الاثنين 25 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

امراني علوي حافظ: طرق إنقاذ المقاولات المغربية في ظل تأثير فيروس كورونا المستجد

امراني علوي حافظ: طرق إنقاذ المقاولات المغربية في ظل تأثير فيروس كورونا المستجد امراني علوي حافظ

لا أحد يجادل على أن المقاولات المغربية في وقتنا الحالي تعيش وضعية مزرية في ظل انتشار الوباء اللعين أنه فيروس كورونا المستجد الذي ظهر لأول مرة في مدينة ووهان الصينية في أواخر سنة 2019، حيث حصد الأخضر واليابس، وأصاب شتى فروع بقاع العالم، باستثناء دول قليلة، وأدى بالمقاولات إلى التوقف عن أداء نشاطها في حين لم تتوقف مقاولات أخرى نظرا للمتطلبات الأساسية التي تقدمها للساكنة والتزامها التام بتدابير السالمة الصحية، إضافة إلى قيامها بتخفيض اليد العاملة إلى عدد معين خوفا من انتشار الفيروس اللعين مع الحفاظ على مساحة الأمان داخل مقرات عملها، الشيء الذي يؤدي بنا إلى طرح الإشكالية التالية: ما هي السبل الكفيلة لإنقاذ المقاولات المغربية في ظل هيمنة فيروس كورونا المستجد؟

وللإجابة عن الإشكالية التالية سنقوم بتقسيم الموضوع إلى محورين:

 

- دور مؤسسات الائتمان في إنقاذ المقاولات المغربية من تبعات فيروس كورونا

عرفت المقاولات المغربية خلال الآونة الأخيرة اضطرابا ملحوظا بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، الشيء الذي دفع بمجموعة منها إلى التوقف عن القيام بعملها مخافة انتشار جائحة كورونا حفاضا على صحة وسلامة أجرائها من تزايد عدد الإصابات، بحيث توقفت عن أداء عملها مند إعلان حالة الطوارئ الصحية الذي صدر بالجريدة الرسمية في عددها 6867 مكرر بتاريخ يوم الثلاثاء 24 مارس 2020، وهو مرسوم بقانون رقم 2.20.292 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها ويندرج المرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها في إطار التدابير الوقائية الاستعجالية اللازمة التي تقوم بها السلطات العمومية وفقا للفصل 21 من الدستور لضمان سلامة السكان وسلامة التراب الوطني في إطار احترام الحقوق والحريات المكفولة للمواطنين بالمغرب لكن من جهة أخرى حافظت المقاولات المغربية على حقوق المواطنين عن طريق التصريح بهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من أجل الاستفادة من المساعدات المالية التي جاءت بمبادرة ملكية من طرف جلالة الملك محمد السادس نصره الله؛ وذلك عن طريق إحداث الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا المستجد، حيث دخل حيز التنفيذ، بعد صدوره في الجريدة الرسمية عدد 6865 اليوم الثلاثاء، بعدما كان الملك محمد السادس قد أمر بإحداثه قبل أيام باعتمادات تصل إلى 10 مليارات درهم؛ إلا أنه وبعد انتهاء فترة الحجر الصحي وبقاء حالت الطوارئ الصحية سارية المفعول قامت بعض المقاولات باستئناف عملها مع الأخذ بتدابير الوقاية والسلامة الصحية للأجراء عن طريق توفير كمامات ومعقمات للأجراء مخافة من انتشار الوباء، في حين عجزت المقاولات الأخرى عن النهوض من جديد نظرا لعدم وجود السيولة المالية من أجل اعادة دوران عجلة الاقتصاد.. فالمقاولات يجب إنقاذها عن طريق توفير السيولة المالية من طرف مؤسسات الائتمان من أجل الخروج من الأزمة وإعطاء نفس جديد وضخ دماء جديدة تسري في عروق المقاولة اذن فالسيولة المالية هي الأوكسيجين الذي تتنفس به المقاولة من أجل بقائها على قيد الحياة.. فلا يمكن بتاتا أن نقوم بالتحدث عن انقاد المقاولة في ظل غياب تمويل من طرف مؤسسات الائتمان. فالمقاولة بدون تمويل كمنزل بدون أعمدة وفي اطار حديثنا عن التمويل يجب على غرف التجارة والصناعة والخدمات مضاعفة الجهود التي تبدلها والتنسيق مع القضاء التجاري من أجل إيجاد الحلول الكفيلة للخروج من الأزمة فالدور الذي تلعبه هذه الغرف هو دور جوهري ومحوري.. فإنقاد المقاولات لن يكون في القانون 73.17 المتعلق بمساطر صعوبة المقاولة، وإنما في مؤسسات التمويل؛ فلا يجب أن نحمل القضاء التجاري المسؤولية فوق طاقته في غياب التمويل.. فعندما نتحدث عن التمويل، فإننا نقصد التمويل العمومي للجهات والتمويل الخصوصي خصوصا ما يتعلق بالأبناك ودالك عن طريق منح قروض ميسرة تساعد المقاولات في الخروج من الأزمة الاقتصادية وتحريك عجلتها من جديد مثل ضمان أوكسجين، حيث أكد المدير العام لصندوق الضمان المركزي بأن أزيد من 13200 مقاولة استفادت من منتوج ضمان اوكسجين من خلال حجم قروض تصل إلى 7.3 مليار درهم ووصل عدد المقاولات المستفيدة من ضمان أكسجين إلى 85 في المئة من هذه المقاولات، هي في الأصل شركات صغيرة جدا لأن حجم رقم معاملاتها يتجاوز 10 مليون درهم، مبرزا أن ضمان أوكسجين الذي أقرته لجنة اليقظة الاقتصادية تم إنشاؤه لتمكين نسيج المقاولات الصغيرة جدا والمتوسطة، وكذلك الشركات المتوسطة الحجم من مواجهة عواقب هذه الأزمة الصحية.

 

- دور المشرع المغربي في التخفيف من مفهوم التوقف عن الدفع كسبيل لإنقاذ المقاولات من خطر الإفلاس

تشهد المقاولات الآن انهيارا تاما جراء تفشي جائحة كورونا فجل المقاولات غير المتوقفة عن أداء ديونها لم يتبقى لها سوى مسطرة الإنقاذ التي تعتبر من المستجدات التي أتى بها القانون 73.17، بحيث تم اعتبارها على أنها مسطرة وقائية نظرا لكونها مفتوحة في وجه المقاولات غير المتوقفة عن دفع ديونها وعلاجية تساهم في القضاء على الجرثومة التي تصيب المقاولة من أجل تحريك عجلة اقتصادها من جديد.. وقد قام المشرع بتنظيم مفهوم التوقف عن الدفع في المادة 561 من مدونة التجارة، حيث أخد بالمفهوم الحديث لمفهوم التوقف عن الدفع. فالملاحظ جليا على أنه يجب على المشرع المغربي إعادة النظر في مفهوم التوقف عن الدفع بحيث يجب عليه أن يتعامل بمرونة زائدة في مسألة التوقف عن الدفع فاذا قمنا بتطبيق مفهوم التوقف عن الدفع بحذافيره المنصوص عليه في القانون 73.17 ستكون المحكمة التجارية في محك خطير يجعلها تحكم بتصفية جميع المقاولات وإفلاسها.. فبإنقاذنا للمقاولات المغربية، فإننا أنقدنا مجتمعا بأكمله وخلقنا العديد من فرص الشغل وقمنا بالمساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد.. وبانهيار المقاولة نكون قد ساهمنا في ضياع عماد الاقتصاد وأصبح العديد من الأجراء بدون عمل.. إلا أنه يجب على المشرع المغربي تدارك الأمر والسعي من أجل توفير الضمانات الكافية للأجراء من تعويضات عن فقدان العمل والحرص على توفير شروط السلامة والصحة من أجل قيام الأجراء بعملهم على أحسن وجه .

 

- خاتمة:

نستنتج مما سبق ذكره أن المقاولة هي عماد الاقتصاد وخلية أساسية في النسيج الاقتصادي الوطني؛ فبمساهمتنا في اقتراح حلول للأزمة التي أصابت المقاولة نكون قد ساهمنا بشكل كبير في وصول المقاولة إلى بر الأمان بأقل الأضرار؛ وبامتناعنا عن تقديم الحلول ستكون المقاولة في حالة انهيار تام يصعب عليها معه النهوض من جديد..

كلها إذن كانت نقط أساسية حاولنا من خلالها تقديم مقترحات لتجاوز الأزمة التي أصابت المقاولة، نتمنى من الله العلي القدير عز وجل أن يرفع عنا هذا الوباء لكي تعود الحياة إلى سابق عهدها.

 

- امراني علوي حافظ، باحث في القانون الخاص وخريج الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية