الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

رشيد لبكر :التربية على المواطنة  يجب أن تكون خارج زمن الانتخابات 

رشيد لبكر :التربية على المواطنة  يجب أن تكون خارج زمن الانتخابات  رشيد لبكر
كتب صديق  منتقدا بعض الناس الذين يأخذون 200 درهم مقابل منح صوتهم...واصفا إياههم بصفات تقلل من أقدارهم وتحطهم الى مراتب دون الحمير... وظني، أن تناول الامر بإطلاقه حشومة وعيب في حق هؤلاء الناس.وظلم في حقهم، وقد علقت على تدوينته بهذا التعليق الذي يعكس قناعتي بدون لف ولا نصوص إنشائية...

قلت له:  " الذنب ماشي ذنب من باع ب200 او 100 درهم لأنهم لا يعلمون.....الناس اللي مدركين معنى التصويت  عندك الحق في اللي قلتيه في حقهم...ولكن واحد الأغلبية الكبيرة منهم، اقسم لك ما عارفة اشنو معنى  الانتخابات اصلا!!؟... عندما اجد دوائر بها تنافس شريف وبلا توجيه ولا تأثير تحت الضغط ولا دق تحت الحزام ولا ديماغوجية ولا سلطة المال او القبيلة ...سيكون لما ورد في تدوينتك معنى...اما اليوم...فالمواطن  اليائس ..المقهور...المهمش...لا يفهم من اللعبة السياسية برمتها غير ديك 200 درهم اللي قلت...اتكلم عن واقع نعيشه ونعاينه في ايام الحملة هذه، في مغرب آخر غير الذي تعرفه في مدينتك ...صورة مرة ومحزنة ولكنها هي الحقيقة...مع حبي وتقديري لك الكبير...تدوينتك يكون لها معنى لو ترجمت إلى لغة دولة تحترم فيها الديمقراطية وبها مواطن يعي معنى الانتخاب ويقدر قداسة الصوت...اما عندنا فدع الامور تسير كما تراها ولا تحمل المواطن وزر أشياء يجهلها ولا تعني له شيئا. فالنحل لا يحط على الفاكهة المتعفنة والزرع تيتنقى قبل ما تديه الطاحونة ...وما يمكنش توقف الطاحونة باش نقول لمولاها تسناني حتى نقي قمحي...وفي ظل الواقع اللي انت تتعرفو اكثر مني.. إلى تسنينا حتى لدابا عاد فقنا باش نشرو الوعي بين الناس بعدم بيع الذمم، فراه القطار غادي يكون فاتنا بزاف  ...حينت  الهم ديال المرشحين دابا هو جري علي نجري عليك...وكل الوسائل تصبح عندهم مشروعة...والعديد من الأحزاب تيقولو الآن :  "أيه نعماس، كنا باغين الشباب و باغين ناس نظاف ندعموهم...ولكن مللي احما الوطيس وللينا باغين المقعد ..".و اللي قال هاد شي راه هو واقعي مع راسو في ظل بنية الأمية المتفشية ..اش بغيتيهوم يديرو دابا...ينشرو الوعي!؟...موحال صديقي.... داكشي غير كلام وصافي...طبعا انا ضد شراء الذمم، ولكن في حالة ما إذا  كانت قواعد اللعبة واضحة وعادلة والمواطن شبعان ومكون سياسيا، وهاد شي  هو اللي مكاينش الآن مع الاسف،  لذا فالتربية على المواطنة و توعية المواطن البسيط بجريمة بيع الذمم، خاصها تكون خارج زمن الانتخابات وبشكل دائم ومستمر ...ماشي دابا...لأن التوعية اختيار،  يحتاج لنفس طويل ووعي عميق ومجهود جبار وارادة قتالية وعزيمة بطولية... ومع الاسف الزمن الانتخابي لا يكفي ...الكارثة ان ما نسميه  شراء ذمم عن وعي.. يعتبره البعض الآخر من المواطنين البسطاء رزق ساقه الله إليه وعن وعي ايضا.. لأن تفكيره بعيد جدا عن قضية شراء الذمم...راه هناك فرق شاسع بين تفكير هؤلاء  وتفكير النخبة... وايضا هناك اختلاف بين هموم هؤلاء وهؤلاء.." أنا مش كافر...لكن الجوع كافر"..

ألا ترى معي الآن، أن المواطن - بغض النظر عن مستواه المادي او الفكري-  لا يبيع وطنه ولو بمليار درهم، لانه ببساطة شديدة  يدرك معنى وقيمة  الوطن ...وكذا لا يبيع دينه ولو بأكثر من ذلك لانه يستشعر قيمة التدين في قلبه ولا يحتاج لمن بشعرها بهذا الإحساس...ولو أدرك هذا المواطن معنى الانتخاب حق معناه ما باع صوته...ولكنه لا يدرك المعنى تماما... الانتخابات في نظره ملهاة...شيء تافه...لأنه لا يحس بأثرها على واقعه المعيش...

آباؤنا عاشوا مع المستعمر بطولات من  التضحية والوفاء وذاقوا حلاوة الانتماء،  لذلك استشهدوا فداء للوطن واسترخسوا الارواح ولم يبيعوا الذمم.. أما الاجيال التي لحقتهم فأجيال تيه وضياع...ارجو ان يتغير الوضع  بتغير الوعي وتلك مسؤولية الدولة والاحزاب وكل وسائل التنشئة خارج زمن الانتخابات وليس في خضمها.