الثلاثاء 19 مارس 2024
مجتمع

بنشريج: أغلب المدارس الخصوصية تلهث وراء الربح المالي دون احترام لباقي الأهداف التربوية

بنشريج: أغلب المدارس الخصوصية تلهث وراء الربح المالي دون احترام لباقي الأهداف التربوية عبد الرزاق بنشريج، خبير تربوي
ما هي قراءتك الأولية لتقرير مجلس المنافسة بخصوص التعليم الخصوصي؟
التقرير عبارة عن رأي المجلس عدد /1/21، بشأن وضعيــة المنافســة فــي قطــاع التعليــم المدرســي الخصوصي بالمغرب، بنــاء علــى طلــب لرئيـس مجلـس النـواب حـول قــــواعد المنافسـة فـي مؤسسـات التعليــم الخصوصــي، صــادق عليه مجلــس المنافسة بالإجماع، خلال الــدورة الرابعــة عشــرة للجلســة العامــة للمجلــس المنعقــدة فــي فاتــح يوليـوز 2021، والتقرير بتكون من 115 صفحة، لا يسمح المقال بالتطرق لكل مكوناته، ولكن يمكن إجمال رأيي في الآتي:
اهتمام مجلس النواب بموضوع التربية والتكوين وخاصة التفاعل مع النقاش الساخن الذي كان بين مؤسسات التعليم الخصوصي والأسر بعد إغلاق المؤسسات واعتماد التعليم عن بعد بسبب جائحة كوفيد 19، وتفكيره في عرض المسألة على مؤسسة دستورية، أعتبرها في حد ذاتها عملية جيدة. 
اعتماده على الدراسات الدولية وخاصة المنجـزة مـن قبـل الجمعيـة الدوليـة لتقييـم التحصيـل التربـوي فــي الرياضيــات والعلــوم سنة 2015 والذي خلصة إلى أن معـدل تحصيـل تلاميـذ التعليـم الخصوصـي يفـوق معـدل أقرانهم فـي التعليـم العمومـي، بفـارق يصـل إلـى 90 نقطـة فـي الرياضيـات و114 فـي العلـوم، بالنسـبة لمسـتوى الرابـع، و99 نقطـة فـي الرياضيـات و92 نقطـة فـي العلـوم، وقيـاس مـدى تقـدم القراءاتيـة سنة 2016، والبرنامـج الوطنـي لتقييـم المكتسـبات (PNEA)، الموضـوع مـن قبـل هيئـة التقييـم لـدى المجلـس الأعلـى للتربيـة والتكويـن والبحـث العلمـي، والتركيز على تفوق متعلمي الخصوصي كلها مؤشرات تربوية وظفها المجلس لتبرير أهمية التعليم الخصوصي، رغم أن تلك المؤشرات لم تكن تربوية محضة.
رغم أن التقرير خصص للتوصيات ثمان صفحات فصل فيها توصياته الست المقترحة على الدولة إلا أنه بالنسبة لي تبقى التوصية الرابعة «إعادة النظـر في دور الدولة في اتجاه موازنـة منصفة بين خدمات المدرسة العمـومية وخدمات مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي» أهم توصية تعتبر التربية والتعليم المدخل الأساس في بناء المشروع المجتمعي موحِد.
 
هل استطاع التعليم الخصوصي أن يشكل البديل عن التعليم العمومي؟
لن يستطيع التعليم الخصوصي تشكيل البديل لأسباب عدة، من بينها كونه موجه للفئات الميسورة نسبيا، وهناك سياسة  تتجه نحو تقليص الطبقة الوسطى (للفئات الميسورة نسبيا) التي تساعد على التوازن المجتمعي. وبالتالي فالأغلبية العظمى لن تقدر تغطية المصاريف المطلوبة، وعدم تدخل الدولة لضبط العلاقة بين الأسر والمؤسسات، وهي التوصية الفرعية التي أشار إليها التقرير» خلــق ظـــروف تكافـؤ العالقـة التـي تجمـع بيـن مؤسسـات التعليـم المدرســي الخصــوصي والأسر»، وغياب التعليم الخصوصي بالعالم القروي الذي يشكل قرابة 60% من ساكنة المغرب، غياب مراقبة حقيقية لمؤسسات التعليم الخصوصي في المجالات المالية والمادية، ما جعل أغلب المؤسسات الكبرى تلهت وراء الربح المالي دون احترام لباقي الأهداف التربوية، كما وصف ذلك التقرير باحتـرام الشـروط المحـددة وفـق القانـون رقـم 08.31 لحمايـة المسـتهلك بضمـان حـق الأسر فـي الاختيار.
 
أكد التقرير أن التعليم الخصوصي يشهد بدوره الفوارق، ما هو رأيك؟
بدون شك الفوارق موجودة بين مؤسسات التعليم العمومي في كل المجالات وما بالك بمؤسسات التعليم الخصوصي التي وضعت للربح المالي قبل كل شيء، فالمقاولات تعيش على الربحية. فالمؤسسات الكبرى تدرس أبناء الطبقة الغنية، وتعتمد مدرسين ومناهج لا يمكن أن تجدها بالمؤسسات الصغرى. باطلاع سريع على أثمنة الدراسة نكتشف الفوارق الكبيرة، حيث نجد أقل ثمن شهري هو 300 درهم للشهر، وأعلى ثمن يتجاوز 10000 درهم في الشهر، والمشكل ليس في الفرق في طرق ومنهجية التدريس مما ييسر تفوق فئة على فئة في الدراسة والتحصيل، بل المشكل في المضامين المدرسة وعلاقتها بثقافة المجتمع المغربي، واحترام القيم الدينية والوطنية. ويكفي أن أذكر هنا أن من بين الكتب في المدرسة الابتدائية من تعتمد المغنية «شكيرا» شخصية عالمية يجب الاقتداء بها، وبالتالي سنكون أمام فئات مجتمعية غير منسجمة وبمبادئ وقيم لا تساعد على توحيد المجتمع المغربي.
 
في كل مرة يتم الحديث عن قضية التأمين في المدارس الخاص، لكن دون أي حل، ما هو المخرج حسب رأيك لهذه الإشكالية.
في هذا الشأن اقترح تقرير مجلس المنافسة عدة مقترحات من بينها «إحـداث نمــاذج جـديــدة مـن المؤسســات التعليميــة الخصوصيــة خاصـة منهـا تلـك غيـر ربحـيــة، تسـاهم فـي ِ تطويـــر العـــرض التربـــوي وتعديــــل مسـتويات الرسـوم المطبقـة مـن قبـــل المؤسسـات الخصوصيـة فـي توافـق مـع الكلفـة، وكـذا الاستجابة للاحتياجات التعليميـة لاسـيما علـــى مستـــوى المناطـــق التـي تعـــاني مـن ضعـــف التغطيـة والخصــاص». وركز التقرير على إرسـاء منظومـة متكاملـة للمراقبـة ولتقييـم أداء مؤسسـات التعليـم المدرسـي الخصوصـي، وتحديـد معاييـر مضبوطـة لجـودة الخدمـات المقدمـة، وغيرها من التوصيات، وجاءت كل توصيات المجلس متطابقة مع  تقرير الــوزارة المكلفــة بالاقتصاد والماليــة حول الكلفــة الاجماليــة التي تساهم بها مؤسسات التعليــم المدرســي الخصوصــي، سواء من حيث تخفيف نفقات التعليم العمومي أو خلق فرص العمــل، ولكن لم يتطرق التقرير لتوحيد التعليم العمومي والخصوصي واقتصار الخصوصية في التسيير الإداري فقط، فإذا لم يعتمد المغرب التدرج في اعتماد العمومي في كل المستويات بدأ بتحويل الخصوصي إلى شبه عمومي فلن يتغير أي شيء ولن تؤخذ توصيات وتقارير كل المؤسسات بعين الاعتبار كما هو معروف منذ سنوات.