Monday 7 July 2025
سياسة

مولاي أحمد الدريدي يكتب عن كارثة الرميد في مجلس حقوق الإنسان

مولاي أحمد الدريدي يكتب عن كارثة الرميد في مجلس حقوق الإنسان

بسبب عجرفة واستهتار التحالف المعادي لحقوق الإنسان المتمثل في حكومة الإسلام السياسي والقوى المحافظة في هياكل سلطة الدولة، حصل المغرب على نتائج كارثية في دورة مجلس حقوق الإنسان بجنيف.

فقد أصدر مجلس حقوق الإنسان قائمة سوداء تضم 29 دولة، ضمنها المغرب تقوم بإجراءات انتقامية ضد ناشطي حقوق الإنسان الذين يتعاونون مع الأمم المتحدة.

وللعلم فمجلس حقوق الإنسان، وهو جهاز أممي يستهدف التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان وتقديم المشورة بشأن الوضع الحقوقي في العالم. ويحتفظ بسرية البلاغات التي يتوصل لها، ويشترط التوثيق والأدلة للقبول بها ومتابعتها مع الدول والهيئات المعنية.

ويضم المجلس في عضويته 47 دولة يتم انتخابها في إطار الجمعية العامة بالأغلبية المطلقة.

إذن المغرب أصبح من جديد في اللائحة السوداء للدول التي تضطهد النشطاء، وبذلك فإنه عمليا ضد منهجية التدرج المطلوبة عالميا في مجال النهوض بحقوق الإنسان، لقد رفع الرميد صوته عاليا ومنتشيا "الدين قبل حقوق الإنسان!!!"

لقد عبر الرميد عن رفض الحكومة التوصيات التالية الخاصة بـ:

- حقوق النساء.

- الحقوق الفردية.

- حقوق الصحافة في التعبير.

- حقوق الطفلات من الاغتصاب تحت يافطة الزواج (كزواج الطفلات في سن أقل من 18سنة).

- الحق في الحياة (مناهضة عقوبة الاعدام).

- استمرار الإفلات من العقاب (رفض المصادقة على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية).

وقد برر الرميد الانتكاسة باعتبار أن رفض الحكومة للتوصيات المذكورة، باعتبار أنها تتعارض مع ثوابت الدولة المنصوص عليها في الدستور...

إنه تأويل لا ديمقراطي للدستور، وإخلال بمضامينه، وخاصة ما جاء في ديباجته، التي جاء فيها أن المغرب يلتزم بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا، أي بلغة خبراء ونشطاء حقوق الإنسان، إن المغرب يلتزم بكونية حقوق الإنسان وعدم تجزيئها. إن تأويل التحالف المعادي لحقوق الإنسان، المتمثل في حكومة الإسلام السياسي والقوى المحافظة في هياكل سلطة الدولة، هو تأويل متناقض مع توجيهات الملك، الذي أكد مرارا على ضرورة إعمال الجوهر الديمقراطي للدستور.. والجوهر الديمقراطي لا يمكن، منطقيا وعقلانيا، أن يتناقض مع كونية حقوق الإنسان.

إن جواب الرميد، الذي تلاه نيابة عن التحالف المعادي لحقوق الإنسان، هو جواب يتناقض مع روح ومقاصد الدستور الإيجابية، وكذلك هو تبخيس لمجهودات سلطة التحكيم في الدولة، التي ترجع لملك البلاد، والتي تنتصر لحقوق المرأة بشكل خاص، ولحقوق الإنسان بشكل عام، والتي جسدها بالملموس بعدد من القرارات منذ 1999 حتى 2007، وفي تجاوبه مع العديد من مطالب حركية شباب 20 فبراير الحداثيين الديمقراطيين على شكل إجراءات تنصيب المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وكذلك مضامين خطاب 9 مارس 2011، الذي أسس لدستور 2011.

إننا امام وضع سينعكس سلبا على: الاستثمار، والديمقراطية، والتنمية البشرية المستدامة.

إننا أمام عدو يريد الزج بالبلاد في العبث السياسي، إنه تحالف جهنمي يستهدف رأس الدولة وحقوق المواطنين البسطاء، التي هي مرهونة بحقوق الإنسان الكونية، من أقدسها، أي الحق في الحياة، إلى مختلف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والخاصة، فردية وجماعية.

فخلال حكومة بنكيران لتصريف الأعمال، وفي 100 يوم من حكومة العثماني، كان أهم شيء قام به الرميد، ممثل الحكومة والتحالف المعادي لحقوق الإنسان بالمغرب في مجال حقوق الإنسان، هو الزج بأزيد من 400 مواطن من الريف في السجون، ضمنهم من يجب تقديمهم للمحاكمة وتوفير شروطها بأن تكون عادلة، لكن الأغلبية الساحقة يجب أن تكون خارج السجون، إنهم يبحثون عن "الكاو"!!! فهم لا ينتعشون إلا في مثل هذه الظروف.

ومن وجهة نظري، كفاعل حقوقي انخرط في النضال الحقوقي منذ 1984 وساهم بتواضع في مراكمة مكتسبات حقوقية هي التي جعلت اليوم المغاربة يخرجون للاحتجاج وثقافتهم الاحتجاجية راسخة بأنهم سيحققون مطالبهم باللاعنف، ويعودون إلى بيوتهم وأسرهم وأعمالهم ودوراتهم الإنتاجية، على عكس ما يجري مع شعوب منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، إنه فعلا الاستثناء المغربي، الذي يجب تحصينه.

فندائي ورجائي اليوم، وباستعجال، لكل من يرى نفسه في الخانة المناهضة للتحالف المعادي لحقوق الإنسان، المتمثل في حكومة الإسلام السياسي والقوى المحافظة في هياكل سلطة الدولة، أن نعمل جميعا على ثلاثة محاور:

- المحور الاول: العمل على توفير كل الشروط لإطلاق سراح كل الأطفال رهن الاعتقال والصحافيين والفنانين، الذين هم كذلك رهن الاعتقال، وتوفير متابعتهم، إن كان لزاما، في حالة سراح، مع الحرص من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان على توفير كل شروط المحاكمة العادلة.

- المحور الثاني: أن نناقش مع المعتقلين الآخرين الذين يعتبرون أنفسهم قيادة ميدانية أو غيرها، بأن يوقفوا الإضرابات المفتوحة التداولية، التي يخوضونها، وأن يطالبوا بشروط اعتقال سياسي يمكّنهم من إعداد محاكمتهم، حتى يدافعوا على طروحاتهم في محاكمات عادلة، وفق شروط المحاكمة العادلة كما هي متعارف عليها دوليا، ومن خلال هذه المحاكمات، سيفرضون حوارا مباشرا وغير مباشر معهم، إن فعلا كان لهم مشروع قابل للتفاوض حوله...

- المحور الثالث: هو تخلي الحكومة والسلطة عن المقاربة الأمنية (فقط نود أن نقول إن تطبيق القانون في تقديري ليس هو المقاربة الأمنية/الزجرية)، وفتح المجال لكل المبادرات المدنية والسياسية، التي حاولت التدخل لإيجاد حلول لتحقيق مطالب السكان في الريف، وفض الاحتقان...