الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

أنغير: حقوق المسيحيين المغاربة تكفلها إمارة المؤمنين

أنغير: حقوق المسيحيين المغاربة تكفلها إمارة المؤمنين بوبكر أنغير، المنسق الوطني للعصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان
معلوم أن في المغرب مجموعة من الأقليات الدينية، كحقوقيين كيف تقيمون مكانة الحريات الدينية في التشريعات والقوانين الوطنية؟
الدستور المغربي لسنة 2011 كان واضحا في ما يخص التزام الدولة المغربية باحترام حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا. على صعيد الواقع فالمغرب لا يعيش أزمة في هذا المستوى وكل الأديان تتعايش بحرية ومسؤولية، كما أن المجتمع المغربي لا  يشكل لديه التعدد الديني أي عقدة. التشريعات الوطنية تجرم الكراهية والتطرف والتمييز لأي سبب كان. لكن هذه الوضعية المطمئنة على صعيد الدولة والمجتمع لا يجب أن تغيب عنا حاجة المغرب الماسة إلى المزيد من الجهود من أجل ترسيخ ثقافة التنوع واحترام كل الأديان واحترام القناعات الفردية لكل أفراد المجتمع، والتربية على التسامح واحترام الآخرين يجب أن تكون  في صلب المناهج الدراسية في جميع المستويات.
 
أعداد لا بأس بها من المغاربة قرروا اعتناق المسيحية، ما تقييمكم لوضعيتهم الحالية على المستوى الحقوقي مقارنة بنظرائهم اليهود والمسلمين وبالمسيحيين الأجانب أيضا؟
لا أعداد لدي بخصوص المغاربة الذي اختاروا الدين المسيحي كعقيدة، ولكن مبدئيا وحقوقيا تغيير الدين أو العقيدة هو حق تكفله لهم المواثيق الوطنية والدولية ومن صميم الحريات الفردية، ويجب أن يعاملوا معاملة لائقة بدون تمييز أو تضييق على حرياتهم. كما أن من حقهم ممارسة التعبد سرا أو علانية في أماكن يختارونها. الدولة كذلك مطالبة بحمايتهم وتوفير كل ضمانات ممارسة حقوقهم الدينية. ويجب أن يعامل المواطن المغربي على أساس المواطنة وخدمته لوطنه وليس بناء على دينه، فاليهودي المغربي والمسيحي المغربي والمسلم المغربي واللاديني المغربي كلهم مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات والوطن يجمعهم جميعا. عهد محاكم التفتيش والقتل على الهوية والاستعباد لمبرر ديني أمر مرفوض ومتجاوز ولم يعد مقبولا في ظل التراكم الحقوقي والديمقراطي الذي راكمته البشرية في سبيل تحقيق العدالة والمساواة بين جميع الأفراد بغض النظر عن دينهم وجنسهم ولغتهم.
 
يشتكي المغاربة المتدينون بالمسيحية من عدم السماح لهم بتأسيس إطارات مدنية تمثلهم أو السماح لهم بتأسيس كنائس لأداء شعائرهم الدينية، ألا يتعارض ذلك مع الخيارات الديمقراطية للمغرب والتزاماته الدولية؟
من حق المغاربة المتدينين بالمسيحية السماح لهم  بتأسيس وتشييد الكنائس لأداء شعائرهم الدينية، فهذا من صميم حقوق الإنسان. وأظن أن الدولة المغربية لا مشكل لديها في الأمر باعتبار أن جلالة الملك محمد السادس هو أمير كل المؤمنين بجميع الأديان، فهو الساهر والضامن على تمتع الجميع بحقوقهم الدينية المشروعة. أما عن تأسيس إطارات دينية خاصة بهم فالقانون المغربي يجرم تأسيس إطارات ذات خلفيات دينية أو عقائدية، وهذا يسري على الجميع يهودا ومسلمين ومسيحيين. الأهم لبلادنا هو أن يعمل الجميع في الإطارات المدنية الديموقراطية بدون اعتبار لديانتهم أو جنسهم أو لغتهم، لأن فتح الباب أمام الأقليات الدينية  لتأسيس إطارات طائفية سيحمل مخاطر على المجتمع. المواطنة أولا وأخيرا.
 
من بين النصوص القانونية التي يشتكي منها مسيحيو المغرب الفصل 220 من القانون الجنائي الذي يعتبرونه مقيدا لحقوقهم الدينية. ما مدى دستورية هذا الفصل؟
المادة 220 من القانون الجنائي  في نظري يجب تغييرها وإلغاؤها، لأنها أولا خارج سياق التراكم الحقوقي المغربي ومنافية للمواثيق الدولية، كذلك هي مادة حمالة أوجه وفيها عبارات فضفاضة قد تستغل للمس بحقوق الإنسان. في نظري القانون الجنائي المغربي لا بد أن يساير التراكم الحقوقي الوطني والدولي وأن يضع تحقيق العدالة واحترام الحريات الفردية والجماعية في صلب أولوياته. فتغيير الدين أو اختيار عدم التدين لا يجب أن يعتبر انتقاصا من الأديان الأخرى أو زعزعة لقناعة المسلمين أو غيرهم،  فالأصل في اختيار الدين هو الاقتناع والاحتكام إلى قواعده وتعاليمه بكل طواعية واختيار. أما أن نكره المواطنين على نوع واحد من التدين فهذا أمر مناف في صلبه للدين الإسلامي نفسه الذي شعاره “لا إكراه في الدين” وفي الآية الكريمة من سورة يونس: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ.
 
بغض النظر عن دستورية هذه المادة، ألا تتعارض مع المواثيق الدولية التي نص الدستور على سموها على القانون الوطني؟
المادة 222 من القانون الجنائي في نظري المتواضع يجب إزالتها تماما من التعديلات المقترحة على القانون الجنائي، لأنها مادة تراجعية  متخلفة عما حققه المغرب في مجال حقوق الإنسان، ثانيا هي مادة منافية للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي التزم بها المغرب دوليا. وثالثا هي مادة فضفاضة في معانيها وتفتح التأويلات الكثيرة على ما يسمى بالإكراه الديني أو زعزعة العقيدة وكثير من المفاهيم غير القابلة للقياس والتدقيق، مما يفتح باب الأضرار واسعا في تطبيقها، لأنها تفتح أبواب السلطات التقديرية للمشرع مشرعة بدون تقييدات ضرورية.
الأصل في الأمور كلها الحرية والتشريع يجب أن يحمي الحريات الفردية والجماعية لا أن يقيدها، فالمجتمع والدولة يتطوران بقدر تمتع المواطنات والمواطنين بجميع الحقوق وبالضمانات الكافية والضرورية للتمتع بها. والحريات الدينية من صميم الحريات التي يجب أن يتمتع بها المواطنون والمواطنات بدون قيد أو شرط.