ولد الفقير وأغظفنا حمدي ولد أحمد بابا، اعتقلتهم السلطات الموريتانية غير أنها أطلقت سراحهم بعد ذلك مقابل الإفراج عن الرهائن الإسبانيين والإيطالية مع فدية مالية ضخمة لتنظيم «حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا».
2013: مكتبة مجلس الشيوخ الياباني يصدر تقريرا حول الإرهاب عبر العالم، الذي أنجزته وكالة استخبارات الأمن العام التابعة لوزارة العدل اليابانية، وقد خصص التقرير فصلا كاملا عن أنشطة الجماعات الإرهابية في مالي، كما وضع جبهة “البوليساريو” ضمن 42 تنظيما إرهابيا في إفريقيا، ورصد الصلات القائمة بين “البوليساريو” والقاعدة في جزيرة العرب وتنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».
2016: جاء في تقرير للأمين العام للأمم المتحدة المتعلقة بقضية الصحراء المغربية، أن جبهة البوليساريو، قامت بإحاطة البعثة بانتظام بالتهديدات المحتملة، من قبيل الهجمات الإرهابية وعمليات الاختطاف، واقترحت زيادة تدابير الحماية ورفع مستوى اليقظة”.
وفي نفس التقرير، يضيف الأمين العام للأمم المتحدة، “ويمثّل الشعور بالإحباط الذي شهدْته لدى أبناء الصحراء الغربية، مقترنا باتساع النطاق الجغرافي للشبكات الإجرامية والمتطرفة في منطقة الساحل والصحراء، زيادة في المخاطر التي تهدّد استقرار جميع بلدان المنطقة وأمنها”. 
2017: تأسيس “تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين” التابع للمخابرات العسكرية الجزائرية ويضم تحت مظلته مجمل المجموعات الارهابية التي بايعت تنظيم القاعدة في منطقة الساحل الأفريقي.. وهو ما عزز تحالف المصلحة الذي يقيمه هذا التنظيم مع عناصر من “البوليساريو” بشكل قوي، وهو ما شكل مستوى متقدما من الخطر على المغرب وموريتانيا وعلى باقي دول الساحل الإفريقي وتونس وليبيا.
2017: بعد استفحال أنشطة الإرهاب والجريمة المنظمة في مخيمات تندوف وتجاوزها للخطوط المرسومة، أصبح الأمن العسكري  الجزائري يتدخل بصفة متتالية،  مؤكدا بشكل رسمي بان مايقوم به يدخل في اطار  مايسميه بمحاربة الارهاب، بالمنطقة الحدودية الشناشن، شرق ولاية تندوف: “حيث دمر الجيش مركبتين رباعيتي الدفع فيما تم تحييد إرهابيين مروجي مخدرات واسترجاع كمية من الأسلحة والذخيرة”، حسب ما أفاده بيان لوزارة الدفاع الوطني الجزائري نشر آنذاك.
2017: قام الجيش الجزائري بقتل ثلاثة من عناصر “البوليساريو” خلال عملية أمنية قامت بها وحدة من الجيش الجزائري في مخيمات تندوف، وجاء في بيان صادر عن وزارة الدفاع الجزائرية، نشر على اثر التدخل، إن وحدات من الجيش قضت على ثلاثة مهربين ودمرت مركبتهم بمدينة تندوف. وأوضح البيان أن العملية أسفرت عن مصادرة رشاشين من نوع “أف أم”، وقاذف صاروخي من نوع “آربيجي”، وبندقية آلية من نوع كلاشنكوف”بي أ مأ كا”، كما شملت الأسلحة التي تمت مصادرتها في العملية، مسدساً آلياً ونظارة ميدان وجهاز اتصال عبر الأقمار الصناعية، بالإضافة إلى كمية كبيرة من الذخيرة.
والملاحظ أن بيانات وزارة الدفاع الجزائرية، استعملت عبارات مثل “تم تحييد إرهابيين” و”في إطار مكافحة الإرهاب”، لوصف ما قامت به ضد المهربين من عناصر “البوليساريو” داخل المخيمات وقرب مدينة تندوف.
2018: جاء في تقرير الأمم المتحدة: “واعتبر التهديد الذي يشكله الإرهاب استثناء إلى التهديدات المباشرة التي وردت خلال الفترة المشمولة بهذا التقرير وفي السابق، عاليا في شرق الجدار الرملي.. فالدوريات البرية شرق الجدار الرملي محدودة في نطاقها أثناء النهار ولا تعمل ليلا”، مضيفا “أن القوافل اللوجستية عرضة للخطر وتعتمد على الاستطلاع الجوي المسبق للطرق وما زال يساورني بالغ القلق إزاء الأمن في الصحراء الغربية، ولاسيما في المنطقة الصحراوية الشاسعة والفارغة الواقعة شرق الجدار الرملي، حيث يظل مراقبو البعثة العسكريون غير المسلحين معرضين لتهديدات الجماعات الإجرامية والإرهابية. ولاتزال التحركات البرية للبعثة في شرق الجدار الرملي عُرضة للخطر بوجه خاص، الأمر الذي أدى إلى ضغط كبير على موارد الطيران المحدودة في البعثة للتحقق من الطرق التي تسلكها”. يؤكد نفس التقرير الأممي، وقد اكدت استمرار هذا الوضع  تقارير الأمين العام للأمم المتحدة اللاحقة ،المتعلقة بقضية الصحراء المغربية.
2022: الأمين العام للأمم المتحدة، “أنطونيو غوتيريش”، يقول خلال مؤتمره الصحفي:  “إن الإرهاب يتنامى في منطقة الساحل ويقترب أكثر فأكثر من السواحل.. من مصلحة الجميع التوصل إلى حل نهائي لمشكل الصحراء”، مؤكدا “أن الوقت قد حان لكي تدرك الأطراف الحاجة إلى حوار يفضي إلى حل وليس الإبقاء على عملية لا نهاية لها”.