الأربعاء 8 مايو 2024
كتاب الرأي

حميد عزيز:اللائحة الملغومة...في انتظار موسم الـ"حصاد"!

حميد عزيز:اللائحة الملغومة...في انتظار موسم الـ"حصاد"!

الأستاذ..إذا تغيب خارج ما يتيحه القانون ،يعرض للمساءلة،وتتخذ في حقه الإجراءات التأديبية التي حددها القانون نفسه.هذه المسألة ليست محل نقاش او مزايدة من أحد.لكن أن يتم التشهير بالأساتذة جملة وتفصيلا،وفي أول شهر من شهور السنة الدراسية،فهو أمر غير مقبول على الإطلاق.هو سلوك لا تحكمه أية خلفية ادارية أو تنظيمية.وانما هو مجرد بداية ،لخلق أجواء من الريبة والتوجس من عملهم،وتنزيل مصداقيتهم الى الدرك الأسفل.تمهيدا لاستعداء المجتمع عليم،وتحميلهم مسؤولية التردي المستمر للمدرسة العمومية.

كان على السيد الوزير،أن يتريث في نشر لائحة المتغيبين،مصحوبة باحصائيات مغرضة،وأبعد ما تكون عن العلمية والنزاهة.كان عليه أن ينشر قبل ذلك لائحة بأسماء من نهبوا أموال المخطط الاستعجالي،ولائحة الموظفين الاشباح في القطاع الذي يديره،وثالثة بأسماء المستفيدين من السكنيات الادارية دون وجه حق،وأخرى بمن تورطوا في إفساد الإطعام المدرسي،وإفساد المناهج والمقررات،ممن يسترزقون ببرامج الإصلاح المزعومة على مدى سنوات طويلة....
وبما أنه لم يفعل،ولن يفعل بالتأكيد،فان خطوته اليتيمة التي أقدم عليها،تؤكد ما ذهبنا إليه في مناسبة سابقة،والتي تفيد أنه أتى الى قطاع التعليم بخلفية أمنية محضة.لتتبع حركات وسكنات رجال ونساء التعليم،وضربهم ب"قانون"مفصل على مقاس أهداف غير معلنة.
ثم إذا كان ما قام به الوزير يدخل في خانة إصلاح الادارة،من باب معالجة أعطاب الوظيفة العمومية،ألم يكن من الأجدى وضعه ضمن إستراتجية حكومية تشمل كل القطاعات،برؤية إجرائية موحدة؟فنحن لم نسمع عن أية لائحة أخرى غير لائحة حصاد.وكأنه نسيج وحده،ويملك وحده صلاحية أن يهين موظفيه بهذا الشكل البئيس.
لقد وصلت الرسالة،لكنها أخطأت العنوان.فعندما يقرر ألاف المدرسين أن يغادروا قبل الوقت،فذلك دليل على أن الأمر لم يعد يحتمل،وأنهم فقدوا الثقة تماما في كل ما يطبخ.لقد تأكد للجميع أن الدولة ،بمؤسساتها المختلفة،ومعها المجتمع السياسي والنقابي،غير مدركين لما وصل اليه قطاع حيوي يحتضر في صمت.قطاع تكشف الممارسة كل يوم،أنه لم يعد أولوية ولا قضية وطنية كما تدعي الخطابات.
الدولة هنا لا تملك مشروعا واضحا للاصلاح.والأحزاب المشاركة في الحكومة خارج التغطية تماما،تخدم أهدافا تناقض في الواقع ما حملته برامجها التضليلية.وأن النقابات ،ولاسباب ذاتية أكثر منها موضوعية،لم تعد قوة اقتراحية أو حتى احتجاجية ضاغطة،وأننا كمجتمع في الأخير،لم نعد نكترث كثيرا لمستقبل الأبناء والبلاد.
الصورة قاتمة بالفعل،والمسؤولية عنها مشتركة،وان كانت متفاوتة.واذاكانت الدولة مصرة على تحميل الأستاذ وحده وزر ما تقترف ونقترف،يبقى على هذا الأخير،من باب أضعف الايمان،أن يدافع عن كرامته.وسنظل نصرخ دوم ملل....القادم أسوأ.