لا ينتبه من يستعمل منصات التواصل الاجتماعي التي قربت المسافات بين ساكنة الكرة الأرضية، بأن نقرة بغاية التواصل مع شخص افتراضي يقتعد منصة خلف الشاشة، قد تحول حياة الناقر إلى مأساة حقيقية، مادام نادي الشياطين بالعالم الإفتراضي يعج بالمنخرطين والمنخرطات الذين يتربصون مثل هذه الفرص.
ولأن عقارب عالم الوسائل الحديثة (تقنيات المعلومات والاتصالات) المستخدمة للتواصل لا يمكن أن تعيش على هامش الثورة التكنولوجية التي تشكل علامة القرن الجاري بامتياز، فإن حجم الأضرار الناتجة عن العنف الإلكتروني، وتوسع دائرة ضحايا هذا التنمر الإلكتروني الذي كشفت العديد من الدراسات بأنه كثيرا ما بني على النوع الإجتماعي، حفزت منظمات المجتمع المدني للإشتغال على الظاهرة، والتحسيس بالمخاطر المترتبة عنها.
في هذا السياق، كانت قاعة الندوات بفندق بمدينة طنجة يومي السبت و الأحد 19 نونبر الجاري، على موعد مع ورشة جهوية، أطرها عنوان "العنف الإلكتروني المبني على النوع الاجتماعي".
تناولت الورشة التي أطرتها جهاد الشاتي، جملة من المحاور المترابطة تصب كلها في تعزيز قدرات المشاركين والمشاركات، من أجل القبض على أسرار النقمة الناتجة عن نعمة توسع دائرة الاتصال بين ساكنة المعمور، واكتساب المهارات التقنية القادرة على تحجيم الآفة التي تختار بعناية دقيقة ضحاياها، والتسلح بالقانون رغم صعوبة إنفاذه، مادام الأمر يتعلق بعالم افتراضي عنفه الإلكتروني بما فيه المبني على النوع الإجتماعي، ضبط وتحديد زمانه ومكانه ليس بالأمر الهين حتى بالنسبة للأجهزة الأمنية، (تناولت) التعريف بالنوع الإجتماعي الذي يشير إلى "الفوارق المكتسبة بين الذكور والإناث". وعند تعريفها للعنف المبني على النوع الإجتماعي أشارت بأن هذا الأخير "مصطلح شامل لكل فعل مؤذ يرتكب ضد إرادة شخص ما، ويعتمد على الفروق المحددة اجتماعيا بين الذكور والإناث". وخلصت في سفرها فوق تضاريس العنف، بأن هذا الأخير عندما يكون قائما على النوع الإجتماعي، فإنه يعتبر انتهاكا لحقوق الإنسان التي تحميها المواثيق والإتفاقيات الدولية.
الحلقة الثانية من محور الورشة الجهوية سلطت فيه المؤطرة الضوء على العنف الرقمي المبني على النوع الإجتماعي نظرا لتوسع دائرته، ونظرا كذلك للندوب النفسية والمادية التي يتركها على ضحاياه وترافقهم على طول مسار حياتهم، هذا إن لم يضعوا حدا لحياتهم هذه، لأن من بين الصفات المميزة للتنمر الإلكتروني، المطاردة الممتدة عبر الزمان والمكان الذي لا يعترف بالتأشيرة التي تضعها الدول حماية لحدودها .
ولأن من بين الأهداف التي تسعى الجهة المنظمة لهذه الورشة التمهيدية، محددة في حقن المشاركين والمشاركات بجرعات من المهارة التقنية ذات الصلة بالعنف الإلكتروني، وضمان انخراطهم/هن الواسع في عمليات التحسيس بمخاطر النقرة الغير مفكر في عواقبها، فقد أماطت جهاد الشاتي، الستار عن حزمة من التقنيات الكفيلة بحماية المعلومات الخاصة (نموذج مواقع التواصل الإجتماعي) من أي اختراق، وأفاضت التفصيل عن السلوك الرقمي الذي يجب أن يكتسبه المتعامل مع تقنيات المعلومات والاتصالات باعتباره (السلوك) آلية من آليات الوقاية من فيروس العصر.
يذكر بأن هذه الورشة الجهوية شارك في أشغالها فاعلون حقوقيون وجمعيات نسائية ومدنية، وتدخل حلقتها الأولى هذه في إطار "برنامج دعم المجتمع المدني بالمغرب" الذي سبق وأطلقته COUNTERPART INTERNATIONAL بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية لمدة 4 سنوات (2015 – 2018). ويهدف البرنامج حسب الوثائق المتوفرة، إلى تعزيز قدرات منظمات المجتمع المدني حتى تتمكن من المساهمة في وضع وتتبع تنفيذ السياسات العمومية، إن على الصعيد الوطني أو الجهوي أو المحلي.