Tuesday 8 July 2025
سياسة

المداخل الأربعة لقراءة إعفاء الملك للوزراء ولمهندس العطش

المداخل الأربعة لقراءة إعفاء الملك للوزراء ولمهندس العطش

وأخيرا ظهرت مقدمات الزلزال الذي كان قد تحدث عنه الملك محمد السادس على خلفية أحداث الريف، وما تلاها من احتداد الظاهرة الاحتجاجية في مناطق الشمال كما في غيرها من أرض المملكة. فلقد تضمن البلاغ الصادر عن الديوان الملكي، مساء أمس الثلاثاء 24 أكتوبر 2017، قرارات إعفاء أربعة وزراء في الحكومة الحالية:

- محمد حصاد، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بصفته وزير الداخلية في الحكومة السابقة؛

- محمد نبيل بنعبد الله، وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، بصفته وزير السكنى وسياسة المدينة في الحكومة السابقة؛

- الحسين الوردي، وزير الصحة، بصفته وزيرا للصحة في الحكومة السابقة؛

- العربي بن الشيخ، كاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، المكلف بالتكوين المهني، بصفته مديرا عاما لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل سابقا؛

إضافة إلى علي الفاسي الفهري، مدير عام المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.

كما شملت القرارات خمسة وزراء في الحكومة السابقة:

- رشيد بلمختار بنعبد الله، بصفته وزير التربية الوطنية والتكوين المهني سابقا؛

- لحسن حداد بصفته، وزير السياحة سابقا؛

- لحسن السكوري، بصفته وزير الشباب والرياضة سابقا؛

- محمد أمين الصبيحي، بصفته وزير الثقافة سابقا؛

- حكيمة الحيطي، كاتبة الدولة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، المكلفة بالبيئة سابقا.

إلى جانب ذلك تم إعفاء 14 مسؤولا إداريا "أثبتت التقارير في حقهم تقصيرا واختلالات في القيام بمهامهم" كما في الديوان الملكي.

يهمنا بخصوص هذه القرارات أن نسجل الملاحظات التالية:

1ـ هي قرارات غير مسبوقة في تاريخ التعيينات الوزارية منذ استقلال المغرب، سواء على مستوى النوع أو الحجم أو طبيعة السياق المجتمعي الذي تمت فيه، والأمر لا علاقة له بالإعفاءات التي تمت في الحكومة السابقة حيث كان السبب حالات التنافي لا غيرها.

2- هي قرارات تتخذ نتيجة تحقيق سبق أن أمر به الملك نفسه، وهذا ما يعرض الوزراء لعدم الرضى، ويضعهم في دائرة الاتهام بالتقصير، وعدم الوفاء بتأدية الأمانة على أحسن وجه.

3- الملاحظة الثانية تهم الانتماءات الحزبية للوزراء المعفيين، حيث يبدو الحزب المعني أكثر هو حزب التقدم والاشتراكية، وفي مقدمته أمينه العام نبيل بنعبد الله (وزير السكنى) إلى جانب الوردي (وزير الصحة) وأمين الصبيحي وزير الثقافة. ثاني الأحزاب المعنية الحركة الشعبية ممثلة في حصاد (الذي كان يتهيأ لخلافة محمد العنصر) ولحسن حداد وحكيمة الحيطي.

أهمية هذه الملاحظة متأتية من أثرها المستقبلي على تشكلات البنية القيادية للأحزاب المذكورة، فقد بدا واضحا أن المستقبل السياسي لكل من نبيل بنعبد الله وحصاد بهذا الخصوص قد صار في خبر كان. كما يبدو واضحا أن عملية الإعفاء قد تدفع قواعد الأحزاب إلى إعادة النظر في باقي القيادات الحزبية الأخرى على اعتبار أنها هي الأخرى متورطة في الاختلالات التي تطبع المشهد الوطني العام، وضمنه المشهد الحزبي.

4ـ الملاحظة الرابعة تهم إعفاء علي الفاسي الفهري الذي عمر طويلا في هذا المنصب، بعد أن مارس من قبل مهامه سامية لا تقل أهمية. وقد كان تدرجه في تلك المسؤوليات محاطا بهالة لا تتوفر  لنظرائه من مسؤولي الدولة الكبار عبر الادعاء بامتلاكه لوجاهة خاصة، ولعلاقات القرب من دائرة القرار كما كان يستثمر ذلك في حقل التجاذبات السياسية. الإعفاء يسقط مثل هذه الادعاءات.

تفيد هذه الملاحظات بأن القرارات الملكية شكلت بالفعل منعطفا في إدارة الشأن العام يأتي متطابقا مع سقف التوقعات التي كان ينتظرها  المغاربة. وبدون شك فهي تعتبر بالفعل زلزالا سياسيا، سواء في شكلها الحالي، أو كانت مدخلا لإعفاءات في باقي مناحي الإدارة العمومية. وهي أيضا التطبيق الفعلي للمبدأ الدستوري (ربط المسؤولية بالمحاسبة).

لأجل ذلك نقول إننا إزاء لحظة تحول عميق في تعاطي الدولة والمجتمع مع الشأن العام.