الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

ادريس المغلشي: ضياع صرخة

ادريس المغلشي: ضياع صرخة ادريس المغلشي
ماوقع مؤخرا بملعب الأمير مولاي عبدالله بالرباط، بعد انتهاء مباراة كرة القدم، يعيد إلى أذهاننا تحذيرات جاءت على لسان السوسيولوجي محمد جسوس. كصرخة مدوية لم نلق لها بالا بقدر نبرتها وإحساسها بهول الأزمة والتي أماطت اللثام على كثير من أعطابنا الداخلية، وحذرتنا بشكل استباقي إلى مانعيشه اليوم.
كثيرة هي الأفكار التي جاءت في المداخلة والتي ألقاها بالمناسبة أمام شباب الحزب وكأنه يثير الإنتباه لنتائج قبل وقوعها، وهانحن اليوم نعيشها أحداثا مؤلمة تثير لدينا أسئلة مقلقة تطرحها كإشكال عميق على مؤسسات الدولة.
الحدث يسائلنا جميعا، والكل يتحمل مسؤوليته فيماجرى لأسباب عديدة  ليست المرة الأولى التي تظهر فيها تلك الصور المشينة للشغب وهو يجتاح فضاءاتنا الآمنة ويسعى لخلخلة رصيدنا القيمي .لقد أصبحنا أمام جحافل من الفوضويين لاحاجز ولارادع لهمجيتهم. لكن دعونا نشرح هذا الواقع المؤلم الذي لم نستطع وبصراحةشديدة الحد منه أو التقليص من خطورته. ومادامت كل المقاربات تعطلت حركتها بدون نتيجة وهي تعلن فشلها. لقد تنحت جانبا على الأقل فيما نشاهده كل مرة ويصدمنا لدرجة لانستطيع لا التعليق على الحدث ولا ردة فعلية تقارب الموضوع في شموليته. الجانب الأمني وهو ضروري لكن ليس لوحده. صحيح أن الكل معني بالظاهرة ومطلوب منا جميعا الإنكباب على أسبابها.
قبل التطرق لما حدث لاننسى ماوقع ذات ليلة بحي البرنوصي حين خرجت عصابة من الوحوش البشرية تحاول اعتراض أناس قدرهم الوحيد أنهم مروا من هناك ولولا ألطاف الله  وتدخل أجهزة الأمن لوقعت الكارثة. في الحقيقة الحدث أفرز كثير من التمظهرات وراجع لأسباب عديدة  سنقف على بعضها للإستئناس فقط وإلا فالحديث يطول حول الموضوع .
خذ كمثال بعض وسائل الإعلام التي تبنت الإثارة بهدف اقتصادي بدل التأطير والتوعية. عقب ماوقع أستمع لمذيع في قناة خاصة بالرياضة وهويقوم بتحليل الواقعة عوض الإستفادة واستثمارالمعلومات حول الحدث بطرح أسئلة آنية تحرج الضيوف. احتكر الكلام وتناول الموضوع بلسان الشارع بعيدا كل البعد عن رسالة الإعلام. خطاب رديء ومستفز ويبعث على الإشمئزاز لايختلف عما نسمعه في الأزقة ويرتكز على قاعدةالصراع من أجل جلب كثير من المتدخلين سواء بالهاتف أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وهي كلها آليات مذرة للدخل ليس إلا. ولا تختلف عما نشاهده من التفاهات الأخرى. وبالتالي أين هي رسالة الإعلام؟ ، وأين أجهزة المراقبة (الهاكا) مثلا من أجل إيقاف النزيف؟.
الإعلام أيها السادة مؤطر وحامل لقيم وليس مؤسسة تسعى للربح على حساب هويتنا وأخلاقنا. الصورة الثانية التي لاتقل قتامة ودلالات معبرة. سيارات الأمن التي تقل من تم ضبطهم من القاصرين، يقادون مثنى مثنى للمحكمة مصفدين. عدسة الكاميرا تخطف نظرة من طرف الشارع المقابل. من سيكون هناك يترقب ويتابع الأمر دون الصحفيين وبعض الفضوليين؟ من الطبيعي أمهات الجناة. أغلبهن من أسر مقهورة حالتهن بادية للعيان .لكن أثر الحدث ووثيرته لن تخفف منه دموع هنا وصياح هناك. فالأسرة منذ مدة قدمت استقالتها من التربية. وتركت الشارع يفعل فعلته.
المدرسة كعامل رئيسي لايختلف إثنان على أن دورها في تربية النشء شوش عليه كثير من الدخلاء من مسؤولين ساهموا في تردي المنظومة وإفراز وصناعة جحافل من المنهزمين والمنحرفين الذين لايتوانوا في ردة فعل مدمرة نظير الحيف والغبن الذي صادر حقهم في الطمأنينة والأعتزاز بهذاالوطن. لقد أصبحت المؤسسة مفتوحة على كل الظواهر المشينة لأن هناك من أضعفها من الداخل من خلال دوامة من المشاكل لاحصر لها ، حوصرت بمتدخلين كثر استهدفوا بالأساس استقرار مركز التأثير والتغيير، الأستاذ من خلال غياب كل مقومات ردالإعتبار الكفيلة بضمان دور أفضل. دون التكلم عن كثير من البرامج التي انفق من أجلها كثير من المال العام دون نتيجة ودون تقييم ولامحاسبة.
هناك أحداث تصنع الفرحة الجماعية قد تنسينا هذه الأمراض لكن لايجب أن تكون مسكنات للحظة وجيزة يركب عليها بعض المنتفعين الذين لايهمهم  سوى أطماعهم الشخصية بإسم السياسة أو غيرها ولا يهم الوطن. إلى هؤلاء وغيرهم نقول: إثقوا الله في وطنكم ...!