الأحد 19 مايو 2024
فن وثقافة

كريمة الفيلالي، فنانة هولندية مغربية تعانق جذورها

 
 
كريمة الفيلالي، فنانة هولندية مغربية تعانق جذورها

كريمة الفيلالي مغنية وشاعرة وموسيقية. ولكن بدلا من أن تحتل جزءا من المشهد الموسيقي المهيمن، قررت أن تميز نفسها بالكلاسيكي، بالأصالة وتمغرابيت. على الرغم من أنها لا تتكلم اللغة العربية الكلاسيكية بطلاقة، إلا أن الفنانة الهولندية المغربية، المقيمة في أمستردام، بدأت تغني أم كلثوم، وتعزف على العود، وحتى على الكنبري في بعض الأحيان.

اختارت كريمة الفيلالي تجاوز ضغط الأقران، فضلة الموسيقى العربية الكلاسيكية على ما سواها. ولدت كريمة في قرية صغيرة تسمى دي لير في هولندا، لأب مغربي وأم هولندية، شغوف منذ نعومة أظافرها بأصولها المغربية. وإلى جانب حبها للموسيقى، فإنها تُظْهِرُ أيضا اهتماما كبيرا بلغة أسلافها الأفارقة. كانت والدتي موسيقية، وكانت تعزف غلى الغيتارة. عائلتها مسيحية، لذلك غنى أفرادها دائما في الكنيسة ... كانوا يسعون للغناء في كل وقت وحين ، تقول كريمة لموقع "يا بلادي"، مصرة على أنها كانت تفضيل بقوة للموسيقى الكلاسيكية وعلى نحو أدق الموسيقى العربية

دخلت المغنية البالغة من العمر 30 عاما إلى المشهد الفني وهي ما زالت طالبة، لم يتجاوز عمرها 16 ربيعا في ذلك الوقت. اكتشفت لأول مرة أغاني أم كلثوم في شاحنة والدها حيث درج على الاستماع لأغاني هذه الفنانة المصرية العظيمة.  خلال جلسة أمداح (الموسيقى العربية الكلاسيكية، ) في فاس، أتيحت لكريمة فرصة الإحاطة علما بأغاني المغنية المصرية قالوا لها: إن أردت أن تتعلمي الموسيقى الكلاسيكية  فعليك بالاستماع إلى أغاني أم كلثوم.

مسحورة بالميلوديا، بالأدوات الموسيقية وبالأصالة، شعرت كريمة بأنها أصبحت مدمنة على هذه الموسيقى. وعلى الرغم من العائق اللغوي، فقد ذكرتها هذه التجربة ببلدها، المغرب. وردا على سؤال حول قدرتها على الأداء باللغة العربية، ردت كريمة ببساطة: "أنا سيئة جدا في اللغة العربية، لذلك عندما أريد أن أحفظ قصيدة، أعمل حقا على تقديم أفضل ما لدي".

في الواقع، تمكنت كريمة من أداء الأغاني القديمة مثل "يا جارة الوادي"، وهي واحدة من أكثر الأغاني الكلاسيكية لم تتم محاكاتها في أي وقت مضى. للتغلب على هذا الحاجز اللغوي، تلقت كريمة دروسا في تجويد القرآن الكريم لمساعدتها على نطق الكلمات والأصوات بشكل صحيح. حتى أنها سافرت إلى المغرب لتعلم اللغة العربية: "قررت الذهاب إلى المغرب للتعرف على الموسيقى التقليدية، مثل كناوة والموسيقى الكلاسيكية. تلقيت دروسا في اللغة العربية ووجدت نفسي مدرسة للأغاني العربية. هذه هي الطريقة التي بدأ بها كل شيء "، تقول الفنانة الشابة مسترجعة ذكرياتها. وأضافت: "حدث ذلك في عام 2011 واستغرق تسعة أشهر".

كريمة هي المعزة السوداء في جيلها، لا لشيء سوى لأنها اختارت إسقاط ما يعتبر شائعا ومهيمنا واكتفت بالإنصات لنبض غريزتها. "لقد هزت جيلنا موسيقى الهيب هوب، كنت أبحث عن جميع أنواع الموسيقى ... الأفريقية والصحراوية والفلامنكو، لذلك كنت أعرف كل هذه التأثيرات"، تذكر الشابة الثلاثينية. ثم تضيف الفنانة المزدوجة الجنسية: "حاولت أن تكون لمستي وتأثيري حاضرين".

كريمة الآن عضو في مجموعة أنشأتها مع صديقاتها اسمها شاكوار. انها تؤدي العديد من المهام داخل هذا المجموعة حيث تغني، تكتب وتعزف أيضا على ألتها الموسيقية المفضلة، الكنبري. "أقوم بمشاريع مختلفة. أرى الموسيقى الكلاسيكية كطريق وكمدرسة يمكن أن يتعلم منها المرء الكثير، ولكن أيضا كشيء أود أن ممارسته"، تقول كريمة.

إلى ذلك، تضيف المغنية: "بالإضافة إلى الموسيقى العربية الكلاسيكية، وأنجز أيضا مشاريع تجريبية للأفلام على سبيل المثال. كما عملت في مسرح للرقص والآن أستعد لألبوم آخر مع فرقتي الخاصة. لقد نشرنا على الانترنت  واحدة من أغاني الألبوم ، ولكننا سوف ننشر الآخريات بمجرد الانتهاء منه ".

بالنسبة للفنانة الشابة، كان كتشاف تراثها المغربي خيارا متعمدا ورحلة قامت بها عن وعي. لكنها لم تنس التأكيد على أن "جانبها الغربي يشكل وسوف يشكل جزءا جوهريا من هويتها كفنانة". إن العيش في بلد تتعايش فيه جماعات عرقية مختلفة، وحيث يحاول الجميع اكتشاف هويته المزدوجة يسمح لكريمة بالاستلهام من كلا العالمين. ولكن في هذا نعمة ونقمة على حد سواء . "عندما يكون ميراثك مزدوجا، يضع المجتمع دائما هويتك موضع: من أنت؟ أنت لست ذلك ولا ذاك، ولكنك  مثل هذا وذاك ... "، تقول الموسيقارة. غير أن الجواب الذي أقنع كريمة أكثر هو القبول الذاتي.