الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

مجلة عالم التربية تصدر عددا جديدا تقارب فيه إشكالية التعليم الخصوصي ورهان الجودة

مجلة عالم التربية تصدر عددا جديدا تقارب فيه إشكالية التعليم الخصوصي ورهان الجودة عبد المومن طالب مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين إلى جانب غلاف الكتاب
صدر، مؤخرا عن مطبعة النجاح الجديدة، العدد الثلاثون من مجلة عالم التربية التي يديرها عبد الكريم غريب ويرأس تحريرها بوشعيب الزين، ويشارك في هيئة تحريرها ثلة من الأساتذة الباحثين الذين يحملون هم الارتقاء بأداء المنظومة الوطنية للتربية والتكوين، من مواقع مختلفة، برؤية شاملة ومتكاملة. ويضم العدد 560 صفحة من الحجم الكبير، أفردته لمقاربة إشكالية التعليم الخصوصي ورهانات الجودة في إطار أسلوبها القائم على المحاور والملفات، إذ انطوى هذا العدد على مواد توزعت بين مقالات قيمة، لباحثين مختصين ومهتمين من المغرب والمغرب العربي الكبير، وخلاصات ومخرجات لدراسات وندوات علمية ستسهم ولا شك في إغناء الموضوع وإثرائه، فضلا عن مقابلات وحوارات مع مفكرين ومسؤولين وفاعلين اجتماعيين وتربويين في قطاع التربية الوطنية، وقد ذيلت المجلة محتوياتها بقراءت في بعض الإصدارات ذات الصلة باهتماماتها وخطها التحريري، صدرتها بتقديم قراءة في كتاب “من أجل ثورة ثقافية بالمغرب” لشخصة العدد المفكر والباحث حسن أوريد. وهكذا، وضمن باب حوارات، أجرت المجلة حوارين عميقين وشاملين مع كل من المفكر والمؤرخ حسن أوريد، والأستاذ عبد المومن طالب مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء سطات.
 
ففي الحوار الأول يقدم المفكر والمؤرخ حسن أوريد  تصوره الخاص  لأدوار ووظائف المنظومة الوطنية التربية والتكوين بالمغرب، إذ يعتبرها قاطرة -لا مقطورة- لتحقيق التنمية، ويدعو إلى إصلاحها إصلاحا جذريا؛ منطلقا من أن الأنظمة التعليمية تلعب دورا حاسما في بناء الرأسمال البشري، لذا، تشتد مسؤولية الأمم في الرهان عليها لتحقيق النهضة والتنمية المجتمعية، ومن تم يدعو إلى إخضاعها لإصلاح جذري، إصلاح لن يتحقق إلا بثورة ثقافية تنهض على طموح جماعي، قوامه الإيمان بأمة جامعة، ودولة مؤسسة على عقد اجتماعي وقيم ماسكة، وثقة بين مكوناتها، وغاية مرسومة، وسبل محددة المعالم.. وفي معرض جوابه عن أسئلة مجلة عالم التربية التي تتعلق بالتعليم الخصوصي، يشدد الكاتب على أن التعليم شأن مجتمعي وقضية حيوية بالنسبة للدولة التي يتعين عليها ألا تنفض يدها من التعليم العمومي، وتسلمه للقطاع الخاص، تحت أي ذريعة كانت، ويدعو في هذا الإطار، الى تبني مفهوم تعليم وطني بمرفقين: عمومي وخصوصي، تكون العلاقة بينهما علاقة تعاون وتكامل وتضامن، علاقة مبنية على الثقة واحترام الضوابط القانونية والإدارية والبيداغوجية.
 
كما استضافت مجلة عالم التربية الأستاذ عبد المومن طالب مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء سطات، في حوار شامل ودقيق، حول تجربة الأكاديمية في تدبير التعليم المدرسي الخصوصي من حيث الجوانب المضيئة، وكذا النقط التي يتعين أن تكون موضوعا للتطوير؛ وتشكل مضامين هذا الحوار بالنسبة إلى القارئ والمهتم مرجعية خصبة حول حصيلة  الأوراش والمشاريع الاستراتيجية الجهوية لتفعيل مقتضيات القانون الإطار51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وضمنها مشروع تطوير وتنويع العرض المدرسي المرتبط بالتعليم الخصوصي بمنظومتنا التربوية، وهي مرجعية متسمة بدرجة من الموضوعية والتمثيلية وفق المفهوم البراكسي للسوسيولوجيين، ومفهوم المعرفة المطبقة للإبيستيمولوجيين؛ لأن معطيات هذا الحوار نابعة من واقع عينة تمثيلية تتجاوز نسبة 20% من  ساكنة المجتمع.
 
هذا الحوار، قدم  مدير الأكاديمية معطيات وأرقاما عن الحصيلة المرحلية لتنفيذ المشاريع الاستراتيجية لتنزيل مقتضيات القانون الإطار برسم سنة 2021، ومشروع برنامج العمل الجهوي متعدد السنوات، معطيات تدل على التقدم الملحوظ في المؤشرات الجهوية الخاصة بالإنصاف، والجودة، والارتقاء، ولاسيما مجال الشراكة الذي تميزت به الأكاديمية وطنيا، إذ تعتبر الأولى في تعبئة الموارد المالية الذاتية عن طريق الشراكة؛ مما مكن من توفير تمويلات خارجية بلغت 551 مليون درهم بزيادة تفوق 229في المائة مقارنة مع سنة 2017. وكان الحوار مناسبة استشرف فيه السيد المدير آفاق العمل في إطار مخطط جهوي واقعي وطموح، يتغيا الرفع التدريجي للمؤشر الجهوي الخاص بجودة التعليم.
 
ولاستكمال الصورة، استطلعت المجلة آراء الأسر والفاعلين المعنيين؛ حيث حاورت جمعية اتحاد التعليم والتكوين الحر بالمغرب في شخص جواد الدادسي متحدثا رسميا باسمها، وسعيد كشاني رئيس الكونفدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وأباء وأولياء التلاميذ، ومحمد تامر نائب رئيس الفدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، وقد التقت آراؤهم في أهمية اضطلاع التعليم الخصوصي بأدواره ووظائفه، في إطار شراكة  صلبة مع التعليم العمومي، بمؤشرات مرجعية دقيقة وملزمة للطرفين، داعين القطاع الوصي إلى التعجيل بإصدار النصوص التطبيقية للقانون الإطار ذات الصلة بمنهجية تشاركية.
 
وفيما يخص الجانب المتعلق بالمقالات، تم تناول مختلف جوانب الإشكالية بمشاركة أساتذة باحثين وفاعلين تربويين في المجال، ونذكر على سبيل التمثيل لا الحصر مقال عبد الناصر ناجي الموسوم بـــ" موقع التعليم الخاص من التعليم العمومي من التمايز إلى التكامل"، ومقال المصطفى العيناوي وعبد المجيد يونوسي تحت عنوان المدارس الخاصة بالمغرب بين الانطلاقة والآفاق، ومساهمة عبد الرحيم العيادي الموسوم بـــ التعليم المدرسي الخصوصي: قراءة في مسار الإصلاحات التربوية، و دراسة لحالة  تتعلق بنظام تكوين الأساتذة بالمؤسسات الخاصة وسؤال الجودة للحسن التوبي، ومقال التعليم الخصوصي بالمغرب والعدالة المجالية لجمال بندحمان، ومقال لبوشعيب الزين  موسوم بالتعليم الخاص بين الوضع الراهن ومقتضيات القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، ومقاربة تحليلية وصفية في الرؤية الاستراتيجية تهم دراسة حول التعليم الأولي بالمغرب وتطوير استراتيجيات التعلم لفاطمة الزهراء الكتاني وعبد القادر أزداد، كما تضمن العدد مساهمة  لفؤاد الصفا يطرح فيها سؤالا إشكاليا حول إمكانية قيام تعليم خصوصي مواطن بالمغرب ويقدم إجابات عنه.. وينطوي العدد أيضا، على مقالات أخرى تصب في الاتجاه نفسه، نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر، المدرسة الخصوصية في ظل التحولات المرافقة لجائحة كوفيد 19 –أسئلة في الجدوى والوظيفة، لنزهة خلفاوي، والتعليم الخصوصي وتطوير الممارسات البيداغوجية، لعبد الكريم غريب...
 
وفي باب كتب للقراءة، يجد القارئ ضمن العدد قراءة في كتاب "من أجل ثورة ثقافية في المغرب" لمؤلفه الدكتور حسن أوريد أنجزها بوشعيب الزين، وورقتين تقديميتين للروائي مصطفى ساسي تهمان العدد 11 لمجلة الربيع حول المسألة اللغوية بالمغرب، ومختصر عن كتاب جماعي موسوم بـ "نموذج تنموي قوامه التربية".
 
وحسب افتتاحية المجلة، فإن اختيار التعليم الخصوصي ملفا للعدد يعود إلى مفارقة صارخة تتمثل في كونه يمثل حسب النصوص الرسمية للإصلاح التربوي شريكا أساسا للتعليم العمومي في كسب رهان الجودة، بيد أنه على مستوى الواقع، يخفق في كسب هذا الرهان وأداء الأدوار المنوطة به، بل ويبدو الطابع التربحي والريعي واضحا في توجهه، حيث يبلغ  منتهاه في أول محك حقيقي مع التداعيات الأولى للجائحة، وهو ما جعل المجلة تشبهه بجبل الجليد الذي يخفي في العمق عوائق حقيقية ومفارقات صارخة؛ لذلك سعت المجلة في إطار مواكبتها النقدية للإصلاح إلى تشريح ظاهرة التعليم الخصوصي؛ بما يشخص العوائق الحقيقية التي تحول دون الوفاء بالالتزامات وتحقيق النتائج المرجوة من الشراكة المبرمة مع قطاع التعليم العمومي، وطرح أسئلة حقيقية حول محددات وأسباب بطء الإصلاح، إذ بعد مرور أكثر من سنتين على صدور القانون الإطار بالجريدة الرسمية؛ فإن مقتضياته تظل دون تفعيل، حيث يسجل بطء ملحوظ في إعداد وإصدار النصوص التطبيقية لهذا القانون، ولاسيما تلك المتعلقة بنظام الترخيص، والاعتماد، والاعتراف، والتقييم، والتحفيز، ورسوم التسجيل والدراسة والتأمين، والخدمات ذات الصلة بمؤسسات التربية والتكوين الخاصة.

   عالم التربية