الاثنين 6 مايو 2024
كتاب الرأي

نوفل البعمري: حوار دفيد غوفرين مع وكالة ايفي الإسبانية.. ما يجب أن يقال

نوفل البعمري: حوار دفيد غوفرين مع وكالة ايفي الإسبانية.. ما يجب أن يقال نوفل البعمري
إجرى قبل أيام قليلة مدير مكتب الاتصال الإسرائيلي بالمغرب حوار مع وكالة ايفي الإسبانية، وهو الحوار الذي أدلى فيه دفيد غوفرين الذي عين نفسه سفيرا بالمغرب دون أن يتقدم باعتماد رسميا و دون أن يتم كذلك اعتماده رسميا من طرف المغرب وكأنه يريد فرض أمر واقع على بلد ذي سيادة وظل متشبثا بها طيلة بناء الدولة المغربية و شكلت جزءا من هويته السياسية والدبلوماسية.
في هذا الحوار الذي أجراه مع وكالة  الانباء الإسبانية ايفي بالعودة إليه فإن مضامينه تتطلب منه تقديم  توضيحات بخصوص العديد من المواقف التي صرح و عبر بها خاصة منها ما يتعلق بالقضية الوطنية التي لا تحتاج لفذلكة سياسية ودبلوماسية كبيرة كالتي قام بها. 

دفيد غوفرين منذ تعيينه كمدير مكتب الاتصال الاسرائيلي بالمغرب ظل يتفادى طيلة هذه المدة الحديث في الإعلام المغربي على نزاع الصحراء المفتعل لأسباب مجهولة!!! لكنه عندما اختار الحديث عنها فقد اختار وكالة الأنباء Efe!! ومعلوم للجميع ارتباط هذه الوكالة بدوائر داخل الدولة الإسبانية و ما يطرح أسئلة جدية حوله وحول خلفيات خرجته هاته أنها تأتي في ظل سياق الأزمة المغربية الإسبانية ومحاولة أطرافها الخروج منها، وعودة العلاقة بين البلدين اسابق عهدها أكثر قوة و وضوحا بعد حوار هادئ و مسؤول أشرف عليه الملك شخصيا، ومحاولة دفع  إسبانيا تدريجيا بالحوار لتبني مواقف سياسية واضحة من النزاع المفتعل حول الصحراء و من مغربيتها، لذلك فهذا التصريح الذي يأتي في هذا السياق خاصة وأنه في عمل البعثات الدبلوماسية السئلة الحوارية يكون هناك اتفاق مسبق  عليها، بمعنى أن مدير المكتب اتفق معهم على طرح أسئلة حول القضية الوطنية وقدم إجابة مُفكر فيها وتم تحليلها جيدا من طرفه وممن قد يكون عاد إليهم داخل إسرائيل قبل الإدلاء بها، هنا لابد من معرفة الأجوبة اليت قدمها هل هي أجوبته الخاصة مع الطاقم الذي يستشير معه في المغرب بالمكتب أم أنها مُتفق عليها داخل الحكومة الإسرائيلية!!

مضمون الجواب الذي تم نشره على لسانه حول رؤيته ورؤية إسرائيل كما قدمها للنزاع المفتعل حول الصحراء تطرح عدة أسئلة، و أسئلة جدية وحقيقية، لأن الجواب الذي قدمه لا يعكس مضمون الإعلان الثلاثي الذي تم توقيعه بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل الذي حاول التهرب منه متحايلا ومختبئا وراء الروابط التاريخية بين " الشعب اليهودي و المغرب" مع أن العودة الرسمية للعلاقة بين البلدين كان لها سياقها السياسي العام خاصة و أنها جاءت في إطار ثلاثي و ليس ثنائي، و دفيد غوفرين عندما يريد إضفاء طابع الثنائية عليها فهو يريد إعفاء الولايات المتحدة الأمريكية من مسؤوليتها السياسية اتجاه الإعلان و اتجاه المغرب،و يريد كذلك إعفاء إسرائيل من أي التزام سياسي اتجاه المغرب تمخص من هذا الإعلان الثلاثي، لذلك مستقبلا افتتاح  لقنصلية إسرائيلية بالرباط لا يجب أن يكون إلا ضمن ما تم الاتفاق عليه في الإعلان و ليس خارجه، لوضع النقط على الحروف. 

دفيد غوفرين بالعودة لجوابه حول رؤيته"رؤية إسرائيل" للنزاع و للحل قدم جوابا هلاميا، يعكس تهربا حقيقيا من تقديم جواب واضح داعم للمغرب و للحكم الذاتي، بل يمكن القول أنه قدم ردا فيه تلاقي مع رؤية الجزائر، فعندما يتحدث دفيد غوفرين عن الحوار المباشر، فهو يلتقي مع الدولة الجزائرية التي لها نفس الطرح و الموقف مما يجعل من دفيد غوفرين و شنقريحة يرددان نفس الأسطوانة على نفس اللحن و هنا يجب أن نقف اذا كان دفيد غوفرين يريد إرسال رسائا سياسية للجزائر فهي لا يجب أن تكون على حساب المغرب وعلى حساب قضيته الوطنية قضية الأمة و العرش، دفيد غوفرين عندما يتحدث في ذات الحوار عن تبني إسرائيل " حل سلمي" هكذا دون تقديم ملاكم هذا الحل السلمي، دون تسمية هذا الحل و المقصود به فهو يترك الباب أمام تأويلات عديدة منها أن "استفتاء تقرير المصير" قد يكون أيضا بهذا المعني حلا سلميا أيضا في نظر دفيد غوفرين!!! 

المغرب عليه أن يتحرك رسميا لدى الدوائر الدبلوماسية داخل إسرائيل،و يطلب منها استفسارات حول هذا الحوار، لماذا تم في وكالة إيفي بالضبط وفي هذا التوقيت على بعد أيام قليلة من مناقشة الملف بمجلس الأمن و نعلم أن إسبانيا عضوة بالمجلس و معنية تاريخيا بالنزاع، وحول مضامين الحوار الخطيرة جدا التي تعاكس طبيعة العلاقة التي توجد بين البلدين منها أنها تأسست على الإعلان الثلاثي و ليس على عودة العلاقة بشكل ثنائي، وليس على المس الصريح أو الضمني بالقضية الحيوية والوطنية الأولى للمغرب و المغاربة.

يجب أن تفهم إسرائيل و قبلهما دفيد غوفرين أن المغاربة عندما صفقوا لعودة العلاقة بين المغرب و اسرائيل، فليس لأنهم متغاضين عما تقوم به إسرائيل فلسطين،و عن جدار الفصل العنصري الذي تقيمه، و عن الاغتيالات التي تتم الكوادر الفلسطينية و هي وقائع اذا عدنا لتفاصيلها لا تعكس ما قاله دفيد غوفرين من كون إسرائيل دولة دىموقراطية، وتتناقض كلية مع ما صرح به دفيد من كونن يريد حلا سلميا بنزاع الصحراء لأنه لو كان يريد السلام لأقامه أولا مع الفلسطينيين، بل على العكس من ذلك، المغاربة صفقوا لهذه العودة لأنهم يثقون أولا بملكهم و يثقون في كونه بإشرافه على توقيع الإعلان الثلاثي وعودة العلاقة بين إسرائيل والمغرب فذلك فيه مصلحة للمغرب، وليس لأسباب أخرى لأن علاقة اليهود المغاربة المقيمين باسرائيل لم تنقطع يوما لبلدهم المغرب و كانت تاريخية، وستظل كذلك، ولا تنتطر من دفيد غوفرين أن يضعها في سياق سياسوي و يعرضها لاستغلال دبلوماسية للأسف بشع.

لثالث مرة يؤكد دفيد غوفرين أنه لم يفهم المغرب بعد، و يبدو أنه لن يفهمه، و يؤكد أنه لا يناسب بلدا بحجم المغرب ليقوم فيه بدور دبلوماسية، بل أؤكد له أن الكثير من الحماس لعودة العلاقة بين البلدين على الصعيد الشعبي قد خفت بسبب تحركاته وتصريحاته الغير المحسوبة، ويجب لمن يعتبر نفسه صديقا له بالمغرب أن ينبهه بأن تكرار هذه الأخطاء لن يجر على من بعثه غير السخط الشعبي و الرسمي كذلك اذا ما استمر على التحرك بهذا الشكل الضبابي.