الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

سبخة إيمليلي.. أسماك للتداوي في عمق الصحراء (مع فيديو)

سبخة إيمليلي.. أسماك للتداوي في عمق الصحراء (مع فيديو) حصة تداوي طبيعي ومجاني للأرجل
اعتبرها البعض ضمن العجائب، "سبخة إمليلي" الواقعة جنوب شرق مدينة الداخلة، وبعيدا عنها بحوالي 100 كيلومتر، فضاء طبيعي قبل أن تكون مزارا سياحيا، يقصده يوميا العشرات من المغاربة والأجانب، للاستمتاع ببرودة الأجواء في هذه المنطقة الرطبة، من خلال وضع أرجلهم في تلك الضاية حيث تعيش أنواع من السمك، تقتات على الخلايا الميتة للأقدام..
 
لابد لك من دليل بسيارة رباعية الدفع لتتمكن من زيارة "سبخة إمليلي"، الطريق إليها وعرة بتضاريس صحراوية بامتياز ومع ذلك فجمالية لغراد (التلال الرملية) والإبل المنتشرة على المراعي، وخيم الرحل.. كلها تنسيك تعب الطريق، خصوصا إذا كانت الرفقة مع يحظيه حبت، سائق مهني من قبيلة أولاد ادليم، خبير في طرقات جهة الداخلة وادي الذهب، حيث تتشابه تضاريس المنطقة بشكل كبير يصعب معه للزائر من خارج الجهة تذكر الطريق، يحظيه تتجسد فيه مقولة "الرفيق قبل الطريق"، فهو سائق سياحي ومرشد سياحي أيضا..
لا مجال لحساب الزمن وأنت مع يحظيه، فعلى نغمات الطرب الحساني الأصيل، تطوى لك الطريق، وهو الذي قاد قافلة من 10 سيارات رباعية الدفع من الداخلة إلى المعبر الحدودي الكركرات كانت جريدة "أنفاس بريس" ضمنها.. توجت بجلسة شاي بجيماته الثلاث، جمر وجر وجماعة، وهي الطقس القار في كل رحلة صحراوية، حيث يتم تجاذب الحديث حول مواضيع متنوعة من الانتخابات المقبلة إلى كأس أوربا مرورا بعادات أهل الصحراء في الزواج والطلاق..
تضم "سبخة إيمليلي" مجموعة من البحيرات الشديدة الملوحة، في منطقة رطبة صحراوية، أخاذة بطبيعتها وتربتها الحمراء والغطاء النباتي الذي يحيط بها.. وتزيدك نسبة الأوكسجين النقية الصافية جرعات مضادة للتوتر الحاصل في كبريات المدن، يقصدها الزوار للاستمتاع بحصة تداوي طبيعي ومجاني للأرجل (fish spa) ، حيث تقتات الأسماك الصغيرة من بقايا الخلايا الميتة بالأقدام بشكل ينعش الأرجل والجسم معا.
وحسب أحد المختصين في مجال المناطق الرطبة (السبخة)، يصل طولها إلى 13 كلم، وعرضها الأكبر 2.5 كلم، وعمقها بين 0.4 و4.6 أمتار، ونسبة ملوحتها تتراوح ما بين 24 و350 غرام في اللتر، وتقدر مساحتها بـ20 كلم مربع، وتتوفر في جهتها الشمالية على أكثر من 160 من الجيوب المائية الدائمة التي تحتضن أعدادا كثيرة من الأسماك من نوع "تيلابيا غينيا" المتواجد بمنطقة غرب إفريقيا جنوب نهر السنغال؛ فضلا عن أعداد من النباتات والحيوانات التي تزخر بها المنطقة.
وتمتاز سبخة إيمليلي باستثناءات بيئية ترسخت نتيجة لعدة عوامل هيدرولوجية حدثت في هذا المكان المحدد:
- حوض مائي كبير متدفق تمثل السبخة قاعه.
- نقطة التقاء العديد من الوديان الصحراوية المتقطعة التي تجلب المياه إلى السبخة خلال فترات الأمطار النادرة.
- وجود منسوب مياه جوفية مجاور.
- وجود بنية جيولوجية (حجر جيري) تلعب دور الإسفنج (امتصاص مياه الفيضانات التي تقع في فترات الجفاف).
- وجود تصدعات نشطة (تسهل اختراق المياه المخزنة في حوض السبخة)، والتي تكمن جذورها في تكوين جيوب جديدة للمياه (بينما تسد الجيوب الأخرى بالرمل).
ويسعى المهتمون لإدراجها ضمن المناطق الرطبة ذات الأهمية الدولية، وفقًا لمعايير اتفاقية رامسار، بعد أن تم تصنيفها وطنيا، ووضع خطة تدبير قصد بدء إجراءات الحفاظ على هذا الموقع الهش، في انتظار المرحلة النهائية التي سيتم تصنيفها كمنطقة محمية بشكل كامل.
بالمقابل ينشط عدد من أنصار البيئة، في الترويج لتكذيب الادعاء بأن أسماك إمليلي تنظف الجلد الميت من الأصابع، معتبرين ذلك إغراء كاذبا من المرشدين السياحيين الذين يشجعون السياح على وضع أقدامهم في جيوب المياه ورمي الخبز لجذب سمك البلطي. هذه السلوكيات تضر بالكائنات الحية التي تطورت على مدى آلاف السنين للتكيف مع الظروف الطبيعية المحلية لهذا النظام البيئي الفريد.
ومع ذلك تبقى هذه السبخة من بين المناطق ذات الأهمية البيئية على الصعيدين الوطني والدولي، بالنظر إلى قيمتها كمجال صحراوي يزخر بتنوع بيولوجي مهم، مما يؤهلها لأن تشكل مستقبلا إحدى الدعامات الأساسية للتنمية المستدامة بالجهة.