الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: نقطة فاصلة

مصطفى المنوزي: نقطة فاصلة مصطفى المنوزي

لسنا أقلية، كما تزعم الآلة الإعلامية، فرغم هيمنة مظاهر المد المحافظ والنزعة اليمينية على المستوى الكمي ؛ فإن قضايا المجتمع حافلة ببوادر الثورة على القديم ، غير أن حاملي مشروع التغيير ينبغي أن يتسلحوا بالفكر النقدي والتقدمي، وإلا فذاك القديم لن يكون إلا القيم الإنسانية والنضالية النيرة، وكذا المكتسبات الإيجابية والوجيهة في العلاقة مع الحقوق والذاكرة الجماعية المشتركة. من هنا وجب مناهضة كل خطاب يروم الاضطهاد والاستئصال، تحت ذريعة حماية المقدس والدين والتقاليد " المرعية ".

علامة استفهام

لا يمكن التصدي للأصوليات هنا وهناك وهنالك بمجرد الحلم بما ينبغي أن يكون، فإقرار بعض اليسار بأنه بصدد تجريب مقومات العودة إلى المشهد، يوحي بأنه غير جاهز بما يكفي لخوض المعركة الجارية حاليا، مع الإشارة أن التحليل الصائب يكون مفيدا إذا تم استحضار قوانين الجدل التي لا تؤمن بالبناء على الأنقاض، اللهم إذا كان الصراع داخل نفس الوعاء/ وحدة المتناقضات، ولا يكون بالنفي المطلق، بل في ظل قانون الإزاحة/ نفي النفي، كبديل سيحتاج نفسه إلى بديل يخلصه من رواسب تمثلات الماضي السلبي. فهناك عروض في الساحة مثالية جدا، ولكن قنوات تصريفها تحتاج إلى تحولات كمية لتبرر النوع الذي يتباهى به حاملوها. فالعامل البشري مفيد في دعم مبدأ التفكير الجماعي والتشاركي، بتعدد المقاربات وتنوع زوايا التفاعل وتراكم الخبرات وترشيد الكلفة... فلا يكفي التسليم بانسجام مطلوب، يعتمد تنسيق مجهودات متناثرة هنا وهناك، ويروم توحيد إمكانيات مرتجلة في صيغة إعلان نوايا حسنة مهددة بهاجس فقدان طهرانية حالمة.

نقطة استنتاج

لا ينبغي أن نترك البياضات للصدفة تعبث بمصير التقدم والتحول السياسي المنشود، فالمسافات الضرورية في مجال الانتقال الديمقراطي، كالطريق السيار، لا تصلح محطة لكثير من التأمل المتردد، والمد المحافظ يغزو ثنايا الانتظارية والارتباك ويتربص، انتهازيا، بالقاعدة الانتخابية وبقاعدة "الطبيعة تأبى الفراغ ".