الجمعة 22 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

اسماعيني بناصر: إلى شيوخ الإفتاء.. هل يجوز استبدال الأضحية بالتضحية في الريف؟

اسماعيني بناصر: إلى شيوخ الإفتاء.. هل يجوز استبدال الأضحية بالتضحية في الريف؟

بخصوص الظرفية الراهنة والمتمثلة أساسا في المناسبة الدينة المهمة لكافة الفئات المسلمة، وحتى بالنسبة للدولة على اعتبار أن الدين الإسلامي من ثوابتها، وقولنا هذا يبقى قاب قوسين أو أدنى.. فمن المفترض أن نسمع بعض الفتاوى لشيوخ مختلف التوجهات الإسلامية، ونتمنى أن لا يكونوا قد أصيبوا بالصمم المفتعل، فقد أفتوا ومازالوا يفتون في مختلف النوازل، حتى في حواجب النساء وطرق ألأكل والاستحمام. أما عندما يتعلق الامر بالسلوكات الجنسية فالفاتوى تطلق بالجملة و-حتى نذكر موتانى بخير نترحم هنا على احد الشيوخ البارزين في هذا المجال- وقد طالت هذه الفتاوى حتى الانتخابات، وحاليا هناك ايضا من الموردين وحتى العامة من يطلب الإفتاء في نوازل تصل حد التفاهة تتعلق بهذه المناسبة. لكن ألا يفتي أحد هؤلاء الشيوخ بصحة استبدال الأضحية بالتضحية، وهذه النازلة مقتصرة أساسا على منطقة الريف.. فعدد من عائلات المعتقلين لم تحتفل بهذه المناسبة لأن أبناءهم في السجون، فقد قدموا تضحيات جسام في حقيقة الأمر، ناهيك عن أن هذه التضحيات جد مكلفة ومازال مسلسلها مستمرا وبشكل مضاعف. فالمعتقلون يعانون داخل السجون الرسمية وعائلاتهم يعانون خارج السجون الرسمية، والمعاناة تتضاعف وتزداد كل يوم، وشيوخنا لم يتشدقوا ولو بربع فتوى حول الوضع. طبعا هنا نستثني أئمة المساجد المساكين -فالفرد مسير وليس مخيرا ولو توفرت فيه شروط الإفتاء-

وبالرجوع الى الشيوخ المعنين، ما قولكم في من قدم تضحية كبيرة من حريته واستشهاد أبنائه، هل يضحون في هذا العيد أم تسقط هذه السنة عنهم؟ وهل يجوز أن يضحوا في هذه الأجواء؟ وما قولكم في وضعية أطفال ونساء يتامى وأرامل السجون؟ وهل يجوز لأرامل السجون أن يلبسن ثوبا كثوب الحداد حتى يميزن عن غيرهن من النساء؟ لماذا تشدُّون فرامل أفواهكم بقوة وتختبئون في قواقعكم؟ ألا تتذكرون الحديث النبوي الذي يقول من رأى منكم منكرا فليغيره.. أم أنكم تفعلوها بقلوبكم؟ وفي هذه الحالة المرتبطة بالجبن يتضح أنكم تستقوُن فقط عن النساء والضعفاء، وأين هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي تأطرون به معظم فتاواكم؟ أم أنه الخط الأحمر، ولا يمكن تجاوزه، فالمخزن سيكون بالمرصاد.. لكن حتى في هذه الحالة ألا يعتبر هذا نفاقا أم أنكم تتفقون مع الشيوخ المدجنين والذين اعتبروا النضال فتنة، أي أن نهب المال العام والرشوة والمحسوبية والزبونية والفقر المدقع والحرمان.... وما الى هنالك من تلاوين الفساد ليس فتنة؟؟؟؟؟ بل الفتنة هي النضال والمطالبة بالحقوق ومحاولة تغيير المجتمع الى الأفضل.

نعود هنا الى رواياتنا الدينية التي تأصل لعيد الاضحى، فإن الله أفدى اسماعيل بكبش بعد أن عمد أبوه ابراهيم الخليل الى محاولة ذبحه على خلفية "رؤية صالحة"، فتم قبول الأضحية، يعني أن الطقس في الأساس هو التضحية. وهنا نستوقف الشيوخ المعنين، ألم يقدم الريف شهداء بشر وسالت العديد من الدماء وكذا سجناء ومعتقلين؟ أليست هذه تضحيات جسام؟ ألا تقبل لديكم ولدى المتشدقين بالدفاع عن الدين ومبادئه، ونمر هنا على بعض الجماعات التي تتخذ مرجعية دينة إسلامية لتوجهها السياسي، لماذا شلت ألسنتكم؟ وأين هي قواكم التي تتبجحون بها؟ وماذا جنيتم من توافقاتكم مع المخزن على حد تعبير قياديكم "بردنا ليهم السوق"؟ ألا تستوجب الظرفية أن "تسخنوه شويا"، لتردوا القليل من ماء الوجه الذي فقدتموه بعد أن "برّدتوا او برْدتوا" وتردوا اعتباركم لما عانيتم منه بعد التبريدة، أي بعد 2011. أكيد  أنكم تعلمون حساسية الظرفية وما يحيط بها من مخاطر التدخل الغير محسوب بشكل دقيق، أي أنكم تتعاملون مع هذه الأحداث بشكل سياسي ومنطق الربح والخسارة، وفي أحيان أخرى منطق الربح الذاتي وليس منطق ديني تتموقع فيه الأخلاق والمبادئ في الصدارة كما تدعون، فالريف لا ينتظر لائاتكم حتى أنتم ولا يعول عليها.. أكيد جدا، لكن يجب أن نذكركم بما تتغنون به في مناسبات عديدة وخاصة عندما تحرضون شباب بدهنية القطيع للاعتداء على فتيات لأنهم يرتدين ثياب النصارى على حد فهمكم -وكان الدواء الدي تتجرعون والانترنيت والتكنولوجيا المتوفرة حولكم هي من صناعة الاوس والخزرج- أو التنكيل بمثلي جنس، والكل يعلم أنكم أنتم المسؤلون عن ذلك، فقد طورتم أساليبكم فيما تسمونه بالتقية جزافا ولا تظهرون في الأضواء.. لماذا لا تحرضون هؤلاء القطعان المروضة جيدا للتضامن مع معتقلي الريف والدفع بأشكال احتجاجية للضغط من أجل إطلاق سراحهم، وذلك من خلال فتوى طبعا من طرفكم، أم انكم تخافون أن يتم البحث عليكم في ركام فتاويكم من طرف الأجهزة الاستعلاماتية للمخزن وبالتالي ستكون النتائج كما تقولون لا يحمد عقباها..

أيها الشيوخ المتشدقون بالباطل، الريف قد ضحى و ما زال، و قد ارتدت النساء فيه وحتى الرجال ثوب المناضلين الشرفاء، وقد سجل التاريخ ذلك بدماء من استشهدوا ومن أصيبوا بجروح ومن اعتقلوا وزج بهم في السجون وبدموع أمهات وزوجات وأخوات وصديقات وبنات وأبناء، كما سجل التاريخ تخاذلكم حتى في استعمال أفواهكم.. ومادام الأحرار في ساحة النضال والمعتقل صامد، فالشهيد سيرتاح ولن يحتاج لفتاوى شيوخ النكاح.. فالعيد قد مر والريف أدى فريضته قبل ذلك وقدم أضاحيه قبل العيد.. فتاريخ الشعوب قد قبلها وفتح أفضل صفحات كتبه ودونها وسام شرف في رفوفه، كما دون تخاذلكم في الإفتاء.. فانتظروا فرصة نكاح حتى تبتل ألسنتكم وتفوق حركيتها سرعة حركية ألسنة المزغردات.