السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

رجال الديستي.. عيون المملكة التي لا تنام

رجال الديستي.. عيون المملكة التي لا تنام المغرب بفضل استراتيجية اليقظة والاستباق قد قطع الطريق على كل أنواع المافيات

ظل المغرب منذ استقلاله يواصل بناء دولته الحديثة واعيا بأهمية وجوده على خريطة العالم، وبأهمية أدواره في منطقة جغرافية مفتوحة على الجهات الأربع للمعمور. القدر لم يجعلنا فقط نوافذ مشرعة على حضارات الشعوب الآتية من هنا وهناك، أو مجرد معبر للسلع أو للثقافات. بل حملنا كذلك مسؤوليات العبور بما يعنيه ذلك من مكاسب الحوار مع الآخر، ومخاطر تنقلات البشر والمغامرات. ولذلك كلما تقدم المغاربة في مراحل البناء كانت الضرورة تقتضي منهم تجديد الوعي بخطورة التحديات، وبدقة الاختيارات الواجب نهجها لمواجهة التحديات.

 

أول هذه الاختيارات كان عدم الفصل، داخل كل مشروع للتنمية الذاتية، بين ما يهم تحدي بناء الحقل السياسي وإرساء اسسه على قواعد ومبادئ التعددية من جهة، وما يهم خلق رافعات للمجتمع بأبعاد اجتماعية واقتصادية وثقافية من جهة ثانية، وما يهم من جهة ثالثة مقتضيات مواجهة تحدي حراسة أمن المملكة، والتصدي لكل ما بإمكانه أن يهدد سلامة المواطن المغربي وسلامة ترابه، سواء تعلق الأمر بالمستوى الداخلي أو بالمستوى الخارجي. ويهمنا بهذا الخصوص التأكيد على أن الأمن المغربي بمختلف مكوناته وأجهزته، إذ يضطلع بمهام حراسة المملكة فهو يعتمد في ذلك على استراتيجية تزاوج ما بين منهجيتين:

 

- الأولى تخص انتهاج مسالك الحذر واليقظة في رصد كل أنشطة الجريمة المنظمة، بكل أشكالها بما في ذلك تلك العابرة للحدود، بدءا من متابعة الشبكات الإجرامية الضليعة في النصب والاحتيال وتزوير الوثائق الرسمية، ووصولا إلى كل يتعلق بعمل مافيات التهريب والهجرة غير الشرعية والاتجار في المخدرات، وفي البشر، وانتهاء بترصد شبكات الإرهاب...

 

- الثانية تخص اعتماد مبدأ الاستباق الذي يعني التوثب الدائم لمحاصرة كل تلك الأنشطة في منشئها الأول بهدف تجفيف كل المنابع، وكذلك بغاية تفكيك الشبكات والخلايا النائمة.

 

إن ما يمنح هذه الاستراتيجية المزدوجة قوتها هو أنها تقوم على اعتبار أساسي يفيد الوعي بأن سلامة المغرب هي من سلامة محيطه الإقليمي والدولي. ذلك أن بلادنا، إذ تستحضر خصوصية وضعها الجغرافي، فهي تستحضر معه كل المخاطر المحتملة التي تختلف من حيث نقط الانطلاق أو العبور أو المصب. وبناء على هذا الاستحضار كان المغرب دائما محصنا ذاته، ومتعاونا في الوقت نفسه مع المنتظم الدولي، خاصة مع الاتحاد الأوروبي الذي تربطه معه عدد من الاتفاقيات التي همت كل مستويات التعاون بين الأطراف المعنية، خاصة بعد توقيع اتفاقية الشراكة التي دخلت حيز التنفيذ منذ سنة 2000، والتي اعتبرت بلادنا بموجبها شريكا مميزا. ومن ثمة توطد التعاون في الموضوع الأمني عبر اتفاقيات محددة مع كل من فرنسا سنة 2003 وإسبانيا سنة 2004، إلى غيرها من الاتفاقيات التي تعمقت مع تنامي الظاهرة الإرهابية وتدفق أعداد اللاجئين إثر احداث ما سمي الربيع العربي، وظهور تنظيم «داعش» كورقة جديدة في معادلات التحدي الامني في العالم. نضيف إلى ذلك أن كل التعاون الذي يباشره المغرب مع شركائه في العالم لا يحكمه فقط الاعتبار الأمني أو المخابراتي الصرف، بدليل أن بلادنا قد تبنت، منذ سنة 2013، مقاربة أمنية – اجتماعية للتعامل مع ملف الهجرة السرية وموضوع اللاجئين، حيث تم اعتبار المغرب بلد إقامة يتمتع فيه طالبو اللجوء والمهاجرين بحق الإدماج، وبالتمتع بكل حقوقهم التي يقرها المنتظم الدولي. ولا نحتاج إلى تأكيد فعالية هذا التعاون من طرف بلادنا، حيث أشادت بفعاليته ونجاعته كل الأوساط الأمنية في الغرب. مثلما كان ذلك أقوى العوامل في التكريس الأكيد لتميز عمل أجهزتنا الأمنية وسمعتها عبر العالم.

 

إن المغرب بفضل استراتيجية اليقظة والاستباق قد قطع الطريق على كل أنواع المافيات التي صارت على يقين بأن ساحة بلادنا ليست سوقا للتهريب، أو منطقة نزهة واستراحة. بل هي المنطقة الحيوية الأقوى التي يساهم فيها المغرب بوعي، ومع كل شركائه في المنتظم الدولي في بناء أمن وسلم العالم.