السبت 20 إبريل 2024
في الصميم

اليسار ليس "طياب العنب" في الصحراء !!

اليسار ليس "طياب العنب" في الصحراء !! عبد الرحيم أريري
حين اشتد الطوق على الدولة في ملف الصحراء عقب أزمة المغرب مع السويد التي كانت تنوي الانزلاق نحو الاعتراف بالجمهورية الوهمية لصنيعة الجزائر، احتمت السلطات المغربية بقوى اليسار وأوفدت بعثة ( ترأستها نبيلة منيب) إلى السويد لتوضيح المعطيات لقادة اليسار والخضر في ستوكهولم.
ولما تحركت الآلة الجزائرية، عبر عملائها في الأممية الاشتراكية للتشويش على المغرب في ملف الصحراء، استنجدت السلطات المغربية بأحزاب اليسار( خاصة ممثلي الاتحاد الاشتراكي) لنسف مخطط العدو الشرقي.
ولما أرادت الدولة تجفيف مشاتل البوليساريو بأمريكا اللاتينية استعانت السلطات العمومية بالشبكة العلائقية لليسار المغربي مع قادة التنظيمات اليسارية اللاتينية.
وحين رغبت الدولة في احتضان المنتدى العالمي الثاني لحقوق الإنسان، لتقطير الشمع على العدو الجزائري، استفادت السلطات من نخبة اليسار المغربي المشارك في منتدى برازيليا، لقلب كفة التصويت لصالح المغرب.
لكن( ولابد من لكن)، لما يرغب حزب يساري مغربي شرعي وقانوني ويؤمن بالتدافع المدني، في فتح فرع له بأحد أقاليم الصحراء تنتصب السلطة العمومية كخصم له وتجرده من الحق في التواجد بالداخلة أو غيرها من المدن الصحراوية، وكأن الصحراء ملك محفظ لحزب واحد أو حزبين، أو لكأن أحزاب اليسار تنتهي مغربيتها عند الطاح، أي عند خط الطول الذي كان يفصل بين المغرب المستقل والصحراء المستعمرة من طرف الإسبان سابقا. وبالتالي تعتبر السلطات المركزية تواجد حزب يساري بالصحراء "خيانة" للمغرب وللمغاربة.
إن الفضيحة التي تهز جهة الداخلة منذ ستة أسابيع بعد تعنت السلطة المحلية في منح حزب الطليعة الديمقراطي الحق في وصل الإيداع المؤقت وبالتالي الحق في العمل الشرعي بالجهة، يسائل الحكومة والبرلمان والنيابة العامة ومجلس حقوق الإنسان.
كيف يعقل أن محمد الطالبي، ممثل حزب الطليعة، يعتصم أمام مقر ولاية الداخلة، ليس طمعا في بطاقة إنعاش أو مأذونية طاكسي أو رخصة الصيد بأعالي البحار أو مأذونية تصدير الرمال لجزر الكناري، بل للحصول على وصل فرع تأسيس الحزب، دون أن يتحرك وزير الداخلية لتصحيح الوضع وتحميل الطرف المخل المسؤولية( سواء كان رجل السلطة المحلية أو ربما ممثل الحزب إن لم يحترم شكليات التأسيس والإيداع). فأيا كان السبب كان لزاما على الحكومة - في شخص وزارة الداخلية- أن تصدر بيانا رسميا يوضح حقيقة الوضع النشاز الذي تعيشه المدن الصحراوية في هذا المجال، علما أن موقف ممثل حزب الطليعة بالداخلة ليس بجديد، إذ سبق للحزب الاشتراكي الموحد أن عانى نفس المشكل للحصول على شهادة الميلاد.
كيف يعقل أن حزب الطليعة الذي يضم أطرا ومناضلين يمنع من حق ممارسة مهامه بجهة الداخلة، دون أن يتحرك رئيس النيابة العامة لمتابعة المخلين بتنفيذ القانون، بل وتحريك المتابعة ضد من عطل الدستور الذي خول للأحزاب مهام تأطير المواطنين.
كيف يستساغ خلق لجن جهوية لحقوق الإنسان دون أن تتدخل اللجنة الجهوية للترافع ضد الشطط في استعمال السلطة لتمكين حزب من ممارسة عمله داخل رقعة مغربية.
كيف نفسر سكوت البرلمان (بغرفتيه) في عدم المطالبة بخلق لجن للتقصي لإماطة اللثام عن هذه الممارسة الشاذة التي تميز تدبير الأقاليم الجنوبية عبر تشميع الصحراء ضد الأحزاب اليسارية.
إن المغرب - حسب علمنا - يخوض حربا في جبهتين (الحرب النفسية والتجارية والديبلوماسية والاستنزافية) : حرب في الجبهة الشرقية مع العدو الجزائري، وحرب في الجبهة الشمالية مع العدو في الاتحاد الاوربي. والمفروض في دولة تخوض الحرب أن تقوي جبهتها الداخلية للتفرغ للعدو الخارجي وليس تسخير" مسامر الميدة" لإحداث تصدع في الجبهة الداخلية.
 فالمغرب ( من طنجة إلى الكويرة) ملك لكل العائلات الحزبية التي اختارت العمل المؤسساتي والقانوني، ولا حق للسلطة في محاباة حزب او إشهار العداء ضد حزب آخر. فالفيصل بيننا هي الوثيقة الدستورية وما يتفرع عنها من معمار قانوني.
لنضع إذن حدا لمهزلة الداخلة، فاليسار ليس "طياب العنب" للدولة !!