الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

صافي الدين البدالي: 8 مارس اليوم العالمي للمرأة و التحولات الكبرى

صافي الدين البدالي: 8 مارس اليوم العالمي للمرأة و التحولات الكبرى صافي الدين البدالي
يأتي يوم  8 مارس لهذه السنة في سياق دولي يتسم بعدة تحولات على مستوى السياسي و الإقتصادي و الإصطفافات   الدولية المحتملة بعد حرب أوكرانيا. وبالرغم من ذلك، يبقى ليوم 8 مارس من كل سنة  دلالته الإنسانية التي تستحق  الإحترام  و التقدير للمرأة  في بلادنا و في بلدان العالم، لأنها تعتبر نصف المجتمع، إن لم نقل بأنها هي المجتمع ككل، لدورها الإنساني والإجتماعي والثقافي والتربوي والإقتصادي.. 
لقد تقرر الإحتفال بهذا اليوم بعد كفاح مرير للمرأة في أمريكا و في أوروبا ، مثل  نساء  خرجن بالآلاف سنة  1856  في شوارع مدينة نيويورك  للإحتجاج على الظروف اللاإنسانية التي كن يعملن فيها، ثم الإضرابات التي ظلت تخوضها المرأة العاملة في أمريكا  لفرض حقوقها على السياسيين والباطرونا. وكان ذلك إمتدادا  للمظاهرات النسائية في بريطانيا وغيرها من الدول التي عرفت إنتفاضة المرأة ضد التمييز و عدم المساواة. وفي عام 1911 تم الإحتفال لأول مرة بعيد المرأة  في  كل من النمسا والدانمارك وألمانيا وسويسرا  وذلك في 19 مارس، ومن بعد ذلك تقرر تحديد يوم 8 مارس عام 1913، وتم الإحتفال به منذ ذلك اليوم إلى الآن، واعترفت الأمم المتحدة بهذا اليوم في عام 1975.  لكن تختلف الإحتفالات من بلد لآخر بيوم 8 مارس، ففي بعض الدول يتم التغاضي عن السمة السياسية التي تطبع يوم المرأة حتى يصبح شبيه بيوم الأم، ويوم الحب.  ولكن في دول أخرى يكون الإحتفال باليوم العالمي للمرأة  له  طابع  سياسي  قوي، وله   شعارات إنسانية  حقوقية و إقتصادية و إجتماعية و ثقافية و سياسية و هي شعارات من قاموس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان،  للتوعية الإجتماعية بنضال و كفاح المرأة . حتى أن بعض الدول جعلت من هذا اليوم يوم إجازة بالنسبة للنساء حتى يحتفلن بعيدهن الأممي  ومن هذه الدول  نذكر، الصين الشعبية و كوبا و روسيا . وكان ذلك على إثر عقد أول مؤتمر للإتحاد النسائي الديمقراطي العالمي والذي عقد في باريس عام 1945. ومن المعروف أن إتحاد النساء الديمقراطي العالمي يتكون من المنظمات الرديفة للأحزاب الشيوعية. 
ولم تكن المرأة المغربية غائبة عن الساحة النضالية والسياسية والثقافية إلى جانب أختها المرأة في العالم ، بل كانت حاضرة ضد الإستغلال وضد الإستعمار وضد التخلف منذ زمن بعيد ، حيث شاركت في الجهاد ضد الإستعمار و في نشر الوعي والتربية والعلم . وبفضل حضور النساء المتميز والصمود المستمر تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في  1979 اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة . هذه الإتفاقية التي وجدت إمكانية تنزيلها في الدول الديمقراطية كي تحظى المرأة بكافة حقوقها، السياسية و الثقافية و الإجتماعية والإقتصادية كما تنص على ذلك الإتفاقية في موادها من 6 إلى 16. إذ أن للمرأة  الحق في المعاش حتى و لو لم تكن تشتغل، ولها التغطية الصحية مجانية  كاملة أتناء  الحمل و عند الولادة و بعدها و لها تعويض عن تربية الأطفال. كمأ أنها تحظى بالحقوق الشغلية دون تمييز، بل أنها تستفيد من التقاعد في سن لا يتجاوز 54 سنة. لكن بالمقابل لا تزال  المرأة المغربية تعيش كل أشكال التمييز الذي تنبذه إتفاقية حقوق المرأة، إنها لا زالت تعيش تحت وطأة  إستغلال . إنها عند الولادة أصبحت  بضاعة مربحة لعيادات التوليد، عكس ما نراه في الدول المتقدمة . وفي الشغل  تعمل بدون  تغطية صحية ولا تأمين عن حوادث الشغل، ولنا أمثلة كثيرة في ذلك،  نذكر منها العاملات الزراعيات ضحايا إنقلاب الشاحنات التي كانت تنقلهن  إلى الضيعات الزراعية  في الجنوب و في  الشمال وهناك من  تزهق أرواحهن  في  المصانع السرية للخياطة  في مدن الدار البيضاء و غيرها , هذا دون ان ننسى معاناة  "الصخارات " كما يصفهم  الذين يستغلون  فقرهن، ولو أن الوسائل الرسمية  للدولة تحاول التخفيف من هذا الوصف، لأنه لا إنساني  إطلاقا ويوحي إلى العبودية، فتسميهن بخادمات البيوت،  بدون أن يكون هناك قانون يحميهن من الإستغلال الوحشي أما بالنسبة للأمية فإن نسبة الفتيات و النساء من المخزون الإجمالي للأمية هي 66 % مقابل 44 %   للذكور سنة 2014 . و أن الإحصاء العام للسكنى لسنة 2014 حدد نسبة الأمية في صفوف النساء في 42,1 %   بالمقابل حدد نسبة  22,2  %   بالنسبة للرجال. 
إن حقوق المرأة في القرى و في أوساط الأحياء الشعبية لم تصلها بعد رياح إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لأن رياح الديمقراطية لا زالت بعيدة المنال.