الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الإله حسنين: من أجل اعتراف المجتمع المغربي بالوقت الحر كمؤسسة للتنشيط التربوي والترفيهي

عبد الإله حسنين:  من أجل اعتراف المجتمع المغربي  بالوقت الحر كمؤسسة للتنشيط التربوي والترفيهي عبد الإله حسنين
حين كنا ننادي خلال سنوات السبعينيات بأهمية العطلة في حياة الطفولة المغربية، وبحقهم في الاستمتاع بأوقاتهم الحرة لقضاء أيام ترفيهية سواء مع العائلة أو داخل المخيم أو في فضاءات الجمعية؛ كنا ننعت آنذاك بالطوباويين الحالمين بالغد البعيد. ثم عشنا فيما بعد داخل المجتمع على إيقاع مفهوم المخيم وبرامج العطلة للجميع من خلال المخيمات الربيعية والصيفية، وكمرحلة غير مسبوقة نحو تحقيق مطلبنا الدائم والمستمر أي حق المخيم لكل من وصل سن التخييم وعدم الاستمرار في تركه امتيازا لفئات دون أخرى، وها نحن اليوم نمر بتجربة التنشيط والترفيه دون مبيت ولا نقل، وهو ما سمي صيفيات 2021، فما الذي يمنعنا اليوم من تنظيم كل ذلك في مؤسسة معترف بها؟
إن جل الدراسات تخلص إلى أن أهم رهانات التربية الحديثة هو خلق الظروف الملائمة لوجود وقت يكون لكل واحد فيه الحق في الاستمتاع به وحسب إيقاعاته سواء كان طفلا أو راشدا، رجلا أو امرأة. ويمكن تسجيل أن ثلث أوقات الأطفال هي أوقات حرة، والوقت الحر كما تعلمون هو الوقت الذي لا يكون فيه الطفل بالمدرسة ولا في فترة الاستجابة لحاجياته الطبيعية كالراحة والتغذية والنوم والنظافة والصحة، ولا يكون فيه مرتبطا بالتزامات عائلية؛ بل وقتا يكون فيه الطفل فاعلا أو يمكنه ذلك. ويمكن استعمال هذا الوقت لكل الأنشطة الممكنة سواء مع العائلة أو الأصدقاء أو داخل المؤسسات والمرافق التي يمكنه الاستفادة من خدماتها، وهو ما يمكن اعتباره عطلة بالمفهوم المتداول، عطلة من الالتزامات التعليمية ومن الواجبات العائلية. فالوقت الحر لا يجب اعتباره وقتا زائدا بل هو وقت مرتبط أشد الارتباط بالبحث عن جودة الحياة وكرامتها.
إن الأطفال هم الذين يشكلون الغالبية من أبناء وطننا، لذلك فهم يشكلون الأغلبية على صعيد المدن والقرى، وهكذا تمثل فئة الأطفال الذين لا يتجاوز سنهم الخامسة عشرة خمسي عدد السكان الإجمالي، ويقع على عاتق هذه الفئة ضمان استمرارية وتجديد المجتمع المغربي، كما يجعل منها سنها أي الخامسة عشرة شريحة سكانية حساسة ومعرضة للكثير من المخاطر وهي شريحة متكفل بها في غالب الأحيان. لذلك وبغض النظر عن المشاكل الاجتماعية التي يتخبط فيها أغلب هؤلاء الأطفال وعائلاتهم يجب الاعتراف بأن لهم حاجيات وحقوق سواء على الصعيد المحلي والوسط العائلي أو على الصعيد الوطني. إنهم في حاجة إلى التثقيف والترفيه والبيئة السليمة، إنهم في حاجة إلى الحدائق للعب وإلى المركبات للرياضة وإلى مؤسسات دور الشباب للأنشطة وإلى الفضاءات التربوية والتخييمية للاستجمام والعطلة.
إن تفكير حركة الطفولة الشعبية في تنظيم الوقت الحر وتأثيثه لأطفالنا ليس وليد الساعة بل انطلق منذ سنوات طويلة مع أنشطة المحاور، وتعدد فضاءات التنشيط والاستقبال، وتنوع مضامين الدورات التكوينية، وتنظيم مراكز للترفيه، وحرية اختيار الأطفال لأنشطتهم حسب ميولاتهم ورغباتهم، فالمعركة التي نحن بصددها هي الاعتراف بهذا الوقت كمؤسسة.
فتنظيم الوقت الحر يجب أن يخضع لتوابث وطنية وخصوصيات محلية وجهوية، لذا يجب علينا الاستفادة والاستئناس بهذه الأفكار النظرية من جهة، وممارسة ملاحظة ورصد مختلف التطبيقات التربوية والتنشيطية المحلية من أجل استيعاب هذه المقالة وإغنائها. إن نضالنا كان واستمرار من أجل إعمال الحقوق الطبيعية لأطفالنا في الاستمتاع بالتنشيط والترفيه والتثقيف خارج المؤسسات التقليدية كالعائلة والمدرسة، باستحداث فضاءات سوسيولوجية وتربوية جديدة على صعيد المجتمع.
كما أننا حين رفعنا منذ سنوات الشعار من أجل الاعتراف بالوقت الحر كمؤسسة داخل المجتمع فإن ذلك كان بهدف تنظيف مختلف الفضاءات التي نعمل ونتعامل معها كدور الشباب مثلا، من مختلف الشوائب والسلبيات التي تمنعها اليوم من تنظيم وتأطير مختلف الأنشطة الترفيهية والثقافية، والقيام بدورها بشكل أكثر جودة واستحسانا من الجمهور الشباب.