Sunday 29 June 2025
مجتمع

"بلا حشمة بلا حياء"، الوزيرالوردي " يشعل العافية" بين الأطباء والممرضين!

"بلا حشمة بلا حياء"، الوزيرالوردي " يشعل العافية" بين الأطباء والممرضين!

تقاسم بعض الأطباء ممن قضوا أكثر من 30 سنة في ممارسة مهنة الطب في تصريحاتهم لجريدة: "أنفاس بريس" معطى أساسي ومحوري في قضية أزمة الصحة بالمغرب، على هامش قرار وزير الصحة، الحسين الوردي، القاضي بتعيين الممرضين خريجي المدرسة الوطنية للصحة العمومية على رأس المؤسسات الاستشفائية. الآراء التي استأنست بها "أنفاس بريس"، بينت أن "الأطباء الأكفاء لم يعودوا يرغبون في تحمل مسؤولية التدبير الاستشفائي وتحمل المسؤولية الإدارية". وفي هذا السياق أجاب هؤلاء الأطباء عن سؤال لماذا؟ ليكشفوا عن هول الحقيقة الساطعة مثل الشمس، التي يريد بويا الوردي تغطيتها بالغربال. إليكم مواقف الأطباء:

"تصور معي ماذا سيكون موقف طبيب يتحمل مسؤولية التدبير الاستشفائي، وهو على رأس الإدارة الطبية بمستشفى معين، ولا يجد وسائل العمل، من موارد بشرية وتجهيزات طبية، وضروريات تقديم الخدمات العلاجية للمواطنين كل ساعة وكل يوم وطيلة السنة؟".

بهذا السؤال الحارق وضع المتحدث أصبعه على مكمن الداء الذي أصاب مفاصل قطاع الصحة وقال: "الوزارة وضعت الأطباء مديري المستشفيات وجها لوجه مع المرضى والوافدين على المستشفيات طالبي العلاج، جراء النقص المهول في الموارد البشرية، والأدوية، والتجهيزات الأساسية والضرورية لمواجهة الحالات المستعجلة من ولادة، وإصابات حوادث السير، والتشرميل، ولسعات العقارب والأفاعي.... "وأضاف قائلا بنبرة متحسرة: "يضطر البعض من الأطباء لتدبير الأزمة بالمماطلة والتسويف، وبوسائل خاصة في بعض الأحيان، ونتعرض للاستفزاز والمضايقات والاعتداء المادي والمعنوي، أمام وضعية مستشفياتنا البئيسة". ولم يفت نفس المتحدث أن يؤكد على: "عدم تجاوب الوزارة مع طلبيات الأطباء، والجواب عن مراسلاتهم، وشكاياتهم التي نبهوا من خلالها للوضعية الحرجة التي تعرفها المستشفيات المغربية، على جميع المستويات"، مضيفا أن "هذه الوضعية عجلت بتقديم طلبات الإعفاء من المسؤولية لعدد كبير من الأطباء المدراء، منذ خمس سنوات الماضية". وقال أحد الأطباء "كيف يعقل أن نشتغل في ظروف قاهرة، والوزارة لا توفر لنا حتى 20% من وسائل وشروط العمل لممارسة مهنة الطب النبيلة؟".

في ظل هذه الوضعية المأساوية يتعرض المدراء الأطباء حسب ذات المتحدث " للمسائلة كلما وقع مشكل طبي أو صحي بالمستشفيات، وتنهال الاتصالات الهاتفية من طرف مصالح العمالة والإقليم والمحكمة، ويتسابق أعوان السلطة للظفر بالتقارير المطبوخة، وتقام المسيرات والاعتصامات من طرف المواطنين، ويساندهم مدبرو الشأن المحلي بالجماعات الترابية إقليميا وجهويا، فيصبح المدير الطبيب تحت كشافات المسائلة وكأنه هو المقصر في مهنته، وهو سبب تدني الخدمات الصحية ؟". فهل يعلم هؤلاء الشركاء والفرقاء أنه " لا نجد حتى ما نسدد به مصاريف شركات المناولة، الخاصة بالنظافة والحراسة والتغذية داخل المستشفيات التي ندبرها؟ "وهل نمارس اختصاصاتنا وفق الضوابط الإدارية والقانونية والمالية والتواصلية والإنسانية؟ "لهذه الأسباب يستطرد محدثنا قائلا: "أؤكد لكم أن هناك أطباء قد وضعوا طلبات الإعفاء من مسؤولياتهم الإدارية بالعشرات منذ 5 سنوات للأسباب المذكورة آنفا، نعم هناك طلبات الإعفاء من المسؤولية بعدما لم تتجاوب الوزارة مع تغطية الخصاص المهول على مستوى الموارد البشرية والتجهيزات، ونفد صبر الأطباء ولم تعد لهم القدرة على ممارسة سياسة التسويف والمماطلة أمام حجم الكوارث الصحية بمستشفياتنا".

وللتذكير يقول أحد الأطباء فقد "طالبنا من وزير الصحة بتجديد تجهيزات ووسائل العمل داخل غرف وقاعات العمليات التي تقادمت وتهالكت ولم تعد تساير العصر، لكن لا حياة لمن تنادي" فهل ينكر ذلك؟

"آش من وجه نقابلو بيه المرضى والمواطنين؟ بماذا سنجيب عامل الإقليم إن سئلنا عن عدم تقديم خدمة طبية وصحية، ووقعت مصيبة طبية في ظل قلة الوسائل وانعدامها؟ بماذا سنجيب وكيل الملك إن طالب بالأسباب التي جعلتنا نوجه امرأة حامل إلى مستشفى آخر خارج الإقليم؟ هل تعلم الشرطة القضائية بعدم وجود بنك للدم، وغرفة العمليات ناقصة تجهيزا، وعدم وجود اختصاصي في التوليد؟ وأسئلة أخرى لا يمكن الإجابة عليها إلا بالاعتراف أن حكومتنا ووزارة الصحة تدبر القطاع ب "باش ماعطى الله" لا غير، وأن ظروف العمل بالإجارة الاستشفائية غير مضمونة العواقب.

التجربة التي يريد وزير الصحة المغامرة بها والتي نقلها عن فرنسا لا يستقيم حالها في المغرب، ولن يكتب لها النجاح، فمستشفيات "النصارى" تضم مجموعة من المديريات، كل مديرية واختصاصها حسب القوانين (الموارد البشرية / التجهيزات / اللوجيستيك / الصيدلة / الاقتصاد ...)، ويدبرها مدير طبي عام ينسق ويسير المستشفى، ويتصرف في ميزانية سنوية مقرونة بالمسائلة والمحاسبة (التدبير المالي) و"اللي يفرط يكرط السي الوردي".

في هذا السياق يساءل أحد الأطباء وزير الصحة بقوله: " لماذا لا تتوفر مستشفياتنا على مديريات مختلفة حسب التخصصات والمهام المنوطة بالتدبير الاستشفائي، ولماذا لم يطبق الوردي واقع مستشفيات فرنسا كاملا، واستثنى منه قضية التدبير الاستشفائي على الطريقة المغربية؟". هنا بيت القصيد "لأن سياسة الحكومة تنص على اجتثاث الوظيفة العمومية، والعمل بالعقدة، وصباغة الواجهة، والإحسان "يوضح أحد الأطباء متذمرا. وأضاف: "مدير المستشفى بالمغرب، يقوم بكل شيء، ـ من صبح الله ـ يتصل بشركة الحراسة، والتغذية، والنظافة، والبستنة، ومركز تحاقن الدم، والممرضين والأطباء، والعامل والوكيل والشرطة والدرك والقايد ورئيس المجلس، ويرقع التجهيزات ويبحث عن المحسنين لإنقاذ حياة امرأة حامل أو مصاب بمرض عضال".

فالمدير الإداري بمستشفى فرنسي الذي يود الوزير نقل تجربة "الكفار" من فرنسا، لا يمكن أن يتسلم دفة المسؤولية إلا بعد أن "يشربعقلو وبلولة" ويراكم تجربة ميدانية مهمة، ويكبر في أعين الأطباء والممرضين بحسه الإنساني والمهني، لكن هنا الفرق كبير بين "النصارة والمسلمين" لذلك لن يكتب لهذه التجربة النجاح حسب محدثنا مادام أن الوزير بويا الوردي "يريد تقليد مشيت الحمامة".

من المعلوم أن وزارة الصحة كانت سابقا تفرض تجربة طبية 5 سنوات للمرور لمنصب مدير مستشفى، وقلصت ذلك إلى سنتين، دون أن تستحضر التجربة الميدانية، وثقافة السن والكفاءة والضمير المهني، وفتحت الباب أمام الأطباء والممرضين لهذا الغرض، بعد التكوين في المدرسة الوطنية للصحة العمومية التي يتغير اسمها كلما أرادت الحكومة تمرير مخطط لضرب الحق في الصحة.

المؤكد أن أزمة قطاع الصحة مرتبطة بالنقص الفظيع على مستوى الموارد البشرية والتجهيزات حسب ما توصلنا إليه من نتائج وخلاصات حوارات مع بعض الأطباء، ويمكن أن نذكر بواقعة إضراب أطباء تخصص أمراض القلب بالرباط سابقا، مطالبين "بوسائل العمل لا غير، بعدما أخجلهم تمديد فترة مواعيد العمليات الجراحيةللعديد من المواطنين".