الجمعة 20 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: المسؤولية الاجتماعية للدولة و الحكامة القضائية

مصطفى المنوزي: المسؤولية الاجتماعية للدولة و الحكامة القضائية

لا داعي للتذكير أن الدولة المغربية تخلت، عن سبق  إصرار وتعاقد مع المؤسسات المالية الدولية، عن مسؤوليتها الاجتماعية، أي عن كل ما يرتبط بالإنفاق الإجتماعي في مجالات  التعليم والصحة والتشغيل، لكن المفارقة أن هذه المؤسسات المالية تحرص على تقليص الخسارة المترتبة عن تداعيات إملاءاتها الادعانية، وذلك بتوصية "زبنائها" من الدول المقترضة بأن يبادروا إلى إدخال بعض الإصلاحات، في بعض القطاعات التي تعتبر حيوية وضرورية لضمان الإستقرار كمؤسسات القضاء مثلا، وتقدم لهذه الغاية مساعدات مالية وتقنية؛ غير أن المفارقة  تكمن في أن عدوى تقليص الإنفاق في قطاع العدالة.

فعوض أن تطور الدولة منظومة المساعدة القضائية؛ فضلت تحريف حكمة المشرع الكوني والذي يوجب إقران الحق في التقاضي بالحق في الولوج إلى العدالة، ويعد الحق في الدفاع وكذا المجانية إحدى دعائم تحفيز المرتفقين أو العراقيل، عوض ذلك تفتقت عبقرية الحكومة السابقة فاقترحت مشروعا قد يعصف بهذه المبادئ و المكتسبات، حيث تم توسيع لائحة القضايا التي تمس بمبدأ إلزامية الاستعانة بمحام أو محامية، وهي قضايا، وإن كانت تبدو بسيطة لكون الطلبات فيها تقل عن 5 آلاف درهم؛ فإن كثافة الضمانات والإجراءات المسطرية والدفوعات الحامية للحقوق لا يمكن للمرتفق المعوز أن يباشرها أو يثيرها، ولا حتى الكتاب العموميين غير المؤهلين مهنيا.

وبغض عن كون أغلبها ليس من النظام العام ولا يمكن للقاضي أن يثيرها تلقائيا لمساس ذلك بمبدأ الحياد، فإن المتقاضي سيحرم من الحق في الإستشارة المهنية؛ كما لا يمكن الإستهانة بتعقيد المساطر في القضايا التي أضافها المشروع الجديد إلى اللائحة أعلاه، كقضايا الزواج والحضانة والطلاق والحالة، وهي القضايا الأكثر رواجا بالمحاكم، حتى لا نقول القضايا الأكثر "جماهيرية" الشيء الذي معه تطوير نظام المساعدة القضائية بتبسيط مساطر وإجراءات الإستفادة من خدمات واستشارة المحامين، وإلا سنكون أمام انتكاسة وارتكاسة حقيقيتين في العلاقة مع جودة الأحكام القضائية ضدا على مطلب الحكامة والإنصاف.

لذلك وجب على الوزارة الحذر من السقوط في شراك الحروب الصغيرة، لكن المستنزفة للزمن والطاقة، مع الهيئات الحقوقية وهيئات المحامين، خاصة وأن مشروع المسطرة المدنية سيمس، إذا تمت المصادقة عليه والحالة هاته، فهو سيمس بحقوق مكتسبة راكمتها نضالات وتضحيات مكونات.