الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

يوسف غريب: السن ليس معيارا للكفاءة يا وزير التربية الوطنية

يوسف غريب: السن ليس معيارا للكفاءة يا وزير التربية الوطنية يوسف غريب
على غير العادة.. لم أجدهم ينتظرونني.. هاتفت أحدهم.. كان الرد قاسياً هل اطلعت على المذكرة.. لقد تمّ إقصاؤنا بذريعة السن..
الإحباط أستاذ.. ذبحتنا هذه الحكومة..
أنقله إليكم السيد وزير التربية الوطنية.. وبتصرف بحذف تلك الآهات.. ونفَس الإحباط واغتيال حلم جماعة من الشباب صاحبتهم خلال هذه المدّة الأخيرة وهم متحمسون.. مجتهدون.. منضبطون في تطوير مداركهم المعرفية في علوم التربية وغيرها.. استعداداً لمباراة أطر الأكاديميات..
كانت تلك المدة كافية كي أقف أيضاً عن الأمل الذي يشع في عيونهم أثناء الدردشة على هامش لقاءاتنا التكوينية..
وقد تكون تجربتي مع هؤلاء صورة مصغّرة تكررت بشكل أوبآخر عبر مدن وقرى هذا البلد الذي لم يرتق بعض مسؤوليه بعد إلى استحضار الانعكاسات الخطيرة لبعض قراراتهم على نفسية جيل بالكامل..
لوسمعتم السيد الوزير.. لآخر آهات هذا الشاب واحساس بالإحباط. والسواد في عينيه.. ذبحونا.. شهرين وانا كنستعد.. نعم.. لماذا هذ القرار مفاجئا.. بل مباغثا.. وما جدوى استعجاليته.. وفي منتصف الطريق..
ما الذي يمنع الوزارة من أخبار الجميع بتفعيل هذا القرار السنة المقبلة.. وبالتدريج..
الأكثر استغرابا هو أن تبرر الوزارة ذلك بالكفاءة. وهذا اجتهاد مردود على صاحبه أيا كان وضعه الاعتباري. لأن المعروف وبناءاً على دراسات علمية.. أن السن معيار لنموّ الفرد أمّا الكفاءة فلقياس تطور القدرات الذاتية للفرد.. بدليل أن التجربة الميدانية أبانت على كفاءة أغلبية المتعاقدين خلال الخمس السنوات الأخيرة وبهذه النتائج المحصلة عليها.. وأغلبهم فاق الثلاثين سنة..
هو إقصاء غير منطقي.. ومباغث لأغلبية المترشحين والمترشحات الذين التحقوا بمراكز التكوين الخصوصي استعداداً للمباراة.. لتلك الجمعيات التي فتحت مقراتها للتكوين وبشكل تطوعي؛
هو قرار لم يعمم الا الاحباط واليأس بشكل كبير وسط انعكاسات الأزمة الوبائية وظروف الجانحة..
هو القرار الذي يضع مصداقية الحكومة بشكل عام.. ويسائل شعار الدولة الإجتماعية وحكومة القرب..
وفي نفس السياق.. يتساءل المرء كيف للوزارة أن تبرر بأن هذا القرار هو جزء من منظور إصلاحي شامل..وهي لم يمر على تعيينها أكثر من شهرين.. بدون أن يعرف الرأي العام تفاصيل هذا الإصلاح الذي يراهن على الكفاءة انطلاقا من معيار السن..
إن العودة إلى مراكز التكوين هو المدخل الحقيقي والوحيد للوصول إلى الجودة وتجويد الفعل التربوي وكفاءة المدرس..
غير هذا، فقطاع التربية والتكوين ليس قطاعا تكنوقراطيا.. ولا يمكن أن يدبر بفكر لمقاولة.. وأراه قطاع أقرب إلى أن يكون وزارة سيادة وأمة..كما في البلدان التي لا تدبّر إلاّ الأمل.. وتقاوم. الإحباط الجماعي..