الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

حبيبي: لماذا يخاف بعض الأطفال من المدرسة؟

حبيبي: لماذا يخاف بعض الأطفال من المدرسة؟ عبد الإلاه حبيبي
لماذا يخاف بعض الأطفال من المدرسة ويهابون الدخول المدرسي...
بكل بساطة ودون مقدمات نظرية معقدة، يرتبط الخوف من المدرسة بتجربة نفسية مؤلمة، بعجز مفرط  على مستوى غياب خطاب يدعم مشاعر تحبيب المدرسة وجعلها صديقة الطفولة بدل أن تكون الضد الذي ينفيها أو الخصم الذي يتربص بها...
كتبت ذات زمان عن هذا الموضوع من زاوية سيكو-بيداغوجية، وحاولت أن احلل العناصر التي لها علاقة بخوف الطفل من المدرسة وإصابته بأعراض خاصة ترافق حلول الموسم الدراسي... وقد كشفت عن بعض من هذه الأعراض التي تسبق هذه المخاوف وتخبر عنها، حيث يفقد الطفل حيويته التي اكتسبها خلال العطلة، مع انسحابه من كل دردشة لها علاقة  بالدخول المدرسي وطقوسه المتكررة، إضافة إلى عودة اضطرابات النوم و التعرق خلال النوم، مع بداية استعادة شكاوى من آلام جسدية كانت في حكم المضمر خلال فترة الابتعاد عن المدرسة وأجوائها...
الطفل الذي يخاف من المدرسة هو طفل تعرض للعنف الجسدي أو اللفظي أو الرمزي خلال تمدرسه، حيث لم تعط له فرصة لفهم واستيعاب الحياة المدرسية، بل كانت ردود أفعال الذين يحيطون به سلبية، شرسة، عدائية، وكأنها تتواطأ جميعها من أجل تجريمه، واعتباره هو المسؤول عن كل ما يقع له من مشاكل في تواصله مع المدرسين والأقران بل وحتى الوالدين...
الطفل الخائف هو طفل يطلب النجدة، يتوسل المعونة النفسية، يريد أن يعبر عما يخيفه في المدرسة، عما ينغص حياته المدرسية، لكن لا أحد يريد سماع صوته، أو الإنصات لمعاناته، بل تتم مصادرة هذا الحق بمزيد من الالتزامات والواجبات في شكل تعذيب مضاعف وكأنه ارتكب خطيئة حينما عبر بملامحه وجسده و ارتعاشات أطرافه، بل وتبوله ليلا في الفراش عن عدم تأقلمه مع منطق المدرسة...
هناك جهل فظيع لدى بعض المدرسات والمدرسين بحاجيات الأطفال النفسية، ومخاوفهم المحتملة خلال اندماجهم في الصف الدراسي، حيث نرى البعض منهم يغضون الطرف عن كل ما هو نفسي بدعوى أنه قد يشكل ملاذا آمنا للطفل الذي يريد مبررا لرفضه القيام بواجباته المدرسية، وهو ما يزيد الطين بلة، ويعمق معاناة هؤلاء الأطفال، ويساهم في تهميشهم، بل ووصمهم بشتى الأوصاف السلبية التي تكرسهم في القسم ك" كسالى" أو "مشاغبين" أو "حتى صعاليك".. وضمن هؤلاء الأطفال قد نجد أبناء الطلاق واليتامى، وآخرين يعيشون في أوساط أسرية مفككة أو بدون معيل قار... لكن المدرسة أو المدرس يعفي نفسه من هكذا أسئلة لأن تركيزه يلتهمه المقرر والامتحانات والواجبات والمفتش والمدير أو المديرة وغيرها من الاكراهات التي تؤجل السؤال السيكولوجي لتتفرغ فقط للمحاكمات الأخلاقية و التعابير العامة التي تعبر عن خلو المدرسة المغربية كانت عمومية أو خاصة من هذه الروح الإنسانوية التي بدونها يستحيل أن نصالح بين الطفولة والتمدرس، أو بين الخيال والنظام، اللذان هما ضروريان لبناء شخصية متوازنة والسماح لكل طفل بأن يكتشف هويته ويتعرف بسلاسة عن هوية المدرسة ومساعدته على أن يتواصل ويتفتح ويتقبل بالتدريج النظام مع الاستماع إلى آلامه ومعاناته ومخاوفه حتى نسهل مأمورية عبوره من ذاته نحو الحياة المدرسية المعقدة التركيب...