الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

ادريس المغلشي : فلاشات من سيرة السياسي الإنتهازي

ادريس المغلشي : فلاشات من سيرة السياسي الإنتهازي ادريس المغلشي
لتحرير النقاش من سوء التأويل والظن يقتضي الأمر بداية أن نتحلى بشيء من الموضوعية والجرأة في التشخيص قبل طرح البدائل وأن نبتعد سويا قدر الإمكان عن التموقع حول الذات من أجل حماية مكاسب يدعي البعض أنها مشروعة وننجز سويا تقييما موضوعيا للمرحلة.كما أننا نحتاج لاسترجاع بعض من الأحداث السابقة كأمثلة واضحة للإستدلال لعلها تساعدناعلى فهم ماجرى ويجري حتى الساعة. ولكي لانتعب معنا القارئ والمتتبع سنأخذ مقتطفا من أحداث مابعد 2016 فقط.لماذا ؟ 
أولا حتى لانبتعد كثيرا بمخيال البعض عن الحقيقة التي  يتحاشى مواجهتها ويصر على أن يبقي نفسه في زنزانة  النسيان أويمارس علينا لعبة التناسي.
ثانيا لأن مقدمات السنوات الإنتخابية كلها تتشابه مهما تعددت صورها وتداخلت  فيما بينها فلا جديد يذكر . في عملية تكرارالتي  تتم هندستها بحنكة ودراية مسبقة رغم ملاحظة بسيطة كونها ذات نظرة محدودة وقاصرة بفعل منظريها ومرتجليها .نفس الحملة والكلام و الشعارات والشخوص الاكسسوارات والأدوار والنتيجة لاتتغير في عمقهابل بقيت على حالها . لنأخذ هذا المثال للتبسيط :  
ذات مساء بعد إعلان النتائج في ليلة ماراطونية وبعدما تملك الجميع فرح النجاح بمحطة انتخابية حاز فيهاأغلب المترشحين على مقاعد حتى الذين تم الحاقهم خارج المؤسسة الحزبية بعدما فاقت النتائج كل التوقعات . في غمرة هذا الواقع المفعم بنشوة الانتصار بعدما طال الإنتظار. تبادل الحضور التهاني وعلت الوجوه فرحة ضمدت جراح معاناة طويلة وحلت مكانها لحظة اعتراف بهذا المجهود.ساد الجمع لغط وكلام كثير وزغردات تتطاير كفقاعات مدوية في السماءأوقفتها كلمة مسؤول جاءت مرتجلة تحمل كثيرا من الغبطة ورسائل لكل الخصوم تشفيا واستهدافا تحت تصفيقات الجميع. المنصة مزينة بباقات ورد من مختلف الألوان الزاهية وبجانبها موائد مشروبات وحلويات من كل نوع وصنف. لايمكن ان يجادل أحد في هذه الطقوس الحاتمية المبالغ فيها والمبررة التي تعقب اعلان النتائج ثم تختفي إلى حين. بل هناك من تعداها لجولة بمواكب سيارات أصرت لتمر من مواقع الخصوم السياسين عنوة ونكاية لتوقظ الأحياء بأكملها وتدفعها لتشارك في حفلة رغما عن أنفها وهي صاغرة. هكذا نتقن ردة الفعل ولا نبدع في صناعته مع كامل الأسف.
في ظل هذه الأجواء استحضرت حوارات سابقة حين أشرت بملاحظة منهجية قبل أن يسرق منا هذا الحلم ونتيه في دروب الضياع. لأننا بكل بساطة نبقى سجيني لحظة عاطفية ولا ننطلق نحو المستقبل مستثمرين هذا الإنجاز إن صحت تسميته بهذه المفردة . ونتساءل . لماذا لانستفيق الا بعد صدمة قوية تكشف حقيقة من خدعنا ذات يوم واستدرجنا لملعبه لنصبح تبعا له نفكر بطريقته ولا نتحرر منها الا بعد فوات الأوان ؟.هل نمتلك فعلا استراتيجية تضمن استمرارية الإنجاز. أم هي لحظة نمكن فيها بعض الإنتهازيين من الصعود على ظهور الغلابة ليزيدوهم قهرا فوق قهرهم ؟
عصابة من اللصوص لاهم لهم سوى سرقة كل شيء لهم ولنسلهم والباقي الى الجحيم مايدلل على ما أقول ماجرى من حديث بيني وبين سياسي طفا على سطح التدبير فجأة فانشغل بتحسين وضعه ومكتبه وبيته واسطول سياراته وقتا طويلا التهم نصف عمرولايته.في كل مرة يؤجل خطته المزعومة التي رددها في حملته الانتخابية لتدبير المرحلة لأنها لاتشكل أولوية بالنسبة إليه ظهر جليا أنها مجرد شعارات سراب يتلوه سراب دون نتيجة . 
سألته عن هذه الخطة فحول سؤالي إلى طلب ينشد من خلاله فهم مايجري وكأنه يسمعه لأول مرة .بدون تردد ودفعا لكل التباس أواتهام مسبق وضحت له التالي:
المسؤول السياسي يشكل نموذجا عمليا لأديولوجية الحزب إذا كان ينتمي لمدرسته الفكرية أي مايصطلح على تسميته الجيل المؤسس او القيادة وهنا برزت ملاحظة مهمة أثارت لدي أسئلة مقلقة من قبيل.  لماذا تصادرهذه القيادة كثير من المهام والمسؤوليات وتراكمها في أيدي معدودة دون ترك الفرصة للآخرين من الشباب إلا مافضل من الفتات إن بقي ؟ لماذا لاتتجه المؤسسةالسياسية في تدبير المشاريع ومجالات اشتغالها الى العمل على استيعاب شباب الحزب وكفاءاته حتى تتمرس على السياسة بشكل عملي ومنهج البحث والحصول على المعلومة والإطلاع على الإشكالات التي تعترض مجال التدخل السياسي وبذلك تشكل مختبرا  حقيقيا لكل التدابير والأفكار . ؟
هذه الأمور لا محالة سنحصل من ورائها  على احتياط من القيادات والكفاءات القادرةعلى ضمان الاستمرارية والبقاء. وتعطي المثال على الديمقراطية الداخلية والتناوب في التسيير .فإذا كانت الهيئة السياسية لاتطبقه كيف بها أن تطالب به وهو لايعدو أن يكون شعارا براقا إن لم يكن شراكا يقع فيه الكثير من المغفلين ؟ 
بدا محاوري مندهشا بصورة توضح أن كل هذه الأفكار لن تجد لها تأشيرة لتعبر لطاولة حوار قيادة حزبه وإذا قدر لها أن تمر لتناقش فستبقى حبرا على ورق . لأن الطريقة التي تفاعل بها وببرودة غير متوقعة حتى لا أقول باللامبالاة توضح مدى الأعطاب التي تعيشها تنظيماتنا الحزبية .فتيقنت بعد هذا الحوار المقتضب من نتيجة حتمية كنت أبحث عنها طويلا من خلال سؤال محوري.
لماذا نفس الوجوه السياسية تحتكر كل المواقع في إصرار عز نظيره لمدة طويلة دون تجديد وهم يعلمون جيدا أنهم أصبحوا عالة على الساحة السياسية ؟ 
تنويه : أي تشابه في الشخوص والأحداث فهو مجرد صدفة والاستثناء في هذا الموضوع غير وارد .