السبت 27 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الإله حبيبي: في الحاجة إلى خطاب سياسي شارح للتواصل وتحييد ردود الفعل

عبد الإله حبيبي: في الحاجة إلى خطاب سياسي شارح  للتواصل وتحييد ردود الفعل عبد الإله حبيبي
لا يمكن الاستغناء نهائيا عن الكلمة، الاستعارة، الانزياح، الأمثلة، الشرح والتبسيط، البلاغة اللغوية القادرة على ربط الناس بالخطاب الشارح، القادر على تهدئة النفوس، وتحصينها من كل تأثيرات الرؤى السلبية  ذات القدرات التواصلية العالية..

عندما تكون في السلطة فأنت بالضرورة صاحب مشروع سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي، أي قوة سياسية تباشر مهمة تغيير القوانين والأنظمة لصياغة وتطبيق  قوانين بديلة لحماية مشاريع وإصلاحات مرتقبة، وهذا أ مر يتطلب خطابا سياسيا مرافقا، شارحا، مؤطرا للوعي الاجتماعي السائد، صوتا هادئا يقدم المنجزات أو المشاريع  في حلة بلاغية يفهمها الناس، قالبا نصيا ملائما يفترض من المتلقين تفاعلا إيجابيا بهدف تحييد بعض المعيقات المرتبطة بالذهنية، وبالردود الانفعالية التي قد تغذيها أطراف معادية أو قوى لها حساباتها السياسية الخاصة...

الكفاءة التقنية والعلمية والمهارات الفنية لا مناص منها للنهوض بالقطاعات الإنتاجية والاقتصادية التي تعاني اختلالات لا يمكن، طبعا، حلها بالخطابات "الشعبوية المتهافتة" كما كان يحصل من قبل في التجربة السابقة التي انتشر فيها  كل شيء سوى الكفاءة التخصصية المناسبة ، بل تستدعي انكبابا جديا وإرادة عمل صارمة، وأجندة مضبوطة للإنجاز، وتفاهمات مع الشركاء، وتفاوضا لحل المنازعات لخلق الانفراج السيكولوجي بين المتعاملين كمقدمة لجلب الأموال وإقناع الفاعلين الدوليين وغيرهم  لتحقيق الاستقرار الذي هو شرط  تشجيع الاستثمار والثقة في المؤسسات الوطنية... هذا وحده يتطلب خبرات متنوعة عالية  في كل المجالات في سياق دولي يتسم بتنافسية  شرسة لا تقبل الذكاءات المتوسطة فأحرى ما تحت المتوسط...

لكن داخليا تظل الحاجة ملحة وضرورية إلى خطاب سياسي واضح ومتماسك ، قادر على تعبئة القوى المحلية من أجل الانخراط في التغيير والتعبير عنه في مواقف اجتماعية يومية، وهذا لن يقوم به الخبير التقنوقراطي، ولا المهندس المتخصص في مجاله، ولا حتى الطبيب الماهر في ميدانه، بل  هو تخصص يقتضي تدريبا طويلا، وممارسة مكثفة، وتكوينا نظريا متنوعا، واحتكاكا عميقا بالناس وبالعقليات والمشاعر والأحاسيس والعادات التي تبرمج المواقف والاتجاهات، أي تجربة سياسية في كنف الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني بالإضافة إلى امتلاك رصيد قوي في العلوم الإنسانية...

وفي ختام هذه المقالة نشير إلى كون الخطاب السياسي رغم ذلك يتطلب شخصية سياسية كارزمية ذات مصداقية أخلاقية وقبول اجتماعي وتحظى بالثقة والقدرة على وضع المستمعين في مقام الاطمئنان والحماس النفسي الذي يتقضيه الموقف السياسي أو الظرفية التاريخية...