Tuesday 8 July 2025
كتاب الرأي

محمود التكني: ملف الصحراء ليس للمزايدات السياسية

محمود التكني: ملف الصحراء ليس للمزايدات السياسية محمود التكني

غالبًا ما أتجنب ذكر مغربية الصحراء في مقالاتي، خاصة في مقدمتها وعرضها، لأن هذه الكتابة تهدف إلى إثبات انتماء الصحراء لمغربها وسيادته عليها، من أجل إقناع من تراودهم الشكوك في ذلك من منظمات دولية، ونفوس خبيثة، وخونة، ومساومين بالقضية الأولى، وكذلك من اختلطت عليهم الأبقار، عفوًا، الأفكار.

ولكي أدخل في صلب الموضوع، فقد ظهرت لنا في الآونة الأخيرة أصوات مرتفعة، لا نعلم لماذا ظلت صامتة طوال سنين عديدة. وليس عيبًا أو ضيرًا أن يتكلم أي مغربي عن ملف صحرائنا الغالية، إلا أن الحديث في تفاصيل وحقائق وتاريخ هذا الصراع المفتعل، يتطلب منا أن نكون على دراية تامة بحيثياته؛ اختصارًا، أن نكون من ذوي الاختصاص.

فعندما يتقمص أحدهم دور المفتش "كونان"، بعدما وجد نفسه في صفوف المعارضة قسرًا، ليكشف عددًا كبيرًا من اختلالات الحكومة الحالية ــ رغم أن إنجازاتها بادية للعيان ــ دون أن يجرؤ حتى على التلميح لإخفاقات "حكومة ملائكة الطهر" إبان الولايتين التشريعيتين التاسعة والعاشرة، فإنه يطلق العنان للسانه ويتحدث في ملف وحدتنا الترابية بترهات وإملاءات على الدولة، سبق أن عاتبها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، بعد تقديم إحاطته بخصوص ملف الصحراء لمجلس الأمن، طالبًا من المغرب توضيح مبادرة الحكم الذاتي.

ويذكرنا هذا "المفتش كونان" بأحد مخارج قانون الأقليات، رغم جهله حتى بعدد مخارجه، سوى ذاك الوتر الذي يعزف عليه أعداء الوطن.

ثم يطل علينا "كبيرهم الذي علمهم السحر"، ليسرد على مسامعنا سراب تاريخ لا يعرف عنه إلا النزر القليل. وهنا سأطرح سؤالًا، عفوًا، هو سؤال فرض نفسه: ما هو السياق الزمني والدلالات السياسية للحديث في هذا الموضوع؟ ولماذا لم يتطرق أعضاء "كهنة المعبد" وكبير سندته لهذا الملف عندما كانوا قائمين على الشأن العام، حيث أضاعوا الفرص وأهدروا الموارد؟

وإذا عدنا للسياق الزمني، فإننا نجد أنفسنا على أبواب آخر سنة من الولاية التشريعية الحادية عشرة (2021 – 2026). ومن هنا يمكن استنتاج عدة نقاط:

أولًا: ربما الأمر لا يعدو كونه بداية حملة انتخابية "قيصرية"، كان مخاضها أفول بريق هذا الحزب.
ثانيًا: هل هو تلميع لصورة حزب أنهكته الانتكاسات والانقسامات، وضاقت عليه الدنيا بما رحبت، وأصبح يبحث عن موطئ قدم في الخريطة السياسية لهذا الوطن الشامخ؟
ثالثًا: لعلها لعبة سياسية غير مدروسة العواقب والنتائج، لأنها تستغل ملفًا يخص جميع المغاربة في أغراض سياسية ضيقة.
رابعًا: نحن لسنا ضد أحد، ولا مصطفين مع طرف ضد آخر في هذا الملف المفتعل، لأن أمره محسوم: الصحراء مغربية وستبقى مغربية، والحل الوحيد والأوحد هو الحكم الذاتي، وهذا أقصى ما يمكن للمغرب تقديمه في هذا الملف.

إن ملف الصحراء المغربية هو ملفنا جميعًا: ملكًا وشعبًا، حكومةً ومعارضة، أحزابًا ورجالًا. فمن أراد الخوض فيه، فليكن على بينة مما يقول، وليتجرد من خلفياته السياسية، وانتمائه العرقي والجغرافي، وليكبح لسانه حتى يتيقن مما يتلفظ به.

ونحن نحبذ أن يظل الخوض والكلام في هذا الملف، في هذا التوقيت الحساس بالذات، حكرًا على مؤسسات الدولة الرسمية، لأننا على أعتاب طيّه نهائيًا. لقد دحضنا الوهم الانفصالي إلى غير رجعة، بفضل عبقرية  الراحل الحسن الثاني، وحكمة وتعليمات وريث عرشه الملك محمد السادس.