الجمعة 26 إبريل 2024
سياسة

حفيظ وبوز في رد على العسبي: هناك فرق بين "اليوسفي كما عشناه" و"اليوسفي كما عشتَه"

حفيظ وبوز في رد على العسبي: هناك فرق بين "اليوسفي كما عشناه" و"اليوسفي كما عشتَه" صورة مركبة لـ: محمد حفيظ، أحمد بوز ولحسن العسبي وغلاف كتاب "اليوسفي كما عشناه"

في سياق السجال والنقاش الذي تم فيه تداول كتاب الأستاذين محمد حفيظ وأحمد بوز "اليوسفي كما عشناه: أوراق من زمن السياسة"، والذي فتح شهية الكاتب والصحافي لحسن العسبي، فساهم بقراءة فيه مقذما زاوية نظره عن الزعيم عبد الرحمان اليوسفي، تم نشرها في "أنفاس بريس" يوم الأحد 15 غشت 2021.. في هذا السياق توصلت الجريدة برد من مؤلفي الكتاب على بعض ما ورد في مقال الكاتب والصحافي لحسن العسبي.. ننشر نصه كالتالي:

 

"لو رجع الصديق العزيز لحسن العسبي إلى مقدمة (استهلال) كتابنا "اليوسفي كما عشناه: أوراق من زمن السياسة"، لكان دَوَّنَ شيئا آخر غير الذي دونه في كلامه، الذي نشره على صفحته على الفيسبوك وأعاد نشره في صحيفة "أنفاس بريس" الإلكترونية، ولما كان ضروريا أن ينشغل بمسألة "الذاتية"، ولكان أعفى نفسه من إصدار حكم مسبق عندما يقول إن ما كتبناه عن اليوسفي "حكم مسبق بنوازع سياسية وذاتية أحيانا من زمان".

 

وإذ نستحضر بإيجاب ما خلص إليه صديقنا حين قال إن الكتاب "سيشكل أكيد نقطة نقاش حيوية"، كما نسجل له الاهتمام الذي خص به هذا الكتاب، والسرعة التي كتب بها "كلامه الأخوي"، فإننا نرجو أن يتقبل منا، وبمحبة خالصة، ملاحظاتنا على كلامه.

 

أولا؛ عنوان الكتاب يكشف بكل وضوح أننا نتحدث عن "اليوسفي كما عشناه" نحن، لا اليوسفي كما قد يكون عاشه لحسن العسبي. وقد بسطنا في الاستهلال المقصودَ بعبارة "كما عشناه"، التي تحيل إلى تجربة سياسية وحزبية محددة، وليس إلى شخص الرجل. ولم يكن ممكنا أبدا أن نكتب عن اليوسفي كما عاشه العسبي، مثلما لا يمكن للعسبي أن يكتب عن اليوسفي كما عشناه نحن.

 

ثانيا؛ الموقع الذي نكتب من خلاله عن اليوسفي ليس هو الموقع الذي يمكن أن يكون للصديق العسبي. فنحن، في كتابتنا عن اليوسفي، ننطلق من موقع سياسي وتنظيمي حدد طبيعة العلاقة بيننا وبينه. وهي علاقة بين قيادة الحزب، ممثلة في المكتب السياسي، حيث كان اليوسفي كاتبا أول، وقيادة الشبيبة الاتحادية ممثلة في المكتب الوطني، حيث كان أحدنا كاتبا عاما والآخر عضوا بالمكتب الوطني. وبطبيعة الحال، فإن هذه العلاقة أتاحت لنا ما لا يمكن أن تتيحه علاقة أخرى ومن موقع آخر.

 

ثالثا؛ يتحدث صديقنا عن "الحكم المسبق"، بينما هو يقرأ كتابنا بحكم مسبق، حين يقول إنه "كان منتظرا" (هكذا بالنسبة إليه!!) أن يتضمن كتابُنا "مواقف سلبية من اليوسفي". وحرص على ألا تُوسَم بـ"المواقف النقدية"، حين أعقب كلامه بهذه العبارة التي وضعها بين قوسين (قد يصنفها إخوة آخرون أنها نقدية). وهو أسلوب من أساليب التأكيد بالضد، فهو يريد أن يقول إنها "مواقف سلبية وليست نقدية".

ويتأكد الحكم المسبق الذي يقرأ به كتابنا، حين يقول: "كنت سأفاجأ لو أن الأخوين العزيزين (خاصة سي محمد حفيظ) كتبا شيئا آخر أكثر إنصافا للرجل ومرحلته السياسية منذ تحمله مسؤولية قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"!!. أليس هذا حكما مسبقا؟! وهل يظن العسبي أن غرضنا، ونحن نكتب الكتاب، أن نفاجئ القراء، ومنهم صديقنا العزيز؟!

 

رابعا؛ أن يرى الصديق العسبي أن ما كتبناه ليس فيه "إنصاف للرجل"، أو أنه "تحامل"، فهو أمر لم نكن نستبعد، ومنذ أن فكرنا في تأليف الكتاب، أن يحصل لدى البعض، وقد يكون منهم صديقنا، بالنظر إلى طبيعة علاقتهم باليوسفي، أو بالنظر إلى تقييمهم لتجربته السياسية، الحزبية منها والحكومية، أو بالنظر إلى مشاعرهم الخاصة اتجاه شخص الرجل، وتمثلهم له... الخ. ولعل هذا ما جعل صديقنا "يتفهم" ما فهمه من الكتاب، حين يقول: "... وهو أمر متفهم على كل حال".

 

خامسا؛ قال الصديق العسبي إنه كان يتمنى لو نشرنا كتابنا في حياة اليوسفي. وهذا "التمني"، الذي يسائلنا فيه صديقنا (لِمَ لَمْ نكتب عن اليوسفي وهو حي؟)، يوحي بأننا لم نكن نستطيع أن نكتب الكتاب واليوسفي لا يزال على قيد الحياة! ولتذكير الصديق العزيز، فإننا كنا نعبر عن آرائنا في حضرة عبد الرحمان اليوسفي، خلال اجتماعات الحزب أو الشبيبة، وكنا نواجهه بمواقفنا النقدية، وهو كاتب أول ووزير أول، وكنا نصرح لوسائل الإعلام بانتقاداتنا لتدبيره للحزب والحكومة، وحتى لما كان هو نفسه يثير ذلك معنا حينما كنا نجتمع معه، كنا نرد عليه وندافع عن مواقفنا. وتوجد في الكتاب العديد من الوقائع والأحداث التي رويناها في هذا الخصوص. وبعد أن غادر المسؤولية الحكومية والحزبية واعتزل العمل السياسي، كانت لنا -وهو على قيد الحياة- كتابات وحوارات صحافية عبرنا فيها عن آرائنا ومواقفنا من تجربته. ثم إن الكتاب وإن كان قد ركز على اليوسفي والمرحلة التي قاد فيها الحزب والحكومة، فإنه توقف كثيرا عند أشخاص آخرين ممن لا يزالون أحياء، وهم شهداء على تلك المرحلة بأحداثها ووقائعها.

 

سادسا؛ لم يكن غرضنا مما كتبناه أن نكون أوصياء على تاريخ اليوسفي أو على تاريخ مرحلة معينة عشناها بآمالها وآلامها، أو أن نقدم أنفسنا كحراس لحقيقة لم نَدَّعِها قط في ثنايا الكتاب. فالقارئ النزيه سيقف على مواقف وآراء نتحدث عنها بكثير من النسبية، كما سيقف على دعوة صريحة إلى الآخرين ليكتبوا عن تلك الوقائع والأحداث أو غيرها كما عاشوها وعايشوها، بل وسيقف على تصريح واضح بأخطائنا نحن أيضا. لكننا في الوقت نفسه، لا نقبل أن يكون الآخرون أوصياء على هذه المرحلة وعلى شخوصها، ويعتبرون أن الحقيقة هي ما كتبوه أو سيكتبونه، أو أن اليوسفي الذي قدموه وكتبوا عنه في حياته أو بعد وفاته هو نفسه اليوسفي كما عاشه آخرون.

 

سابعا؛ الصديق العسبي، وهو يورد الفقرة التي اجتزأها ودعا إلى تأملها، دعا أيضا إلى تأمل قاموسها اللغوي، قبل أن يدعي أن قاموس الكتاب "قاموس عنيف ومثقل بالأحكام القيمية"، دون أن يقدم ولو مثالا واحدا من الفقرة المنقولة ليؤكد زعمه! والحال أن "كلامه الأخوي على الماشي"، وعلى قِصَرِه، هو الذي كان مليئا بكلمات لم يكن هناك أي داع إليها، وبأوصاف غير مناسبة، حتى لا نقول "عنيفة"، وبأحكام "مسبقة" و"مطلقة"، حتى لا نقول "أحكام قيمة". وهذه عينة من ذلك: ("مواقف سلبية من اليوسفي"، "التحامل"، "نوازع سياسية وذاتية"، "ظلم كبير للرجل وللحقيقة"، "يكاد المرء يستشعر كما لو أن "الإعلام الاتحادي المكتوب" في عهد اليوسفي أصبح "برافدا" وأن ما قبله كان "واشنطن بوسط" وأن ما بعده كان "نيويورك تايمز". بينما الحقيقة الكبرى..."، "... الخوف من وقوعهما (يقصدنا نحن الكاتبين) في مطب ممارسة وصاية على الناس وعلى المغاربة في حبهم وتقديرهم لليوسفي"، "... كما لو أنهما يريدان أن يقولا لنا، كيف تحبون رجلا هذه "جرائمه السياسية الحزبية"؟")!!!

 

ثامنا؛ على ذكر القاموس والكتابة، فإننا نتساءل معك صديقنا العزيز: هل علينا أن نكتب عن اليوسفي بنفس القاموس الذي قد تكون كتبتَ به عنه أو قد تكتب به؟ وبعيدا عن الراحل اليوسفي، وبغض النظر عن طبيعة آرائنا ومضمون مواقفنا من عدد من القضايا الوطنية والإقليمية والدولية، سياسية كانت أم حقوقية أم اجتماعية...، هل علينا جميعا أن نكتب بنفس القاموس وبنفس الأسلوب؟! لا نظن أنك أيها الأخ العزيز تريد منا أن نستعمل نفس قاموسك ونكتب بنفس أسلوبك. وأنت تعرف حق المعرفة المسافة السياسية والفكرية التي كانت ولا تزال تفصل بيننا، نحن كاتبي الكتاب، وبينك، ليس فقط في ما يخص رؤيتنا لتجربة اليوسفي السياسية والحزبية، وإنما أيضا في ما يتعلق بنظرتنا إلى قضايا أخرى. وبالطبع، فإن هذا التباعد لم ولن يفسد للود قضية؛ فأنت أخ وصديق عزيز وستظل كذلك"...

 

مؤلفا الكتاب: محمد حفيظ وأحمد بوز