الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

يجيب عنه أبو وائل: هل فرض إجبارية جواز التلقيح هو الحل؟

يجيب عنه أبو وائل: هل فرض إجبارية جواز التلقيح هو الحل؟ إقرار حرية التلقيح من عدمه لا يعني حرية عدم الملقحين
هل يمكن للمغرب أن يتحمل حالة إغلاق كامل، أو حتى جزئي، مرة أخرى؟ وهل يستطيع المغرب تحمل حالة حجر جديد؟ وما هي الآثار النفسية والاقتصادية والاجتماعية لمثل هذا القرار؟
هذه هي التساؤلات المقلقة التي عالجها أبو وائل الريفي في بوحه المنشور بموقع "شوف تيفي":
 
بالتأكيد لا قدرة للبلاد على ذلك. والمتضرر من حالة الإغلاق هو الاقتصاد والتعليم والصحة، وستتضرر كل فئات المغاربة بدرجات متفاوتة. ولذلك فالسؤال الرئيسي هو كيف يمكن الموازنة بين الحفاظ على الصحة العامة وبين السير الأقرب إلى العادي للحياة العامة؟ هنا يبرز ثقل المسؤولية الذي يقع على عاتق صانع القرار.
لم تتوان السلطات المغربية بمختلف أنواعها ومستوياتها في تغليب كفة الصحة العامة واتخاذ قرارات للحيلولة دون ارتفاع حالات الإصابة فعلقت وسط هذا الأسبوع الرحلات الجوية مع المملكة المتحدة وهولندا وألمانيا، ولم تقصر هذه السلطات في توفير اللقاح لكل المغاربة باعتباره، إلى حدود الساعة، هو الحل المتوفر للحد من انتشار الفيروس والتخفيف من آثاره. والملاحظ أن الحالة الوبائية تتحسن بشكل مترابط مع التقدم في حملة التلقيح. ويعتبر المغرب من الدول القليلة في العالم التي اعتمدت الجرعة الثالثة وعممتها لتعزيز فرص تحقيق مناعة جماعية وتفادي انتكاسة صحية ستكون لها انعكاسات على كل المجالات الأخرى، وهو ما يتعارض مع كل المجهود الذي تبذله الدولة للعودة بتدرج، ولكن بسرعة، إلى الحياة الطبيعية رغبة في المستقبل وأملا في انتعاش سريع لقطاعات كثيرة لم تخرج بعد من أزمتها، وتنفيسا على فئات واسعة متضررة من هذا الركود في تلك القطاعات.
لذلك، كان يلزم اتخاذ خطوات وقائية جديدة ومناسبة لتجنب انتكاسة تعصف بكل المكتسبات، وتؤثر على السير الطبيعي للمرافق العامة والخاصة، وتزيد الضغط على المنظومة الصحية التي تستحق مواردها البشرية قسطا من الراحة بعد المجهودات الاستثنائية التي بذلوها طيلة السنتين الماضيتين. والأهم أن تدفع هذه الخطوات المغاربة للإقبال على التلقيح.
هل التلقيح هو الحل؟ نعم، لحد الساعة ليس هناك حل غيره وكل الدراسات تشير إلى أن احتمال الإصابة عند الملقحين أضعف، وخطورة الإصابة عندهم أقل بكثير مقارنة مع غير الملقحين. والمثال الحي الذي يعيشه المغاربة يوميا هو تنازل منحى الإصابة وخطورتها بعد هذا التقدم الذي أحرزه المغرب في حملة التلقيح. والأرقام اليومية خير مثال.
هل فرض إجبارية جواز التلقيح حل؟ نعم، هو جزء من الحل لتفادي حالة عدم الانضباط للتدابير الاحترازية التي تتزايد يوما بعد آخر بسبب شعور زائف ووهمي بالأمان غير مسنود بأدلة علمية وفي ظل احتمال ظهور متحورات جديدة لسنا بمأمن منها طالما أن الحدود مفتوحة والاختلاط على أشده.
وهل طريقة اعتماد جواز التلقيح مقبولة بهذه السرعة والفجائية؟ نعم، ولا ننسى أن البلاد كلها في حالة طوارئ صحية، وأن خاصية هذا الفيروس هي المفاجأة وهو ما يلزم السلطات بيقظة تامة واتخاذ قرارات استعجالية كما يلزم الجميع بنوع من القابلية للتأقلم معها وحوافز للتطبيق حرصا على تجنب الأسوأ. جواز التلقيح إجراء إداري لتيسير الحياة العامة يجنب الملقحين، وهم غالبية المغاربة، كثرة التعقيدات الإدارية والبيروقراطية للحصول على رخص التنقل، ويجنبهم كذلك عدوى الإصابة جراء الاختلاط بغير الملقحين بدون مبرر، ويخفف العبء على الإدارة العمومية لتتفرغ لأعمال أخرى.
ليس أمامنا حلول كثيرة، ولسنا في مأمن من انتشار جديد للفيروس في ظل موجة الارتفاع الحالية في دول أخرى، وغير مسموح نهائيا التهاون بخصوص كل ما يرتبط بالصحة العامة حتى لا يختل النظام العام فنندم جميعا لأننا لم نحسن الاستفادة من الهامش الذي كان متاحا وأفرطنا في التجاهل واللامبالاة، وغير مقبول كذلك التضحية بكل المكاسب السابقة وتعريض مصلحة البلاد والمغاربة للمخاطر. ولذلك وجب تفهم كل هذه الخطوات الظرفية والمؤقتة والتعامل معها وفق الهدف الذي اتخذت من أجله. في مثل هذه المناسبات، نحتاج لدولة قوية وسلطة شجاعة لتذكير المواطنين بالواجب. وكم سرني وأنا أتجول في بعض المناطق وأنا أرى هذا الإقبال على التلقيح الذي يؤكد أن الحاجة كانت ماسة إلى إجراء مثل هذا لتستوعب فئة من المواطنين خطورة الوضع والتداعيات الممكنة لذلك.
إن إقرار حرية التلقيح من عدمه لا يعني حرية عدم الملقحين الذين لا يحملون معهم ٱختبارات سلبية في ٱرتياد الأماكن العامة، و بالتالي إجهاض ٱستكمال المجهود الوطني في تمنيع المجتمع لتسهيل عودة سريعة إلى الحياة الطبيعية و تنشيط الدورة الإقتصادية التي يتطلع لها الجميع.