الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد بنطلحة: دور الأحزاب في العملية الانتخابية

محمد بنطلحة: دور الأحزاب في العملية الانتخابية محمد بنطلحة
ان الانتخابات يمكن أن تكون منطلقا ايجابيا للتغيير، وفرصة لاشراك أكبر نسبة من المجتمع في التفكير والمساهمة في معالجة المشاكل المطروحة، لأنه كلما صار المجتمع بكافة مكوناته في اتجاه البحث عن الحلول العملية للمشاكل الأساسية، كلما استفدنا من إنتاج ثقافة اشراك المجتمع في التفكير بشكل عملي في مواجهة المشاكل الملموسة.
 
أننا نؤكد أن مدخل افراز سياسي واقتصادي واجتماعي جديد لايقتصر فقط على دور الدولة في العملية الانتخابية، فالأحزاب مطالبة بأن تلعب دورا هاما في الحياة السياسية وان تكون بمثابة القوة المحركة للتغيير الديمقراطي، انطلاقا مما تطرقنا إليه، كيف استطاعت الأحزاب المغربية ان تتفاعل وتؤثر في المشهد السياسي المغربي؟ في البداية يجب أن نؤكد أن مفهوم التدبير يحيل مباشرة الى جملة من خيارات ووسائل واستراتيجيات يتخذها الفاعل السياسي لمواجهة اكراهات النسق السياسي الذي يحتضنه، وتجعله يوازن بين الوسائل والرهانات بغية تحقيق أكبر قدر من المردود وأقل قدر من الخسارة، خصوصا اذا كان الفاعل السياسي امام اكراهات غير تقليدية، أي يتعدى سقف الحصول على المشروعية أو تجديدها لترهن وجود الحزب ذاته، وتضع علامات استفهام حول مستقبله السياسي داخل النسق السياسي.
 
أن الأحزاب السياسية مطالبة بالقيام بانتخابات داخل فروعها المحلية لاختيار مرشحيها وترتيبهم أو على الأقل وضع معايير واضحة وشفافة في عملية الانتقاء والترتيب، حتى يكون الحزب قادرا على ضبط المرشح عندما يفوز، خصوصا في تصرفاته وسلوكه على المستوى المحلي وطريقة تدبير الشأن العام،وحتى لايصبح الحزب وسيلة فقط لاعطاء التزكية، وحين نتطرق الى البرامج، نؤكد أنها يجب ان تقدم حلولا ملموسة وواقعية للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية، ويجب على الأحزاب ان تقدم برامج تعطي ارقاما محددة وبرامج مفصلة ومضبوطة، وتبين الطريقة التي سيتم بها تحقيق الانطلاقة الاقتصادية المنتظرة، وتقدم تصورا واضحا لمفهوم التنمية، أما التعابير العامة والانشائية فلم تعد تحضى باي اهمية تذكر، لقد أعطى "بوريكو" تعريفا للمرقع  le bricoleur يدل فيه أن المرقع على خلاف المهندس ليس هدفه الأساسي هو الحصول على الموارد والأدوات المناسبة لانجاز مشروعه، بل أن خطة عمله هي استعمال مايقع تحت يديه les moyens de bord أي عدد محدود من الأدوات والمواد المختلفة والمتنافرة، ويرى "بوريكو" أن وضعية المرقع شبيهة بوضعية الاديولوجي التي تحدث عنها "استراوس" فهو مثله يمارس تأثيرا على عناصر الواقع المحيط به،الا انه مهووس بفكرة العثور على معنى واحد وكلي للتنوع وتعدد الواقع.ان الثقافة الديمقراطية الحقيقية، تفترض في الأحزاب، الإعلان على تحالفاتها قبل خوض ابانتخابات حتى يكون الرأي العام على بينة قبل التصويت، وحتى تكون التعاقدات واضحة وشفافة،حتى لانعيش مستقبلا تفاصيل تحالفات يغيب فيها المنطق،حيث يتحول انتخاب المجالس الجماعية الى بورصة حقيقية تسقط فيها كل مؤشرات السياسة، و‘لى غياب سؤال التوقع من عملية الانتخابات قبل دخولها.
 
أن تقلبات بعض المنتخبين تجعلنا نستحضر شخصية المجتمع المركب، كما يقدمها لنا "بول باسكون" تلك الشخصية التي تنضبط لعالم معقد ومركب،حيث خلص"باسكون" إلى أن إنسان المجتمع المركب، يلعب على جميع الحبال،لاتهمه الا مصلحته الشخصية، بل يسعى لاستغلال القيم، ويسمي "واتربوري" هذا بالإنقسامية، حيث يمتاز الفرد ببراجمتية فجة، ينتظر الفرصة ليكون الى جانب المنتصر،وبالتالي يشارك في اللعبة نفسها، وذلك مايفسر الصراع الدائم، إلا أنه لايتولد عنه سوى الجمود.
 
الان وبعد استعراضنا لما سبق نجد ان الطبقة السياسية مطالبة بكثير من الجرأة في العملية السياسية، إذ أن الموضوع يتعلق باعادة الاعتبار للعمل الحزبي، وتدعيم الثقة بين المواطن والاحزاب السياسية، ويجب أن نؤكد ان مدخل افراز نخبة محلية جديدة، لايقتصر على دور الدولة في العملية الانتخابية، فالأحزاب مطالبة بان تلعب دورا هاما في الحياة السياسية وأن تكون بمثابة القوة المحركة للتغيير الديمقراطي، وأن تقوم بتاطير المناضلين وتكوينهم وأن تتحمل مسؤولياتها السياسية في ايصال عناصر مؤهلة للاطلاع بالمهام الانتخابية.
 
أن الأحزاب يجب عليها أن تعطي الثقة للمواطن، وأن تقوم باعادة بناء نفسها وتفتح أفقا جديدا بحيث يكون لها مشروع سياسي واضح، وتعمل على تعبئة قواعدها انطلاقا من ديناميكية جديدة وذلك من أجل تحقيق الأحلام الكبرى لهذا الوطن...