الأحد 5 مايو 2024
فن وثقافة

البرلماني الاتحادي شهيد يفكك إشكالية السؤال الثقافي أمام مجلس النواب

البرلماني الاتحادي شهيد يفكك إشكالية السؤال الثقافي أمام مجلس النواب عبد الرحيم شهيد
في تعقيبه على جواب وزير الحكومة عزيز اخنوش في جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة حول تدبير الشأن الثقافي الوطني، تقدم النائب عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب بجملة من الملاحظات والاقتراحات التي ينبغي استحضارها في مقاربة السؤال الثقافي التوجهات الملكية ذات البعد الاستراتيجي، مشيرا الى تبنى الملك محمد السادس في خطاب أجدير التاريخي رؤية متجددة للهوية المغربية تقر بكل مقومات التاريخ الجماعي المغربي وتدمج الروافد المتعددة المشكلة للهوية الثقافية الوطنية، بما في ذلك الأمازيغية باعتبارها ملكا لكل المغاربة ومكونا ثقافيا أساسيا في المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي.
وقال شهيد أنه بفضل المبادرات الملكية الحكيمة، حقق المغرب خلال المرحلة الفارطة مكتسـبات مهمـة فـي المجال الثقافي والإبداعي، وخاصة البنيات الثقافية الكبرى التي تم تشييدها من قبيل المكتبـة الوطنيـة للمملكـة المغربيـة ومتحـف محمـد السـادس للفـن الحديـث والمعاصـر وأرشيف المغرب وتأهيل المدن العتيقة والمسرح الكبير للرباط ومسرح محمد السادس بوجدة ومسرح طنجـة الكبيـر والمسـرح الكبيـر للـدار البيضـاء وغيرها. وهو ما يفرض على الحكومة وضع برنامج متكامل لاستغلالها، مع توفير الموارد المالية وتكوين الأطر والكفاءات الثقافية الضرورية لتنشيطها بشكل مستمر،
وقد تمكنت بلادنا من تحقيق تحول مهم في مسارها الثقافي باعتماد دستور 2011 الذي أكد على تشبث ‎المملكة المغربية "بصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الأفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية".
وحث البرلماني على استحضار الاختيار الاستراتيجي الثالث الذي حدده التقرير العام للنموذج التنموي الجديد، والمتمثل في النهوض بالتنوع الثقافي وجعل الثقافة رهانا عالميا بالغ الأهمية في مجال الصعود الاقتصادي والسيادة. فقد دعا إلى جعل الثقافة موردا للنمو والاستثمار والتشغيل، وتشجيع المبادرات الصاعدة والابتكارات والمقترحات الصادرة عن كل الفاعلين في الحقل الثقافي. كما أكد على تثمين التراث الثقافي المحلي، والمحافظة على الموروث الوطني والتراث اللامادي، وتشجيع السياحة الثقافية.
كما أكد على تبني رؤية استراتيجية واضحة المعالم في المجال الثقافي. فقد اكتفت الحكومة بتقديم برامج وإجراءات محدودة على المدى القريب. والحال أننا في أمس الحاجة إلى استراتيجية شاملة، متوسطة وبعيدة المدى، تقطع مع المشاريع الثقافية الظرفية والمنهجية الانتقائية التي تفاضل بين الحقول الثقافية والفنية. كل وزير للثقافة يأتي ليعطي الأفضلية لقطاع على حساب باقي القطاعات، منهم من يفضل المجال السينمائي، ومنهم من يفضل الحقل المسرحي ومنهم من يعطي الأسبقية لصناعة الكتاب. لكن ما أحوجنا إلى التعامل مع كل المجالات الفنية والثقافية بالإنصاف والمساواة.
ومن جهة اخرى دعا رئيس الفريق الاشتراكي المعارض إلى فتح حوار وطني حول الثقافة يقوم بتحيين المعطيات المتعلقة بالشأن الثقافي على ضوء تداعيات الجائحة، وتنبثق عنه المحددات الكبرى للسياسة العمومية. فلا يعقل أن تنسحب الحكومات المتعاقبة من فضاءات النقاش العمومي، وأن يظل رصيدنا الوطني متوقفا في ثلاث مناظرات حول الثقافة المغربية الأولى سنة 1986 والثانية سنة 1992 من تنظيم وزارة الثقافة، والثالثة سنة 2015 من تنظيم اتحاد كتاب المغرب. كما دعا ندعو وزارة الثقافة الى عقد شراكة مع اتحاد كتاب المغرب ومختلف الفاعلين المعنيين إلى تنظيم دورة جديدة للمناظرة الوطنية حول الثقافة المغربية..
إن الثقافة المغربية، في لحظة التحول التنموي، لا تحتاج إلى الاكتفاء بإجراءات معزولة بعضها عن بعض كما ورد في برنامجكم الحكومي وقانون المالية لسنة 2022.
كما طالب شهيد في تعقيبه بإجراء تقييم حقيقي ومستعجل لمعرفة الوضعية الحقيقية لدور المغرب بالخارج (في بروكسيل وباريس)، وننتظر منكم إطلاع الرأي العام عن أسباب عدم فتح واستغلال دار المغرب بأمستردام التي تم تشييدها منذ سنوات وبملايير السنتيمات.
ثم كيف يمكن تبرير أداء الحساب الخصوصي للخزينة المسمى "الصندوق الوطني للعمل الثقافي" الذي لم تتجاوز نفقاته ما بين 2018 و2020 حوالي ثلث موارده؟ سنة 2018: الموارد 590 مليون درهم، النفقات 168 مليون درهم؛ سنة 2019: الموارد 750 مليون درهم، النفقات 244 مليون درهم؛ سنة 2020: الموارد 717 مليون درهم، النفقات 239 مليون درهم.
كما نسجل على مستوى تنفيذ الميزانية الخاصة بالقطاع أن نسبة الإصدارات لا تتجاوز 43 %، فيما ميزانية الاستثمار لا تتجاوز 65 %، بالإضافة إلى التفاوت في تنفيذ ميزانية الاستثمار بين الجهات. فكيف ستتعاملون مع هذه الوضعية وكيف ستعالجون المؤشرات المتواضعة التي رصدها التقرير السنوي لنجاعة الأداء، والمتعلقة بضعف النتائج مقارنة مع التوقعات التي حددها قطاع الثقافة، في القيادة والحكامة تم تحقيق فقط 20 %، وفي برنامج الفنون تم تحقيق 55 %.
كما طلب استفسارا عن إيقاف الدعم المالي الذي كان مخصصا لنشر الكتب والمجلات منذ حكومة التناوب، والتي تم تطويره عبر السنوات.
إننا لن نستطيع تقوية أدائنا الثقافي بقرارات ارتجالية ومزاجية كما وقع بخصوص تغيير تاريخ ومكان انعقاد معرض الكتاب بالدار البيضاء الذي أصبح موعدا سنويا مكرسا، في الزمان والمكان، في البرنامج العربي للناشرين والمؤلفين، وهو ما سيخلق ارتباكا كبيرا الثقافة المغربية في غنى عنه.
وتقدم شهيد بعدة اقتراحات يراها فريقه ضرورية لتطوير الثقافة المغربية من لينها:
▪ في ما يتعلق بالاستراتيجية الثقافية :
− اعتماد استراتيجية وطنية شاملة للثقافة المغربية وفق مقاربة تشاركية.
− إعداد ميثاق وطني للثقافة لتعبئة الطاقات من أجل تحصين الهوية المغربية وتقوية حضورها وأثرها الإيجابي في الثقافة الإنسانية الشاملة.
− اعتماد خطط جهوية للارتقاء بالمجال الثقافي بالشراكة مع مجالس الجهات.
− استحداث آليات جديدة لتمويل مشاريع التنمية الثقافية.
▪ على المستوى المؤسساتي والتدبيري:
− وضع الإطار المؤسساتي لتوحيد المنظومة الثقافية الوطنية وخلق التناغم والانسجام بين مختلف المكونات الثقافية المغربية وتقوية التنوع الثقافي.
− تأهيل الموارد البشرية المكلفة بالتدبير الثقافي، وتمكينهم من التقنيات المستجدة ومبادئ الحكامة الثقافية.
− تعزيز الجانب التشريعي المرتبط بتنظيم المهن ذات الصلة بالمجال الثقافي وحماية حقوق المبدعين والعاملين فيه.
▪ علاقة بالاستثمار الثقافي:
− تشجيع الاستثمار في الثقافة والفنون، وتوجيهه نحو الصناعات الخلاقة، ونحو الأنشطة الإنتاجية ذات المحتوى الثقافي.
− إدماج الثقافة والاقتصاد الثقافي في معادلة التنمية لتكون مصدرا لإنتاج الثروة وإنعاش الشغل.
− تشجيع المنتوج الثقافي الوطني بإقرار تحفيزات مالية وجبائية وتنظيم حملات تسويقية وخلق سياحة ثقافية حقيقية.
▪ على صعيد الدبلوماسية الثقافية:
− تقييم أداء "دور المغرب" بالخارج، وإحداث فضاءات جديدة بدول أخرى، وتعزيز جسور التواصل بين هذه المؤسسات الثقافية ومغاربة العالم ؛
− إحداث مؤسسة وطنية لتصنيف التراث والإنتاج الثقافي المغربي (المآثر والبنايات والساحات والكنوز والأطعمة والأنماط الموسيقية والألبسة والممارسات والعادات والأعراف التراثية المغربية) ضمن التراث الإنساني العالمي المصادق عليه من اليونيسكو ومن المنظمات القارية والإقليمية ؛
− إحداث بنك معطيات حول التراث اللامادي، وإنشاء بوابة الكترونية حول "المغرب الثقافي" من أجل التعريف بالرأسمالي الوطني المادي واللامادي.