السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد بوبكري: لا يخاف المغرب من جنرالات الجزائر، وإنما يخاف على الجزائر وشعبها

محمد بوبكري: لا يخاف المغرب من جنرالات الجزائر، وإنما يخاف على الجزائر وشعبها محمد بوبكري

يكاد يجمع خبراء المغرب الكبير على أن جنرالات الجزائر لم تعد لهم أية ورقة يمكنهم استعمالها ضد مغربية الصحراء، حيث كانوا يستعملون في السابق ورقة مليشيات “البوليساريو”، كما انهم استعملوا أموالا طائلة لجلب الدعم الدبلوماسي لهذه الميليشيات. ومن الأكيد أن جماعة ” البوليساريو” قد انتهت بعد فتح معبر “الكركرات” من قبل القوات المسلحة الملكية، كما أن الخزينة الجزائرية قد أصبحت فارغة من العملة الصعبة، مايفيد أن حكام الجزائر عاجزون ماليا عن فعل أي شيء. هكذا، فإن جنرالات الجزائر قد فقدوا كل شيء، ولا يمكنهم فعل أي شيء ضد قضية مغربية الصحراء، حيث إن فراغ الخزينة يحول دون قدرتهم على تمويل مليشيات “البوليساريو” وتسليحهم وحشد الدعم الدبلوماسي لهم، لأن الجنرالات تعودوا على شراء الذمم في مختلف المحافل الدولية. أضف إلى ذلك أنهم باتوا عاجزين عن اقتناء المزيد من السلاح… تبعا لذلك، فإن مليشيات “البوليساريو” قد تحولت إلى عدم، حيث تأكد ذلك بعد فرارها من معبر “الكركرات” بعد التدخل القوي والقانوني للجيش المغربي.. كما ان الجنرالات عرفوا هزائم دبلوماسية عديدة، لان المغرب قد أحرز انتصارات دبلوماسية هائلة، ومن الممكن ان يتم في المستقبل القريب حل مشكل الصحراء المغربية، بشكل نهائي، دوليا..

 

وهذا ما دفع بعض الملاحظين إلى الخروج بخلاصة مفادها أنه لم يعد بإمكان حكام الجزائر أن يفعلوا شيئا ضد مغربية الصحراء، لكن، ونظرا لمشاكلهم الداخلية التي تكاد تخنق أنفاسهم، فإن هروبهم من هذه المشاكل يمكن أن يجعلهم يدفعون في اتجاه اندلاع حرب بينهم وبين المغرب، حيث يمكن لهؤلاء الحكام ان يلجؤوا إلى خيار الحرب للهروب من المشاكل الداخلية للجزائر، التي خلقوها للشعب الجزائري، ويهدفون إلى تصريفها في الخارج عبر افتعال حرب مع المغرب، من أجل تخوين كل معارضيهم في الجزائر، وفي كل مكان… لذلك ينبغي على أفراد الشعب الجزائري ونخبه أن يدركوا أن المغرب ليس هو سبب تفقيرهم، لأنه لم ينهب أموالهم، ولم يمارس العنف عليهم، حيث إن الجنرالات هم المسؤولون عن المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يرزح تحتها الشعب الجزائري اليوم، كما أن المغرب لا يسعى إلى زعزعة استقرار الجزائر، ولا يرغب في إلحاق أي ضرر بالشعب الجزائري، بل إنه لا يكن له إلا المحبة الأخوية، ويرغب في التعاون معه...

 

فالمغرب بلد السلم والاستقرار، وهو يريد السلم مع دول جواره، لكن إذا فرض عليه أحد الحرب، فإنه سينخرط فيها بكل ما أوتي من قوة، لأنه مستعد لذلك… وللتاريخ، فقد أكد العاهل المغربي في خطابه الأخير على أن المغرب متشبث بالسلم، كما أنه حاول نزع ورقة الحرب من يد جنرالات الجزائر، لأنه يعي أن الحرب ليست من مصلحة أحد، لأنه لا ينجم عنها إلا الكوارث المادية والبشرية...

 

وتجدر الإشارة إلى أن للمغرب تعاقدا عسكريا مع الولايات المتحدة الأمريكية… لذلك، فإنه قد صار صعبا على حكام الجزائر وجميع حلفائهم الدخول في حرب معه… فضلا عن ذلك، فالمغرب يمتلك رؤية استباقية، ما جعله يدرك مسبقا أن جنرالات الجزائر قد يلجؤون إلى خوض حرب ضده لتحويل اتجاه المشاكل الداخلية للشعب الجزائري، فقام المغرب باتخاذ كل الاحتياطات، فعمل على تسليح القوات المسلحة الملكية بكل ما يمكنها من ربح أي حرب يشنها عليه جيرانه.

 

تبعا لذلك، فإن المغرب لا يخاف من قوة الجزائر، لأنه مستعد لكل الطوارئ، كما أنه يعرف خصومه وأعداءه جيدا، حيث إنه أعد العدة لدحرهم. لذلك، فقد قام المغرب بمناورات عسكرية عديدة مع القوات الأمريكية، كانت آخرها مركزة على كيفية صد أي هجوم تقوم به جماعة مرتزقة من داخل أراضي دول الجوار… فالمغرب يريد السلم، لأنه يعي ما ينجم عن الحرب من كوارث. لذلك، ركز خطاب ملك المغرب الأخير على مد يد المغرب إلى حكام الجزائر من أجل السلم والتعاون عبر بناء المغرب الكبير الذي طالما انتظرته شعوب المنطقة، لأنها تعتقد أنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية، ولا سلم في هذه المنطقة إلا عبر تشييد صرح المغرب الكبير...

 

وبعد تأملي في ردود فعل حكام الجزائر وأبواقهم الإعلامية، تأكد لي أن هؤلاء متشبثون بعدائهم للمغرب وحقدهم التقليدي عليه، الأمر الذي يجعل احتمال الحرب واردا، خصوصا أن الجنرالات لا يدركون عواقب كل الخطوات التي يقدمون عليها، حيث قد يقودهم غباؤهم ونزعتهم البدوية الفروسية إلى الانتحار، دون أي قدرة على التنبؤ مسبقا بما سيلحقهم من خراب… هكذا، يبدو لي أن خطاب ملك المغرب كان عبارة عن تنبيه لهؤلاء الحكام على مرأى ومسمع العام بأجمعه، لأنهم لا يفقهون لا في ثقافة العصر، ولا في السياسة، ولا في العلاقات الدولية الراهنة.. لقد أراد الملك دفع حكام الجزائر إلى التفكير قبل اللجوء إلى الحرب ضد المغرب. هكذا، لقد أراد ان يسجل موقفا سلميا أمام الشعب الجزائري والرأي العام الدولي. لذلك، فقد أعذر من أنذر..

 

لقد قام المغرب باقتناء أسلحة بعقلانية واحترافية عالية؛ فهو يعرف جيدا ما يحتاج إليه من الأسلحة… ويرى خبراء أنه إذا وقعت الحرب بين حكام الجزائر والمغرب، فإنها ستكون سريعة، كما يؤكدون انها ستكون لصالح المغرب، لانه أكثر قوة وعتادا وحنكة من حكام الجزائر...

 

ويعود ذلك إلى أن الوضعية المالية الداخلية والخارجية لحكام الجزائر كارثية، كما أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للجزائر مأساوية، أضف إلى أن الوضعية الصحية لهذه البلاد كارثية. فوق ذلك، هناك تطاحنات وصراعات بين مختلف أجنحة جنرالات الجزائر، حيث يقتتلون في ما بينهم، وينتقم بعضهم من بعضهم الآخر… فضلا عن ذلك، فإن الجنود يعيشون أوضاعا اجتماعية وصحية جد صعبة، حيث لا يمكن أن يقبلوا من الجنرالات الدفع به إلى حرب من أجل مليشيات ”البوليساريو”، التي هي مجرد جماعة مرتزقة تشكل السبب الأساس، في تفقير الشعب الجزائري وتجويعه… وهذا ما جعل معنويات جنود الجزائر محبطة… وعلى النقيض من ذلك، فهناك انسجام بين الملك والشعب في المغرب، كما أن القوات المسلحة الملكية منسجمة مع الملك والشعب، ما جعل معنويات الجميع جد مرتفعة...

فوق ذلك، فإن كل شيء مدروس بعقلانية من جانب المغرب، حيث لا يقتني المغرب أسلحة حتى يعرف خصومه وأعداءه الذين سيستعملها ضدهم، دفاعا عن وحدته الترابية. كما أن المغرب يتوفر على رصيد مهم من العملة الصعبة. أضف إلى ذلك أن الماء موجود في المغرب، والكهرباء مجود كذلك، والغذاء موجود بوفرة، كما أن المغرب يسير بخطى سريعة ثابتة في اتجاه تلقيح الشعب المغربي بكامله.

 

وإذا انتقلنا إلى الجانب الجزائري، فإننا نجد أن الجنرالات قد حرموا الشعب الجزائري من مواد الحليب والدقيق والزيت…كما تم انقطاع الأوكسيجين عن المستشفيات، فصار عدد كبير من الجزائريين المصابين بـ “فيروس كورونا” يموتون يوميا اختناقا… أضف إلى ذلك أن ان الأسواق خالية من الفواكه والخضر ومشتقات الحليب، التي إذا توفرت، فإن أسعارها لا تكون في متناول الأغلبية الساحقة من الشعب الجزائري...

 

تبعا لكل ذلك، فإن جنرالات الجزائر لا يمتلكون الشروط التي تجعلهم ينخرطون في حرب ضد المغرب، لكنهم إذا اختاروا الانخراط في ذلك، فإن هذه الحرب ستكون سريعة، كما أنهم سيجرون أذناب الهزيمة فيها، حيث ستكون عواقبها عليهم وخيمة. لذلك، لقد أعذر من أنذر. ونظرا لارتباط الدول الأوروبية بدول منطقة المغرب الكبير، فما هوم وقف هذه الدول من الصراع الجزائري المغربي؟ يرى بعض الباحثين أن هذه الدول ليست مع الحرب بين حكام الجزائر والمغرب، لأن هذه الوضعية تمكنها من ابتزاز دول المنطقة، كل واحدة على حدة. لكنهم لا يرغبون في حل المغرب لقضية وحدته الترابية، لأنهم يخافون من أن ذلك سيمكنه من شق طريقه التنموي الخاص به باستقلال عنهم، وهم يرفضون ذلك، لأنه لا يخدم مصالحهم الاستراتيجية في المنطقة. لذلك، فهم يفضلون الحرب بين الجزائر والمغرب خدمة لمصالحهم الاستعمارية، ما يدل على أن حكام الجزائر قد تحولوا إلى جزء من الآلة الاستعمارية التقليدية الأوروبية...

 

لذلك على هذه الدول أن تستفيد من درس الحوثيين اليمنيين، الذين استطاعوا، عبر ضرب المنشآت النفطية السعودية، جعل السعودية تقلص انتاجها من 11 مليون برميل إلى مليونين يوميا. هكذا، فإذا قامت مليشيات “البوليساريو” بأي عدوان على المغرب من داخل التراب الجزائري، فإن المغرب قادر على تعقبها داخل هذا التراب، كما أنه قادر على قصف منشآت الغاز والبترول في كل التراب الجزائري، ما سيمس المصالح الاقتصادية لهذه الدول الاستعمارية الأوروبية؛ فالمغرب قادر خلال صد أي عدوان عليه وتدمير كل المنخرطين فيه، ما يفرض على هذه الدول الأوروبية أن تراجع مواقفها الاستعمارية التقليدية من المغرب، لأن الحرب بين حكام الجزائر والمغرب ليست من مصلحتها، كما أن إضعاف المغرب لن يكون من مصلحتها، لأنه البلد الوحيد في المنطقة الذي يمتلك أسباب استقراره، كما أنه يحميها من الأمواج المتزايدة من الراغبين في الهجرة إلى أوروبا. أضف إلى ذلك أنه يحميها من الاعتداءات الإرهابية المحتملة عليها...

 

خلاصة القول، إنه لما دعا العاهل المغربي إلى المصالحة والسلم والتعاون، فإن ذلك كان نابعا من قلبه، بحكم حسن نيته وقيمه الحضارية النبيلة، لأنه يعي جيدا أن الحرب ليست من مصلحة الشعوب، ولا الأوطان. لذلك، فإنه يسعى إلى تنبيه حكام الجزائر إلى ذلك، حتى لا يلام المغرب مستقبلا. ويدخل رد الأستاذ ”عمر هلال” على “رمطان لعمامرة”، في ندوة دول عدم الانحياز التي انعقدت مؤخرا، تبنيها لحكام الجزائر لكي يبين لهم أنهم يعتدون على المغرب.

 

إن المغرب لا يعتدي على الجزائر، بل إن حكام هذه الأخيرة هم من يعتدون عليه منذ 46عاما، ولا يتركون لحظة تمر دون البحث عن إلحاق الضرر بالوحدة الترابية المغربية. ويخلص المتمعن في خطابهم الحاقد على المغرب، انهم يرغبون في محو هذا الأخير من على الكرة الأرضية. لكن لقد انتهت جماعات "البوليساريو”، وصارت الخزينة الجزائرية فارغة من العملة الصعبة، وتحطمت كل “الامجاد الدبلوماسية” التي بناها كل من “عبد العزيز بوتفليقة و”رمطان لعمامرة” وغيرهما، وصار الجنرلات يعانون من عزلة دولية خانقة، كما كاد الاقتصاد الجزائري أن ينهار انهيارا تاما. أضف إلى ذلك ان الموارد الطاقية للجنرالات في طريقها إلى النضوب.

 

تبعا لكل ذلك، فإنه إذا دفع التهور جنرالات الجزائر إلى شن حرب ضد المغرب، فإنهم لن يجنوا منها إلا هزيمة نكراء، ما يمكن أن يؤدي إلى الإطاحة بحكام الجزائر، لأن الشعب الجزائري سينتفض ضدهم بكل قوة، الأمر الذي قد يدفع الجنرالات إلى الانقلاب على بعضهم البعض، وقد يؤدي ذلك إلى انهيار الكيان الجزائري....