الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

صافي الدين البدالي: ما ذنب الأساتذة ضحايا التعاقد في أن يعذبوا؟

صافي الدين البدالي: ما ذنب الأساتذة ضحايا التعاقد في أن يعذبوا؟ صافي الدين البدالي
عرفت شوارع الرباط في منتصف الشهر مارس 2021 تعنيف الأساتذة ضحايا التعاقد تمثل  في الضرب والجرح والرفس و الحط من الكرامة،  حتى أن مشاهدا  من مسرح الاحداث أصبحت لا تطاق ، لأنها عمقت جرحا في قلوب  اسر هؤلاء  الأساتذة  و في قلوب  أبنائهم و زوجاتهم  و في قلوب كل المواطنين والمواطنات، و كأننا في بلاد خارج المنتظم الدولي لحقوق الإنسان ، حتى أصواتا من خارج الوطن أدانت هذا التصرف ، و حتى  أصبح الكل في حداد ، حزنا على ما يحدث لرجال التربية و التكوين في هذه البلاد . كنت أنتظر اعتذار وزير التربية الوطنية والتعليم العالي و تكوين الأطر و ,,,  أو اعتذار الحكومة للأساتذة ضحايا العنف و التنكيل و لكل رجال التعليم و لأسرهم  وللشعب المغربي كافة على ما حدث !؟. لكن مع الأسف ما لاحظته هو استمرار الحكومة في مخططها الرامي إلى الحط من كرامة الأستاذ الذي هو ضحية التعاقد خاصة ، و من كرامة الأستاذ بشكل عام ،  وذلك بكل وعي ،  لأن ذلك يدخل في إطار عملية تصفية المدرسة العمومية من الوسط التعليمي و الثقافي و الاجتماعي و فتح الباب على مصراعيه للتعليم الخصوصي الذي أصبح في مقدمة اهتمام الدولة المغربية  . فتعنيف الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد يدخل في إطار جريمة قتل المدرسة العمومية. لأن الدولة تؤسس لتعليم طبقي في إطار توجهها  العام  الذي يهدف إلى تكريس الفوارق الطبقية و الاجتماعية من خلال المؤسسة التعليمية  و الجامعية ، و ذلك  تماشيا مع إملاءات الدول الإستعمارية التي خرجت من بلادنا   و دخلته من  باب التعليم الذي يعد الأول و الآخر سببا في  تقدم البلاد  أو تخلفها . و تتجلى السياسة التعليمية في البلاد في  البعد الذي خطط له النظام ، أي  اعتماد النمطية و التجريب على المستوى التربوي / البيداغوجي و ذلك عبر جعل  المدرس  آلة   تخدم إيديولوجية الدولة و اختياراتها   وبناء مواقف لا تنسجم مع موقف الطفل ومع  حاجياته وطموحاته  الفكرية و المعرفية وتتناقض مع محيطه ، و دون مراعاة حاجياته الفنية ومؤهلاته  الإبداعية ،و هو ما تسبب في الإخفاقات المتكررة للتعليم في بلادنا .  لقد ظل الأستاذ يتعرض إلى كل اشكال العنف و الحط من الكرامة منذ بداية السبعينات من القرن الماضي لما تأكد للنظام السياسي بأن  المدرسة العمومية و الجامعة أفرزتا أجيالا تدعو إلى التغيير و إلى الديمقراطية الحقة ، فكانت أول ضربة يتلقاها رجل التعليم كانت في  ( 9 ,10 ,11 )  أبريل من سنة  1979 . و لقد تجاوزت هذه الضربة التعنيف و التنكيل و الاعتقال و المحاكمات و الطرد إلى تحريض المجتمع على رجال التعليم عبر وسائل الإعلام الرسمية . و هكذا ظل رجل التعليم هدفا للنظام حتى لا تكون للمدرسة العمومية قيمتها  التربوية و الثقافية   و المعرفية و   المها رتيه   و حتى تتج جيش من العطالة الفكرية و الأمية الثقافية ، قابلا  للاستغلال من طرف القوى  الظلامية في الإرهاب ،  و من طرف القوى الرجعية في الشغل التعسفي  و في ترويج الممنوعات و في الجنس و في الجريمة  المنظمة . 
 البدالي صافي الدين فاعل  سياسي وحقوقي