الأحد 12 مايو 2024
فن وثقافة

الرايس حماد بيزماون.. مسار فنان أمازيغي اصيل عاش كما يريد

الرايس حماد بيزماون.. مسار فنان أمازيغي اصيل عاش كما يريد الفنان الرايس حماد بيزماون
يوم الجمعة 17 دجنبر 2021 نضبت عين كانت متدفقة بالابداع والحب طيلة 72 سنة، ينبوع يسيل بالموهبة بين صخور جبال الاطلس الكبير الغربي، ويسقي سفوح آيت آمر بالألحان الشجية، سخي بالايقاعات المذهلة التي تترنح بها تلال تيمزغيوين، وتلوح بالصدى العبق، تتلقفه أمواج البحر، ويعلو في السماء باعثا بأنين عميق، يصيح سائلا: ما تا غيكادي؟ ثم يسير ويجول في الأرض مع ريح "بوسالم"، يطوف على القبائل والصلحاء ويعبر الوديان والمدائن والمسالك...كم هي الازهار والأشجار والورود التي سقاها هذا الينبوع بابداعه الجميل، كم هي القلوب التي انشرحت، واستمتعت بحنجرة الرايس حماد بيزماون. 
تواضعت السفن في أعماق المحيط، واعترفت له قائلة: ارجوك اتركني فأناملكَ لم تخلق لحبالي، وإنما خلقت لمداعبة أوتار الايقاعات الرقيقة". فترجل من البواخر بما حملت، ومسك بأوتار لوتار الرقيقة المصنوعة من امعاء وجلد الماعز ليعزف بها آهات وآلام إخوانه واسلافه الذين تركهم يكدون فوق مياه المحيط الباردة لكي يحصلوا على دفىء رغيف خبز لأبنائهم.
نزل حماد البحار من البحر وتخلص من حبال البواخر، ليروض الأسود فوق الأرض بأوتار لوتار، ليثبت أنه الأجدر للقب الرّايْسْ". ليس" رايس" أفْتاسْ وإنما رايس" أسَايسْ".
وفتحت له كل أبواب النجاح والشهرة، منذ تسجيل أول ألبومه سنة 1970 بتشجيع وبمشاركة سلطان الفنانين الرايس محماد ألبنسير الذي مسك بيد حماد الشاب وأنار له الطريق.
شهرة بيزماون وحياته تشبه كثيرا، قصة وشهرة الوالي الصالح سيدي بليوط، الزاهد الأمازيغي المديوني الذي يعد اقدم ضريح في مدينة أنفا، الدار البيضاء حاليا، وهو المعروف بمناقب كثيرة منها ترويض الأسود، حيث سمي سيدي بأبي الليوث ثم صارت سيدي بليوط، وكان معروف بخلوته وحبه صيد الأسماك... المرحوم بيزماون الذي اختار أن يمتح اسم شهرته من لقبه إيزماون، وأضاف له بيزماون لما للكلمة من معنى ودلالة عميقة في الانطولوجويا الامازبغية، فبالاضافة إلى أن إزم تعرف به جبال الأطلس، إلا أن ايزم في الثقافة الأمازيغية يدل على عدة معاني، منها الشجاعة والتحدي والجرأة والقدرة ركوب المغامرة...
فعلا هي مغامرة كبيرة، أن يخرج فنان شاب يمسك لوتاره الصغير ويعلن عن نفسه في ساحة فنية تعج بأسماء فنانين كبار أمثال ألبنسير وواهروش واشتوك وآخرون... ثم ينجح في أول اختبار، بل ساهم في أحداث ثورة داخل مدارس تيرويْسا، ثورة في الأسلوب والايقاع واللحن والأداء...
رحم الله الفنان الرايس حماد بيزماون...