الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد الإلاه حبيبي: الحقد مرض خطير يقتل صاحبه قبل أن ينال من خصمه

عبد الإلاه حبيبي: الحقد مرض خطير يقتل صاحبه قبل أن ينال من خصمه عبد الإلاه حبيبي

الحقد ظاهرة نفسية اجتماعية تنهش الكثير من الناس، تؤرق مضجعهم، تنغص عليهم حياتهم، تحولهم إلى براكين مشتعلة على الدوام، لأن الحقد بكل بساطة هو كراهية مجانية للأشخاص  وخاصة أولئك الذين يتجرؤون على تحقيق النجاح والتفوق فيما عجز عنه الحاقدون...

 

الحقد المشوب بالرغبة في تدمير الآخرين، هو ظاهرة نفس-مرضية، لأنه يرتبط بالإصرار على معاداة أفراد بعينهم دون سبب معقول، دون أدنى شنآن، فقط لمجرد أنهم مختلفون مظهرا ونمط حياة وأحلاما وسلوكا اجتماعيا...

 

يظل الحاقد يتألم منتظرا متى تحل الكارثة بالذين يحقد عليهم، متخيلا أن القدر سيساير متمنياته المرضية، مستغلا أية فرصة للنيل من الذين يكرههم، منتشيا عندما يصله خبر إصابة أحدهم بمرض أو بحادث عرضي، مثلا إذا أفلس خصمه أو أقعده المرض لن يذخر جهدا من أجل نشر صك اتهام يبين فيه الأسباب الغيبية التي كانت وراء اللعنة التي حلت به وجعلته بئيسا...

 

الشخص الحقود قوة تدميرية خطيرة، لا يهذبه  دين ولا نصيحة ولا تشذيب، لقد فقد البوصلة الأخلاقية، يمعن في الإيذاء، في النيل من الذين يخالفونه العادة، اي  يكره الذين يعيشون حياتهم في انسجام مع قناعاتهم، ومبادئهم في سلام وأمان...

 

لكن أخطر حقد هو الذي يسكن عقل الدول، فلما تصاب دولة ما بالحقد فهذا أمر لا يمكن الاستهانة به، لأنها ستجعله عقيدة لكل مواطنيها، بل سترضعه صغارها، وتقدمه وجبة نفسية يومية في إعلامها، وتبرر به كل إخفاقاتها، وتعلق عليه كل أسباب فشلها، وتدريجيا، ودون وعي منها، وفي غياب عقل ناقد، تنجرف هذه الدولة المريضة مع غواية الحقد لتصنع  منه سياسات عمومية حقودة، ومشاريع يستوطنها الحقد، وردود أفعال سياسية لا تفهم إلا بفهم سيكولوجية الحقد... لهذا سرعان ما تسقط هذه الدول في أسوأ الإيديولوجيات، وأفظع العنصريات وتصبح بذلك خطرا يهدد الجميع...

 

لكن الحقد يبدأ أولا بتدمير صاحبه، ومن علامات هذا التدمير الشيخوخة المبكرة والخرف والعويل لأبسط ألم، والسب والشتم المجانين في وجه كل الناجحين، وكراهية الجمال والحياة والنجاح... لهذا فالحقود دولة كان أو شخصا يموت قبل الأوان لأن الله لا يحب الحاقدين الذين في قلوبهم مرض...