الجمعة 26 إبريل 2024
منبر أنفاس

المصطفى عبدوس: الهجنة الثقافية والمجتمع

المصطفى عبدوس: الهجنة الثقافية والمجتمع المصطفى عبدوس
كم نحن في حاجة للتعرف على ذواتنا وفهمها، أن نمعن النظر في سلوكيات حياتنا، أن نعي بحكمة وبصيرة ورؤية نقدية علمية وبموضوعية، مع الالتزام بالحيادية والتحرر من التحيز والذاتية، بعيدا عن المؤثرات الفكرية والأيديولوجية والثقافية والوجدانية، سبيلنا لإحداث نهضة وتقدم وازدهار في مختلف مجالات حياتنا والارتقاء بها داخل مجتمعاتنا، والشرط الأول لبلوغ هذا المبتغى أن ندرك معنى المجتمع، هذا الأخير الذي يحمل بين طياته دلالات عميقة لم تصل إلى كنهها المجتمعات، فكلمة مجتمع تحيل إلى الكيان المتراص، إلى البنية القائمة على التعاون والتكافل والتمازج والتفاعل المشترك والمتبادل بين مختلف الشعوب والثقافات، في محو كلي لكل الحدود المفتعلة المصطنعة التي توهم بأن كل مجتمع مستقل عن المجتمعات الأخرى بقضاياه ومشاكله اهتماماته، ليتسرب إلى أذهاننا – وهذا هو الشيء الخطير- الكثير من المقولات والأفكار التي ترسخت في وعينا الباطن لا الظاهر؛ على أننا تجمعات بشرية لا مجتمع، أفراد لا كتلة ملتحمة متماسكة مترابطة، هويات خالصة لا هجينة متمازجة، فكانت الحصيلة أنْ أضحينا مع مرور الوقت مجتمعات متناثرة متصارعة تضع حدودا فاصلة عن بعضها البعض، وتبحث من داخلها على الوسائل الكفيلة بالرقي بأفرادها، متغافلة أو متناسية أن لا مستقبل لها إن هي اختارت التقوقع على نفسها، وهو ما حاول إدوارد سعيد تفسيره بقوله إن ثقافات العالم متداخلة، وأنها تأخذ من بعضها بعضا، ويعطي بعضها بعضا، وهذا ما يغني الثقافة على أمد بعيد .
فجميعنا يثير موضوع الثقافة كآلية من آليات مد جسور التواصل بين المجتمعات ولو بشكل مبهم وغامض، لأننا لم نصل إلى استيعاب مفهوم الثقافة المجتمعية التي تقبل بتنوع الثقافات وتداخلها وتكاملها، كأساس لتعزيز العلاقات الاجتماعية، وضمانا للنهوض والارتقاء بحياة الأفراد أو بتعبير آخر الإنسانية في شتى المجتمعات، لذلك وعلى مر التاريخ فقد شكل التنوع الثقافي المفضي إلى الهجنة الثقافية التي تمتاح من اختلاف الآراء والأفكار؛ قاطرة لبناء آلية اجتماعية تضمن التلاقح الإيجابي بين مختلف الشعوب.
 
المصطفى عبدوس، طالب باحث في سلك الدكتوراه