الثلاثاء 19 مارس 2024
سياسة

تشيكيطو: تنفيذ إحصاء ساكنة مخيمات تندوف معناه فتح باب جهنم أمام عسكر الجزائر

تشيكيطو: تنفيذ إحصاء ساكنة مخيمات تندوف معناه فتح باب جهنم أمام عسكر الجزائر عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان
أعتقد أن طبيعة الفعل الجرمي منذ التاريخ اعتمدت أسلوب إقبار الدلائل والبراهين التي قد تساهم في تثبيت الإدانة في حق مرتكب الجريمة، وبما أن جنرالات الجزائر متورطون إلى جانب مرتزقة البوليساريو في تبذير وسرقة المساعدات الموجهة للمحتجزين بمخيمات تندوف، فهم بالضرورة لن يسمحوا بتعبيد الطريق أمام المفوضية السامية للاجئين نحو المخيمات لإحصاء المحتجزين بها، خاصة وأن حكام الجزائر متيقنين على أن ضبط عدد المحتجزين يعد آلية لتمكين المفوضية العليا للاجئين من تحديد الحاجيات الإنسانية بكيفية دقيقة، وسيضع حدا أمام  تبذير موارد المفوضية العليا لشؤون اللاجئين نتيجة لتحويل المساعدات الإنسانية الدولية، التي تم تقديمها على مدى سنوات عديدة لمخيمات تندوف على أساس أرقام تم تضخيمها لأغراض تخدم مصلحة الجنرالات، ثم إن العسكر الجزائري على يقين أن الإحصاء سيكشف اختلاساتهم ومكائدهم المتجلية في تحويل مسار المساعدات إلى أسواق دول مجاورة وهو ما يعد في نظر القانون الإنساني الدولي جريمة حرب.  
كما لا يجب أن نغفل معطى آخر يبرر رفض الجزائر لعملية الإحصاء، يتجلى في كون هذه العملية ستسمح بتحديد الأشخاص ذوي الأصول الصحراوية والأشخاص المنتمين لبلدان أخرى ويقيمون في مخيمات تندوف، وهو ما يساعد المفوضية الأممية على القيام بدورها المؤسساتي، المتمثل في فتح حوار فردي مع الأشخاص ذوي الأصول الصحراوية حول مدى رغبتهم في البقاء بها أو الالتحاق بالمغرب، أو الاستقرار في دولة أخرى خارج تندوف، وما يفتح أيضا احتمالية عدم اقتناع الغالبية الساحقة من المحتجزين بمطلب تقرير المصير وميولهم إلى أطروحة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنوات ولقيت ترحيبا دوليا.
لا يمكن لأي متتبع أن ينكر تواطؤ عدد من الدول مع الجزائر وحمايتها لها بل ودعمها بشكل مباشر أو بطرق سرية، فرغم أن عدد من الهيئات والمؤسسات الدولية قد كشفت عن وقوع جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وانتهاكات جسيمة في مجال حقوق الإنسان، من أبرزها الاتجار في البشر وسرقة المساعدات الإنسانية والاختطاف والاعتقال التعسفي والتعذيب والاغتصاب وتجنيد الأطفال.. وغير ذلك من الجرائم التي أقرت بوجودها وسائل إعلام دولية وهيئات أممية وعلى رأسها لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، إلا أن الجزائر مازالت تستفيد من تواطؤ بعض الدول التي يهمها جدا أن يسود التوتر المنطقة وأن يبقى الوضع على ما هو عليه، إما لأن لها أهداف جيوستراتيجية أو أنها تستفيد من تجارة الحرب الهادئة، لذلك فإن جهود جهات بالمجتمع الدولي للكشف عن حقيقة الأوضاع بمخيمات تندوف تقوضها مناورات دول أخرى تسعى في غالب الأحيان إلى ترجيح كفة الجزائر والبوليساريو حتى لا يتمكن المغرب من هذه القضية. فالملاحظ مثلا على مستوى الاتحاد الأوروبي كلما خرجت هيئة أو مؤسسة أوروبية ما لفضح التلاعبات في المساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي للمحتجزين بمخيمات تندوف إلا وواجهتها جهة موازية بالحديث عن اتفاقية الصيد البحري مع المغرب.
مع الأسف المجتمع الدولي تطغى عليه المصالح ولا تهمه أوضاع المحتجزين، بل إن جزء منه لا يريد لهذه القضية الإنسانية أن تجد طريقها نحو الحل.
المغرب يمتلك ملفات خطيرة تدين جنرالات الجزائر وزبانية البوليساريو ودلائل مادية تؤكد معاناة المحتجزين بمخيمات تندوف، وعليه أن يضغط بإخراج تلك الملفات إلى العلن، وأن لا يتردد في تقديمها أمام المحاكم الدولية.
على الدولة أن تتصور النتائج التي يمكن أن تحققها المنظمات الحقوقية إذا ما أمدتها بالإمكانيات اللازمة في هذا الإطار وإذا ما فتحت أمامها باب التعاون، خاصة وأن المعركة في القادم من السنوات لن تكون فقط معركة سياسية أو عسكرية أو اقتصادية وإنما إلى حد كبير ستكون معركة حقوقية. لذلك على المغرب أن يحرص بشكل دقيق على احترام حقوق الإنسان بكل ربوع المملكة حتى لا يكون مستهدفا في هذا الإطار وأن يتعاون مع منظماته الحقوقية ويسهل ولوجها إلى المنتديات الدولية لفضح خروقات وانتهاكات الجزائر البوليساريو في حق المحتجزات والمحتجزين بمخيمات تندوف.
لا يجب أيضا أن نغفل دور الإعلام، فمسؤوليته لا تقل عن مسؤولية المنظمات الحقوقية، فهو بما يمتلكه من آليات قادر على فضح كل تلك الخروقات والجرائم، وفضاءاته المفتوحة على العالم قادرة على أن تلفت انتباه المجتمع الدولى بتلك المنطقة.