الجمعة 26 إبريل 2024
فن وثقافة

مصطفى حمزة يحكي جوانب من التاريخ الراهن لبلاد أحمر (ح / 4)

مصطفى حمزة يحكي جوانب من التاريخ الراهن لبلاد أحمر (ح / 4) مصطفى حمزة مع جانب من مدرسة الأمراء وسجن الشماعية

في لقاء لجريدة "أنفاس بريس" مع الباحث مصطفى حمزة، المتخصص في التاريخ المحلي والجهوي، بخصوص حلقات حول: "جوانب من التاريخ الراهن لبلاد أحمر"، أشار بالقول: " إننا عادة ما يكون عدم اهتمامنا ببعض الأحداث، والأمكنة وغيرها من تراثنا المادي واللامادي رغم أهميتها المادية والمعنوية، سببا في زوالها واندثارها، وبذلك نفقد جزءا مهما من ذاكرتنا".

وانطلاقا من هذه الملاحظة، شدد الباحث مصطفى حمزة قائلا: "يتضح أننا ضيعنا جزءا كبيرا من تراثنا المادي واللامادي". مضيفا بأن ما ضيعناه على سبيل المثال لا الحصر بإقليم اليوسفية بقبيلة أحمر من معالم ومواقع أثرية وتاريخية يتمثل في "معلمة القصبة الإسماعيلية، ومدرسة الأمراء العلويين، إلى جانب الحاضرة الفوسفاطية التي بدأت تخضع للتشويه، فضلا عن بنايات حي (الديور الجداد)، ومراكز قرية سيدي أحمد، والقرية الفوسفاطية المزيندة، والأحياء العمالية، وقصبات الكثير من القواد، دون الحديث عن معلمة معصرة السكر بمنطقة سيدي شيكر...".

وأكد رئيس جمعية أحمر للتنمية والأعمال الاجتماعية (مصطفى حمزة) إلى أن الإهمال جعلنا نضيع كذلك "العديد من الأهازيج والأغاني النسائية، والأحاجي، والألعاب الشعبية، والكثير من الكلمات التي كانت تشكل ثروة لغوية، كما ضيعنا العديد من أسماء الأعلام البشرية والجغرافية".

ورغبة منه في المساهمة في توثيق و الحفاظ على تراث المنطقة، قرر الباحث مصطفى حمزة الشروع في الكتابة عن بعض الأحداث والوقائع من تاريخنا الراهن، وأن تكون البداية بـ "سجن الشماعية" القديم والذي انقرضت معامله بمدينة الشماعية، لكونه استقبل شخصيات وطنية كان لها وزن كبير عند الحمريين والمغاربة، يذكر منهم: (الفقيه عبد السلام المستاري، أحد الموقعين على عريضة المطالبة بالاستقلال، والوطني محمد بن الطبيب الآسفي، والحاج أحمد زغلول أحد أبرز الوطنيين ببلاد أحمر..)

 

مشاهد من معاناة سجناء سجن مدينة الشماعية

 

لولا الإفادات التي أمدتنا بها مذكرات بعض الوطنيين ، والروايات الشفوية المتداولة محليا حول سجن مدينة الشماعية (القصبة الإسماعيلية سابقا)، لظل أمره نسيا منسيا، خاصة وأنه كان يوجد في مدينة صغيرة وقليلة السكان، كما أن المشرفين عليه كانت لهم رغبة في إخفاء خباياه.

وهكذا كشفت لنا هذه الوثائق عن الظروف القاسية داخل هذا السجن، وأشكال أنواع التعذيب التي كان يتعرض لها السجناء، كما كشفت لنا عن أسماء مجموعة من الوطنيين الذين ذاقوا مرارة الاعتقال بهذا السجن، نذكر منهم:

 

1 ـ أحمد بن إبراهيم زغلول: تسلمته المراقبة المدنية بمدينة الشماعية سنة 1944م، بعدما قضى مدة ثلاثة أشهر بسجن "أغبالو" وهي المدة التي حكم بها على الطلبة الأفاقيين الذين كانوا يدرسون بالقرويين، بعدما ضبطتهم سلطات الاحتلال وأحد الوطنيين يقرأ عليهم وثيقة المطالبة بالاستقلال، ونظرا لوطنيته وللخطورة التي يمكن يشكلها على المراقبة المدنية المحلية، أدخله المراقب المدني السجن، وكان يرغب في تمديد فترة اعتقاله، ولما علم القائد العربي بلكوش برغبة المراقب المدني، تدخل وطلب منه الإفراج عن الشاب أحمد زغلول لكونه قضى المدة المحكوم عليه بها بسجن أغبالو، ولا يمكن سجنه بالشماعية في غياب أي سند قانوني، وأكثر من ذلك رفض اقتراح المراقب المدني بأن يكون فك سراح الشاب أحمد على ضمانته، مشيرا إلى أن الشاب أحمد هو ابن المنطقة وله أسرة معروفة.

 

الواقع أن موقف القائد العربي بلكوش وفي الفترة التي نتحدث عنها، هو ترجمة حقيقية لوطنيته الصادقة وللعلاقة التي كانت تجمعه بالوطنيين سواء بأسفي من أمثال: الفقيه عبد السلام المستاري، وإدريس بناصر... أو بفاس مثل: إدريس بن بوشتى، هذا إلى جانب العلاقة التي كانت تربطه بوالد أحمد زغلول، والحظوة التي كانت لهذا الأخير عنده.  

 

من هو أحمد بن إبراهيم زغلول؟ 

 

أحمد زغلول من القادة المؤسسين للحركة الوطنية ببلاد أحمر وأساسا بمدينة "لوي جانتي" من مواليد 1916م، تتلمذ على يد الفقيه الكانوني بأسفي، وباقتراح من القائد العربي بلكوش، انتقل إلى أولاد بن السبع ليدرس هناك رفقة المختار بن العربي بلكوش، وقد استغرقت مدة دراستهما هناك أربع سنوات، درسا خلالها مبادئ النحو والفقه واللغة ، وبتشجيع من القائد العربي بلكوش وتحفيز منه، شدا الرحال إلى مدينة فاس سنة 1933م لدراسة الحديث وأصول الدين ومختلف العلوم...بالقرويين ، وقد كانت مدينة فاس خلال هذه الفترة تعيش أحداثا مهمة، كان لها بالغ الأثر على شباب المغرب ومن ضمنهم طلبة القرويين .