الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

محمد الشمسي: "حرام عليكم" النظام ليس شريرا إلى هذه الدرجة...

محمد الشمسي: "حرام عليكم" النظام ليس شريرا إلى هذه الدرجة... محمد الشمسي ومشهد من أحد مكاتب التصويت

قرأت عددا من المقالات، وكثيرا من التعليقات، وشاهدت العديد من البرامج، تحلل وتناقش نتائج الانتخابات المغربية الأخيرة، ووجدت شبه إجماع لدى المتكلمين على وجود بصمة خفية لم ترصدها إلا عيونهم، وهي بصمة المخزن أو بصمة القصر أو بصمة النظام حسب قولهم، وقد كتب أولئك المحللون أو قالوا إن القصر أو النظام أو المخزن هو الممسك بخيوط الكركوزة الانتخابية في المغرب، وهو الذي يراقصها على أرض الواقع كما يحلو له، وأنه هو من هندس وتكتك وخطط ودبر، وأنه هو من رفع حزب العدالة والتنمية في الولايتين السابقتين إلى "أعلى عليين" ثم هو من "خبطه مع الأرض" في 8 شتنبر، وأنه هو من يستدرج السياسيين حتى إذا قضى منهم وطرا رماهم في غياهب المجهول، وأنه يعلم ويتوقع ويدرس ويرقب المشهد ثم لا يلبث أن يرمي بحطبه في نار السياسة ليشوي من يشاء وينجي من يشاء، وآخرهم حزب العدالة والتنمية فيزعمون أن النظام "مسح به الخطايا" ثم صلبه صلبا، ووضعه قرب المدفئة ...

 

لكن ما هو دليل القائلين والكاتبين والمتحدثين في كل هذا؟ هل هي حقائق قائمة على أدلة وبراهين فما زلنا لم نجد لها أثرا في حديثهم؟ أم هي مجرد ظنون وشكوك وأضغاث أوهام؟...

 

ما هي مصلحة النظام في أن يرسم خريطة سياسية "سلبية" وضد مصلحة الشعب، وهو المالك بزمام الأمور دستوريا وشرعيا؟ فهو ليس نظاما محتلا حتى يشدد كل هذه الحراسة على المشهد السياسي، ثم إن النظام نفسه في حاجة لمن يعينه على تحقيق "التنمية المنتظرة"، والتي هي صمام أمانه للبقاء في السلطة آمنا سالما، وبالتبعية فالنظام يُنقب عن "المخلص" الذي يواجه به هموم المواطنين اليومية..

 

فكيف يمكن للنظام أن يزكي حزبا على حساب حزب والأحزاب كلها محكومة بنفس القانون وتشتغل تحت نفس السقف؟ ولماذا سيدفع النظام ببروز هذا وإغراق الآخر وكل الأحزاب تسبح بحمده وتبايعه ولا تجادل في شرعيته؟، ثم لماذا لا نترك مساحة صغيرة للقول بأن ما جرى وما وقع خلال انتخابات 2021 هو نتاج تفاعل أحداث، من إخفاقات متتالية لحزب العدالة والتنمية وتوظيف محكم من خصومه لتلك الإخفاقات، وهي إخفاقات حقيقية وثابتة ويشهد بها جل المواطنين إن لم نقل كلهم؟ ثم هل كل حزب لفظته صناديق الاقتراع تعرض بالضرورة لمؤامرة؟ ثم ماذا يريد أي حزب سياسي في مسيرته السياسية غير الوصول إلى سدة الحكومة لولايتين متتاليتين حتى يطبق برنامجه؟ فهل هناك حزب خلد في الحكومة أو في الصدارة؟ وإذا لم يحقق الحزب أمجادا وإنجازات في العشر سنوات المتتالية يذكرها له الناخبون فمتى سيحقق لهم ذلك؟ وهل يستحق الحزب الذي حكم 10 سنوات يصفها الناس ب"العجاف" فرصة جديدة؟ وأخيرا أليست الأحزاب هي نتاج أفكار والأفكار تخضع لسنة الولادة ثم القوة ثم الأفول ما بين الموت أو الاحتضار؟ .

 

أجزم أن المخزن والنظام والقصر -على الأقل في زمن الملك محمد السادس- لا دخل لهم في نتائج 8 شتنبر.. وأجزم أن القصر والنظام منشغل بقضاياه الأكثر تعقيدا وتركيبا في محيط دولي وإقليمي يتفاعل بشكل مفاجئ وعنيف ودراماتيكي، دون الجزم أنه يغض بصره عن ذلك المشهد، وأنه لا يراقبه.. ودليلي أني لا أعرف مواطنا أو ناخبا أوصاه أو أمره مبعوث النظام أو القصر أو المخزن بالتصويت لهذا دون ذاك..

 

ومن يقول إن النظام يتحرك بطرق تفوق سذاجتنا فليأتنا بحجة وببرهان، وإن كان صاحبنا "يتعالم" علينا بكونه محللا فهو من طينة المحللين الذين تراهم في كل واد يهيمون...

 

فالنظام ليس شريرا ولا داهية إلى هذه الدرجة، وحسبه أنه هو نفسه يبحث عن سبل التنمية ويسأل عن مصير الثروة، وينتظر قطار الديمقراطية مع المنتظرين...