السبت 4 مايو 2024
مجتمع

"حد لبخاتي".. جماعة قروية مطوقة بالبؤس والحرمان من اختراع تم في 1879

"حد لبخاتي".. جماعة قروية مطوقة بالبؤس والحرمان من اختراع تم في 1879

مثل ما هي لا تبعد عن مدينة آسفي التي تعتبر مركز الإقليم بنحو 60 كيلومتر، تجد الجماعة القروية "حد لبخاتي" نفسها بعيدة عن كل مظاهر التنمية بمآت السنين، ومقصية من أي مبادرة قد توحي بوجودها أو حتى بوجود تجمع سكاني على أرضها. وطبعا، في الوقت الذي لن يجد فيه أي واقف على حال وأحوال المنطقة حرجا في اعتبار هذا التوصيف أقل حدة مما يعاش واقعا، فإن الإستغراب سيكتنف كل من يقرأ تلك العبارات في سنة بلغ رقمها 2017، بل ومطلة وعلى عام جديد.

والحقيقة، أنه لن يكون في القول إلا القليل من المبالغة حين يتم تشبيه تلك الجماعة بالمكان الذي ومن كثرة الخصاص الذي يعانيه، يصعب إدراج ما ينقصه، لدرجة أنه من الشيوخ الآن من يحيى على مآسي تجرعها وهو طفل. والأمَر هو كون أطفال اليوم لا يرون أملا في انجلاء تلك الغشاوة والعمر يتقدم بهم. كل هذا نتيجة انعدام أي إشارة من شأنها زرع الثقة في الدواخل اتجاه من يتولون سير شأنهم المحلي، وتكرار مطالب الأمس، هذا اليوم، مع نفس المشاكل والمعيقات والغبن والفقر، في مقابل أن الجماعة صارت مصدر غنى البعض ومنبع يسر حالهم وإن كان هذا موضوع آخر في حاجة إلى وقفة منفردة.

الآن، ما يهم ساكنة هذه الجماعة الواقعة بين "جمعة اسحيم" واليوسفية، هو تسوية أوضاعها بصفة عاجلة ولا تحتمل التأجيل، وأول المطالب الملحة التزود بالكهرباء الذي لو علم "أديسون" عدم استفادة البعض من اختراعه الذي تم في سنة 1897، إبان هذا القرن، لصعق نفسه ندما. وما فعله الحرمان بعباد في مناسبة عيدهم الأضحى، والأضرار التي تكبدوها جراء فساد لحوم أضحياتهم في هذه الأجواء الحارة، والجميع يدري بأن تشغيل الثلاجات ليس إلا جزءا مما تفرضه مجموعة أخرى من الحاجيات ذات الصلة، وأشد مرارة من قضاء الليل ظلام في ظلام وكأنهم في العهد الحجري.

وللإشارة، فذكر مطلب الكهرباء ليس منتهى الغايات، إنما فقط بحكم راهنية الظرف الموجب له، أما باقي ما يعوز هؤلاء المغاربة فشتى، ومنه الطرق والمراكز الإستشفائية والتعليمية والبنية التحتية "الآدمية" إجمالا. وحتى إن كان الوضع يوشي بأنه لم تسبقه نداءات لبقائه على حاله طيلة هذه الأعوام، إلا أن الثابت هو تسجيل المآت بل الآلاف من الشكايات، لكن لا مجيب بداية بالعمالة وممثليها في الدائرة والقيادة وسائر المنتخبين "الأشباح". الجميع يتبنى شعار"التهميش"، ويطبق في صمت رهيب، تاركين الساكنة بلا اعتبار تقاسي ما تقاسيه، ولا تحمل من الماضي سوى إرث البؤس المطوق باليأس إلى الحاضر. لكن الخوف كل الخوف أن يُصر المسؤولون على تمديده للمستقبل حيث المغامرة بإنسانية خلق مر على مسمعه يوما بأن "للصبر حدود".