الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

أحمد بومعيز: العزوف السياسي ومقاطعة التصويت في الانتخابات.. من المستفيد؟

أحمد بومعيز: العزوف السياسي ومقاطعة التصويت في الانتخابات.. من المستفيد؟ أحمد بومعيز
باتت ظاهرة العزوف السياسي عموماً،وظاهرة مقاطعة التصويت أوضعف نسب المشاركة في  عمليات التصويت خلال مختلف الاستحقاقات على الخصوص ،باتت ظاهرة تثير اهتمام المتتبعين والمعنيين بالشان العام والشأن الانتخابي. 
وإذا كانت للظاهرة مسبباتها المتعددة والمتداخلة،والممتدة بشكل مستعرض،وأن من الصعوبة المنهجية والعلمية محاصرتها بسهولة في مقال مختزل،...فلا بأس من ملامسة بعض الجوانب المرتبطة بها في سياق الظرفية الحالية ،ونحن في المغرب على أبواب استحقاقات عامة لها أهميتها وتأثيرها المستقبلي على المشهد السياسي والمجتمعي..
وهنا لا بد من إثارة بعض العناصر المرتبطة عضويا بإشكال العزوف السياسي عموماً،وضعف المشاركة في عمليات التصويت كمرحلة ثانية من ذات الإشكال :
- ضعف التأهيل السياسي ،وملائمة العرض السياسي الذي تقدمه الأحزاب  مع المتطلبات المجتمعية المرهونة بالتحول وإعادة التشكيل والتشكل والتفاعل .
- التردد في عمليات الاستقطاب الحزبية وتغليب المصلحة الآنية المباشرة أو المناسباتية أو الدعائية أو الاستعراضية ،وضعف الديموقراطية الداخلية داخل الأحزاب والمؤسسات المنتخبة.
- التقادم الايديولوجي الذي تعرفه العديد من النظريات والتنظيمات السياسية،وهي ظاهرة عامة لا تخص المغرب وحده.
- ضعف انخراط النخب والانتلجسيات في السياسة والشأن العام و السياسي.
-التراجع النظري للفكر السياسي.
-هيمنة أصحاب المصالح على التشكيلات السياسية وربط السياسة بمجال الأعمال والمصالح والصفقات.
- استغلال السياسة من قبل نخب أو لوبيات تراهن على احتكار المناصب والمصالح وإعادة إنتاج علاقات مستقرة لصالحها، ومحاربة كل أشكال التوزيع العادل للثروات والخدمات باحتكار وتهريب السلط والمؤسسات.
- غياب استراتيجيات وآليات الحكامة داخل الأحزاب .
-التردد والتداخل في المسؤوليات في مجالات اتخاذ القرار الذي تعرفه مختلف مؤسسات الدولة في المغرب...
وإذا اعتبرنا جدلا أن هذه العناصر من شأنها التأثير السلبى على منسوب ومستوى الإنخراط في الشأن السياسي والحزبي، فظاهرة العزوف على مستوى المشاركة في عمليات التصويت أو ما يمكن اعتباره مقاطعة عفوية ،أو غير مؤطرة أو موجهة، لا يمكن اعتبارها سوى نتيجة موضوعية، وتجليا واقعيا لذات العناصر...
لكن،وبالمقابل، من المستفيد من هذه الوضعية؟؟
رغم أن بعض التشكيلات السياسية اليسارية و الدينية تحاول الترويج والتلويح والدعوة للمقاطعة، معتبرة أن في ذلك مصلحة لخطابها او مشروعها السياسي،رغم ذلك فهي تبقى مكونا غير محدد وغير متحكم في العملية برمتها وبنتائجها. لكن الأهم في العملية والأخطر، والمستفيد المباشر من الظاهرة ، والمكرس لها ، هم المحتكرون للمشهد السياسي والانتخابي داخل مختلف الأحزاب والمؤسسات، وهم نفسهم الذين يتحركون ويتفاعلون وفق المصالح لا وفق البرنامج السياسية، وهم نفسهم الذين يحاولون إغلاق المشهد وإضعاف العرض السياسي، وتبخيس الانخراط الحزبي والنقابي والجمعوي، وتهميش الأطر الحزبية والمناضلين والمثقفين العضويين ، والتحكم في قرارات الأحزاب،وصنع وفبركة  نخب مزورة وهجينة ،تتبنى مقاربات السوق والمزايدة والمناقصة والوساطة التجارية المحكومة بمنطق الربح والخسارة المادية الصرفة، من أجل الوصول إلى المؤسسات المنتخبة وإلى مواقع القرار..
وهم نفسهم المحتكرون للمشهد السياسي والمؤثتون له باعتماد تقنيات وتخريجات غير أخلاقية سياسيا ،كالترحال والتنقل داخل الأحزاب من اليمين إلى اليسار، كوسيلة أو طريقة أو شكل مزيف لتغيير النخب وإعادة توزيع الأدوار واحتكار الامتيازات والمصالح .وهي نفسها التي تقوم بإعداد وتشكيل وترويض كثل ومجموعات  ناخبين ومنتخبين تابعين ومنضبطين، وفق المقاس والمصلحة .وهي أيضا نفسها التي تحتكر وتحديد حتى نسب وأعداد المساندين والموالين، وتوجههم وفق الحاجة ووفق الهدف ، وتجييشهم في الوقت المناسب من أجل التصويت وفق الخريطة التي ترسم مسبقا للمحافظة على المكاسب والمصالح، لكن بالطبع مع مراعاة نسبية شكلية مفترضة في المشهد والواجهة و الإطار و الشكل العام المؤسسات التمثيلية ،كالبرلمان والغرف مثلا...
هذا ويبقى ورش أو مشروع الرفع من مستوى ونسب المشاركة السياسية،أو  مرحليا على الأقل في نسب ومنسوب عمليات التصويت في الإنتخابات، يبقى بالفعل مدخلا أساسيا لخلخلة المشهد السياسي في المغرب بهدف تأهيله، ودمقرطة المؤسسات الحزبية والمؤسسات المنتخبة،والتأثير والتصدي لظاهرة الاحتكار والاحتقان الذي تعيشه ذات المؤسسات.