الجمعة 19 إبريل 2024
فن وثقافة

جماعة أيت ملول تتخذ التعدد اللغوي والثقافي منطلقا لتعزيز قيم المواطنة

جماعة أيت ملول تتخذ التعدد اللغوي والثقافي منطلقا لتعزيز قيم المواطنة استقبل المجلس الجماعي لأيت ملول عددا من الوجوه الثقافية والفنية والمدنية والتربوية والإعلامية
في إطار الاحتفال برأس السنة الأمازيغية 2972، والاعتزاز بالتعدد اللغوي والتنوع الثقافي الذي يسم الثقافة المغربية، ويشكل مصدر إثراء للذاكرة الثقافية الوطنية، استقبل المجلس الجماعي لأيت ملول عددا من الوجوه الثقافية والفنية والمدنية والتربوية والإعلامية المنشغلة بأسئلة الثقافة واللغة الأمازيغيين في مدينة أيت ملول.
وقد تم افتتاح الجلسة بكلمة رئيس المجلس الجماعي لأيت ملول الذي عبر عن اعتزازه بالثقافة الأمازيغية وتثمينه للمسار الديموقراطي ولأشكال التدبير العادل للتنوع الثقافي والتعدد اللغوي التي استطاعت أن تؤسس رؤية جديدة تقوم على إنصاف المغرب لمختلف المكونات اللغوية والثقافية، واتخاذ التعدد منطلقا لتدبير الحقل الثقافي، وجعل التعدد اللغوي أرضية للإسهام في الانفتاح الثقافي وتعزيز المواطنة.
وأشار بعض أعضاء الجماعة الترابية إلى الأهمية الكبرى والمكانة الهامة التي تضطلع بها الثقافة في مسار التنمية، وذلك لكونها منطلق الفعل ومنتهاه، ولكونها الرؤية القادرة على جعل مدينة أيت ملول تعيش تفردها وتميزها وتتناغم فيها مختلف العناصر المشكلة لهويتها البصرية كإحدى الحواضن الكبرى لمظاهر الثقافة الأمازيغية في أكادير الكبير.
واعتبروا أن المثقفين والمثقفات والفاعلين في مجال الإبداع والتربية والفعل المدني حراس المعنى وسفراء المدينة المسهمين في إشعاعها، ما يفرض العناية بفضاءات اشتغالهم وتجسير الروابط بين المجلس الجماعي والإطارات الثقافية، والتفكير في صون ذاكرة المدينة في مختلف المستويات وتعزيز جماليتها.
في نفس السياق جاءت كلمات أعضاء الجماعة الترابية متناغمة على مستوى الرؤية الثقافية للمجلس الجماعي بوصفها رؤية تروم الفعل الخلاق المراهن على تلبية الحاجات الثقافية للساكنة المحلية. على اعتبار أنها ليست مجرد ترف فكري وانشغال هامشي، إنما هي في صميم كل الإجراءات العملية والمقترحات التدبيرية والأنشطة والمشاريع التي تشكل مناط عمل المجلس الجماعي
ولم يفت المتدخلين أن يبسطوا أهم المقترحات العملية والإجراءات والديناميات التي يسعى المجلس الجماعي للانتقال بها من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل، وهي مقترحات اشتغلت عليها (إحدى عضوات المجلس) من أجل التنمية الثقافية ومن أجل إرساء أسس متينة للصناعة الثقافية التي تعزز ريادة المدينة جهويا ووطنيا، كما بينت الطابع التشاركي الذي ينظم رؤية المجلس الجماعي للشأن الثقافي والقائم على التفاعل مع مختلف الفاعلين والفاعلات الثقافيين وإشراكهم في أوراش التفكير وأخذ مقترحاتهم بعين الاعتبار والاستفادة من خبراتهم وتجاربهم الناتجة عن معايشة يومية ودائمة لمستجدات الاجتماع الثقافي بالمدينة.
هذا وتمت الإشادة بالفعاليات الثقافية والمدنية وتقديرها لمجمل الديناميات الثقافية والإبداعية المنشغلة بقضايا التنوع الثقافي والتي لبت نداء المجلس الجماعي للمشاركة في الاحتفالية الرمزية المنظمة التي تندرج ضمن التفاعل الدائم والمستمر للمجلس الجماعي مع مقومات الثقافة الوطنية وعناصرها.
في سياق متصل عبر أعضاء المجلس الترابي عن الدلالة الرمزية لمثل هذه المناسبات الثقافية المرتبطة بالوجدان الجماعي وبالثقافة المحلية، وهي دلالات تجسد إيمان المؤسسة الجماعي لمدينة أيت ملول بالتعدد والتنوع والاختلاف كما تترجم رغبته في الانخراط في مجمل الديناميات المؤسسية التي يعرفها المغرب، والتي تؤسس لمرحلة جديدة قوامها الاعتزاز بالثقافة الوطنية المغربية والاعتزاز بالجذور الضاربة للإنسان المغربي على هذه الأرض.
على مستوى التكريمات فقد عبر المحتفى (بهم وبهن) عن تطلعاتهم كفاعلين وناشطين في المشهد الثقافي بالمدينة، حيث أكد إبراهيم أكيل الشاعر والفاعل المدني الأمازيغي استعداده للعمل في إطار مشاريع ثقافية حقيقية قادرة على جعل الثقافة تحدث أثرا اجتماعيا في المجتمع، وأكد على أن الثقافة (ـ بحسب صاحب ـ ديوان " تيلمي نواضو" و ديوان " تيلين أوتامغ")، إحدى مداخل بناء الإنسان والرقي بذائقته الجمالية وتحريره ملكاته .
وقد توقف المبدع سعيد ادبناصر عند مساره الإبداعي وإسهاماته في مجال الكتابة الشعرية، وبين الحاجة الكبرى لإشراك الفاعلين الثقافيين في جعل المدينة تحتفي بالثقافة وبمختلف مناسباتها من قبيل اليوم العالمي للشعر واليوم العالمي للمسرح وغيرها ، لكون المدينة تحتضن مواهب وتجارب إبداعية هي مرآة المدينة وكوة اكتشاف معالمها الجمالية.
و أبرز الأستاذ محمد العقيلي الأهمية الكبرى للاحتفاء بالفنون في مختلف اللقاءات والأنشطة التي يزمع المجلس الجماعي تنظيمها وإقامتها، وهو ما ينبغي أن يكون مدار تفكير الفاعلين الجماعيين والفاعلين المدنيين، كل من موقعه لجعل مدينة أيت ملول وجهة ثقافية وعلمية للمهتمين والمهتمات.
وتحدث الأستاذ سعيد جليل الباحث في التراث الموسيقي الأمازيغي عن الحاجة إلى الصفح، الذي يعتبر مدخله الأساس، تصويب أخطاء الماضي واستعادة اسم محمد أبزيكا بوصفه البذرة الأولى في حقل الثقافة بالمدينة. (الحاجة إلى الصفح بحسب الأستاذ سعيد جليل) تقتضي تسمية مؤسسات بالمدينة باسم محمد أبزيكا: الأكاديمي والباحث والفاعل المدني والمثقف العضوي الذي انتصر لأيت ملول ولثقافتها، والذي يعد ذاكرة محلية جديرة بالاعتراف. على اعتبار أن مسار الراحل الأستاذ إبراهيم أمغار المنشغل بأسئلة المدينة مسارٌ حافلٌ يستحق تكريمه وتسمية فضاء من الفضاءات الثقافية باسمه، بوصفه أحد أبناء أيت ملول الذين أفنوا زهرة شبابهم في سبيل ريادة علمية وثقافية لمدينة بذاكرة ثقافية وإبداعية غنية بمعالم البهاء.
وبصوت ينشد الأمل، تحدثت الأستاذة والشاعرة حنان كحمو عن مقدار الفرح الكبير بتكريمها في مسقط الرأس، مدينة أيت ملول التي تشكلت فيها رؤيتها للعالم ونحتت فيها مسارها وشقت من هوامشها دربها إلى مدارات الثقافة الوطنية والإبداع الشعري. هي أستاذة اللغة الأمازيغية والحائزة على جائزة القناة الثانية للإبداع الأدبي - صنف الشعر الأمازيغي - استعادت طفولتها وعبرت عن أملها في التفكير في تعزيز حضور الأمازيغية بشراكة مع المؤسسات المعنية بالحقل التعليمي والتربوي وذلك للتنسيق لتنظيم لقاءات وجوائز حول اللغة الأمازيغية وحول مظاهرها الثقافية للاحتفاء بإيض إيناير وبالثقافة الأمازيغية.
وقد أبرز الأستاذ الفنان التشكيلي عبد العزيز أوصالح الحاجة إلى هوية جمالية وبصرية خاصة بمدينة أيت ملول، هوية يفكر فيها أهل الاختصاص وتكون موضوعا للبحث والإبداع فيما ميز أيت ملول ثقافيا، إبداع الهوية بحسب عبد العزيز أوصالح منطلق لتعزيز الثقافة المحلية والخروج بها من مناطق الظل إلى امتدادات الضوء.
وعبر بدوره أحمد وزيد الفاعل المدني والباحث في الثقافة الأمازيغية عن أمله في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في الإدارة الترابية وتمكين هذا الرهان من شروط تحققه ماديا ورمزيا في ظل وجود أسناد قانونية وتجارب جهوية اشتغلت في هذا المستوى، كما عبر عن أمله في التفكير في مشروع ثقافي وسلسلة حول ذاكرة المدينة مدنيا وفنيا وثقافيا، مشروع يتخذ مستويين: مستوى التأليف العلمي والنقدي، ومستوى الاحتفاء الرمزي برموز الثقافة المحلية وتسمية فضاءات المدينة بأسماء من قبيل محمد أبزيكا وإبراهيم أمغار وحسن العاتي... وهو ما اعتبره فعلا سينسجم ورهان الصناعة الثقافية والتنمية الثقافية التي تبني الإنسان وتعرف بماضيه وجذوره.
الموسيقي حسن العاتي، ذاكرة الموسيقى الأمازيغية وعاشق الفضاء الملولي، فقد اعتبر هذه البادرة الرمزية مهمة في مساره، وتمنى الاستمرار في هذا المسار والعمل على جعل المدينة نشيطة ومحتضنة لمهرجانات ثقافية وفنية ومالكة لبنيات ثقافية حاضنة لمواهب المنطقة في مختلف المجالات.
وأبرزت الممثلة المسرحية زهرة تامكروت الحاجة إلى استعادة الفضاءات الثقافية والفرجوية من قبيل ساحة أسايس لتكون فضاءات للفن الدائري وفنون الفرجة والحلقة، وهو ما يمكن أن يعود بالنفع العميم على الفنانين الذين يعيشون أوضاع التهميش والنسيان، كما يمكن أن يجعل ساكنة المدينة ممتلكة لمتنفس ثقافي ولبوابات اكتشاف الموروث وفضاءات تكريس المواطنة الثقافية وانتعاش الوجدان.
وفي المسار ذاته أكد الأستاذ محمد أبوداد أستاذ مكون في اللغة الأمازيغية بمركز التربية والتكوين بتزنيت مدى سعادته بالاحتفاء برأس السنة الامازيغية مبرزا ما تنطوي عليه هذه الممارسة الثقافية من أبعاد قيمية لها صلة بالأرض، مجال اشتغال الفاعل الجماعي في مؤسسات التدبير، مؤكدا أن العناية بالمجال وإعماره الوجداني والثقافي والعناية به هي الرسالة العميقة في احتفالية إيض إيناير والقادرة لو تم إشاعتها على الحفاظ على رونق المدينة ونظافتها باعتبارها مسؤولية مشتركة وعلى تملك الثقافة والحياة بها وعبرها.
من جهة أخرى أكد أحمد أوتزكي الباحث الأكاديمي والفاعل المدني والحقوقي والمؤطر التربوي، على الحق في الحلم في مدينة تعيش بالثقافة ومن أجلها، وتعيد لها وضعها الاعتباري الملائم بوصفها المدخل الكفيل ببناء الإنسان وجعله يتذوق الخبز الرمزي وينفتح على الفن بما هو مشتل للجمال وبما هو مفكك لليقين ومناعة ضد مختلف أشكال الانغلاق واليأس، العناية بهذا الحلم، هو ما يمكن بحسب أحمد أتزكي رئيس مركز مدينتي للتكوين والإعلام أن ينتقل بأيت ملول من مجرد مرقد للجسد إلى فضاء يمكن من تملك الثقافة ويجعلها ضرورة حياتية تسمو بالوجدان والروح، على اعتبار أن العناية بالتعدد اللغوي والتنوع الثقافي وتمكين ناشئة المدينة من القيم الكونية ومن مظاهر الثقافة الأمازيغية حلم ممكن تعتبر المدرسة إحدى حوامله الاجتماعية القادرة على زرعها في ذوات الناشئة وعلى التربية على الجمال.