الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

أحمد فردوس: قارئة الفنجان.. "هَا قَلْبِ هَا تَخْمَامِ هَا بَاشْ يَاتِينِي رَمْزْ اَلتَّصْوِيتْ عَلْ اَلْمُرَشِّحْ"؟

أحمد فردوس: قارئة الفنجان.. "هَا قَلْبِ هَا تَخْمَامِ هَا بَاشْ يَاتِينِي رَمْزْ اَلتَّصْوِيتْ عَلْ اَلْمُرَشِّحْ"؟ أحمد فردوس

حيرة كبيرة تسيطر على أفئدة وأذهان المواطنات والمواطنين وهم يستعدون للدخول لمخادع التصويت واختيار الرمز الحزبي والإدلاء بأصواتهم يوم 8 شتنبر 2021. هذه الحيرة نابعة من كون أن الانتخابات لم تغير الشيء الكثير من واقع الحال البئيس للإنسان والحيوان والمجال، اللهم ما عرفته الأرصدة والحسابات والعقارات من نفخ وزيادة الشحم في مؤخرة المعلوف حتى أضحى كرسي المسؤولية لا يتسع لفائض لحمها وشحمها.

 

اختلاف وتنوع الرموز المقتبسة من وحي الطبيعة والبيئة والحيوانات والفواكه والآليات الميكانيكية والمعدنية والخشبية...، لا يعني بالطبع الإيمان باختلاف أحزابها على مستوى مبادئها وآرائها ومواقفها ومشاريعها التنموية وخطها الإيديولوجي والسياسي والدليل ما عرفه الترحال السياسي وعملية بيع وشراء التزكيات و إعارة اللاعبين وتغيير القمصان وقلب المعاطف.

 

نقاش محموم في هذه الفترة عشت بعض تفاصيله على موائد العائلة أو في المقهى بين ثلة من الشباب، وحتى بين أروقة ومرافق بعض الأسواق الأسبوعية، وخلال سفريات عبر القطار، وخصوصا عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت لمقرات دائمة للكائنات الانتخابية على طول وعرض الوطن.... (نقاش) خلصت فيه الأغلبية الناطقة إلى أن الحزب السياسي الذي يحتل المكانة الكبيرة في نفوس الناس هو حزب "كُورُونَا" ورمزها القوي الذي تخطى العالمية والكونية. وهذه قرائن الاختيار.

 

"كُورُونَا" التي أتحدث عنها ليست قنينة المشروب الروحي من الجعة العالمية ذات اللون الذهبي/القرمزي والمداق العذب و السحري والبرودة المنعشة ضد لهيب وصهد هذه الأيام الحارقة، رغم أنها تحمل نفس الاسم، إلا أنها عكس "كُورُونَا" على مستوى الكحول المعقمة للذات والمعدة والأمعاء، وفوائدها كثيرة على مستوى فتح الشهية وتزويد الذات بالطاقة و"اَلْكَالُورِيَاتْ"، وتنشيطها الدماغي حسب قول الأمين العام لحزب "شَارِبَانْ".

 

"كُورُونَا" التي أقصد هي ذلك الرمز "اَلتَّاجِي" الذي حول قفة الإحسان والسعاية والتسول إلى "كُودْ" يصلك عبر هاتفك المحمول لتسحب مبلغ الدعم المخصص من صندوق الدعم في زمن الجائحة التي حاصرت المواطن بين أربعة جدران ولم تترك له الفرصة للبحث عن لقمة العيش الصعبة، وأغلقت الحمامات والمقاهي والمتاجر والمسابح وقاعات العروض وأوقفت المهرجانات والاحتفالات والأعراس.. فكان الدرس البليغ.

 

رمز "كُورُونَا" الذي أقصد هو ذلك الرسم "اَلتَّاجِي"، الذي استطاع ضرب الحصار على الناس منذ شهر مارس 2020، ولم يستطيعوا الاستمتاع والتمتع بـ "وُرُودْ" وأزهار حقول الربيع التي ترقص على إيقاع عطرها "اَلنَّحْلَةْ" و "اَلْفَرَاشَةْ" خلال موسم الربيع. فذبلت "اَلْوَرْدَةْ" ونفقت "اَلنَّحْلَةْ" بعد أن شاركت الذباب ولائم الفريسة.

 

رمز "كُورُونَا" التي داع صيته بين مختلف الكائنات الحية هو ذلك الهاجس المخيف الذي أغلق أبواب الحدائق الخلفية وسيج الغابات ومنع "اَلْغَزَالَةْ" من الركض والقفز والرقص بين مروج البساتين و اغتال "اَلشَّجَرَةْ" واقفة، وأصاب "اَلنَّخْلَةْ" بالعقم وحول تمرها إلى زقوم. ولم تعد شجرة "اَلتَّفَاحَةْ" تعطي غلتها التي أخرتنا من الجنة وفتحت الطريق صوب جهنم.

 

رمز حزب "كُورُونَا" الذي أسقط أقنعة حيواناتنا المفترسة للإنسان الضعيف، مثل ما فعل بنا "اَلسَّبْعْ" و"اَلْفِيلْ" في غابة الذئاب والثعالب والضباع، وأبان عن ضعف وجبن فرسان "اَلْكَرْطُونْ" على صهوة "اَلْحِصَانْ" الذي كبى وبح صهيله في ساحة الدفاع عن كرامة المواطن وحقوقه المشروعة في زمن الجائحة والوباء اللعين.

 

رمز "كُورُونَا" الذي اغتال "اَلْحَمَامْ" قبل أن يفقس بيضه في عش الأمن والأمان، وتحلق عصافيره في سماء الوطن، ليشع السلم والسلام، بعد أن التهمت نار الجشع غصن "اَلزَّيْتُونَةْ" ولم نجني زيتونها ولم نعصر زيتها الذي يُحْرَقْ ليضيء نور "اَلْمِصْبَاحْ" الذي خفت ضوئه في زمن الظلمة والظلام.

 

حزب "كُورُونَا" ورمزه القوي الذي كشف المستور وفضح ضعف مناعتنا الجماعية، وهول الخصاص في مواردنا البشرية وفي بنياتنا ومرافقنا الاستشفائية والصحية، ولوث أوكسجين تنفسنا الطبيعي والاصطناعي، وعطل مشاريع بحثنا ومختبراتنا، وكمم الأفواه، بعد أن اختل قسطاس "اَلْمِيزَانْ" واصفرت أوراق "اَلْكِتَابْ" وسقطت من بين أدينا "اَلرِّسَالَةْ" بعد الطوفان الذي عرقل أشرعة "اَلْقَارِبْ" في خضم أعاصير الرياح التي أطفأت نور "اَلشّمْعَةْ" بحجة نظرية المؤامرة.

 

حزب "كُورُونَا" الذي أقفل "صُنْبُورَ" مائنا في زمن الجائحة، وتسبب في جفاف عيون مياهنا وجداول أنهارنا وودياننا، وحول حقول مزارعنا وأرضنا إلى خلاء قاحل، صَعُبَ على "اَلْمِحْرَاثْ" و"اَلْجَرَّارْ" حرثه وزرعه وإنتاج غلته. واختلف الفلاحون في تقييم الخسائر وتعويض من يستحق وإبعاد من لا يستحق، فأكل الصدئ "المنجل" ودمر هيكل ماكينة "لَحْصَادْ وَالدْرَاسْ" في موسم الحصاد فتساوى الصرار مع النملة.

 

رمز كُورُونَا "اَلتَّاجِي" التاسع عشر، هو الذي كسر "اَلْمِفْتَاحْ" بعد أن أغلق الأبواب وراءه، ولم نعثر على مفاتيح تشغيل محرك "طَائِرَةْ" الأمل للنجاة، والتي دمرت مدرجات مطارها وتعطل تحليقها في سماء الوطن في زمن الجائحة.

 

"كُورُونَا" هو رمز من رموز القوة العلمية و الشهرة العالمية والكونية في زمن الجائحة، هو الذي كشف عن فقرنا وهشاشتنا وأعطابنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، مقابل جشع حاملي الرموز الأخرى الذين خبروا وألفوا الامتيازات والعيش في بحبوحة صفقات الريع وفاسد الدمة والأخلاق .

 

أمام هذه الدلالات والمعاني ألا يستحق رمز "كُورُونَا" أن يتصدر مشهدنا السياسي في زمن الانتخابات، ويفتح شهية النقاش العمومي لوخز الضمائر الميتة بإبر الوطنية والمواقف الصادقة، لاسترجاع لحظات أمراضنا العصبية والنفسية، و مآسينا وقلقنا الوجودي إزاء تسونامي "الرموز" في زمن تشابه الحمير والبغال والبقر؟. ألا يستحق رمز هذا الحزب أن يكون حاضرا في ذهننا ونحن نستعد للإدلاء بأصواتنا داخل المخدع في لحظة إيمان بمصير الوطن لنفرق بين الرموز المتسابقة في حلبة الانتخابات نحو كراسي الأمانة؟

 

الدخول لمخدع التصويت كالدخول للمسجد للوقوف أمام الله عز وجل لقول الحقيقة، واختيار الأجدر والأليق، بنزاهته وشفافية مواقفه وممارساته في حق الوطن والمواطنين ألم يقل الملك "لا تقبل منكم شكاية بعد الاختيار الحر عبر صناديق الاقتراع".

 

إن خيار تلقيح الوطن بجرعات الوطنية المضادة لمختلف الجوائح السياسية التي تريد العودة بالطرق المشبوهة والتسلل لمؤسساتنا المنتخبة لا يقدر بثمن، بدل أن  نهيم سنوات أخرى في البحث عن أدوية المسكنات والفيتامينان والحديد والزنك، وإحداث صناديق التضامن والدعم بمسميات الكوارث...