الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

أمين لقمان:"استقالة" بنكيران ليست من أجل الكيف

أمين لقمان:"استقالة" بنكيران ليست من أجل الكيف أمين لقمان
قراءتها في السياق الراهن، لها ظروفها السياسية التي تفسر بواعث هذا الفعل بعيدا عن مشروع تقنين زراعة القنب الهندي لدواع طبية أو صناعية..
-هاته الاستقالة سبقتها استقالات للرميد والأزمي وغيرهم من قادة حزب العدالة والتنمية..ورافقتها استقالات في الأقاليم والفروع وهجرة جماعية أحيانا لأعضاء الحزب نحو أحزاب جديدة خاصة نحو حزبي الأحرار والاستقلال..وهذا التصدع الكبير، كان نتيجة حتمية لفشل عام في تدبير شؤون البلاد..
-قد يكون السيد بنكيران مرتاحا لقضية الكيف و"يدرح" بها انسحابه من معترك السياسة وقفزا من السفينة التي تغرق بنوع من الشرف والأخلاق، بدعوى أن القنب الهندي حرام ونشر للفجور والفاحشة..قد يكون أيضا تبرما من استقالات مكلفة بشأن قضايا أكثر من الكيف كالتطبيع مع إسرائيل مثلا أو القاسم الانتخابي، أو غيرها من القضايا والقوانين التي مرغت وجه الحزب بالتراب..أو التي يمكن أن يكون لها احتكاك بنظام الحكم..
قد تكون تكرارا لتجربة الاتحاد الاشتراكي وإيذانا بنهاية مرحلة وبداية أخرى بانقسامات سياسية وتنظيمية، قد..أيضا، تكون هاته الاستقالة لعبة مدروسة من الإخوان " شي يكوي وشي يبخ " من يهدد بالعودة إلى الحراك..ومن يهدد بالاستقالة من البرلمان..ومن يوقع مراسيم الدفن والجنازة..ومن سيقرأ الفاتحة، ومن سيعقدالصفقة،ومن سيتلو الوصية..تخبط عام لفشل مشروع الإسلام السياسي في تدبير الشأن العام، وتخلص من طرف الدولة لشريك غير مؤتمن في تدبير شؤون الحكم..له امتدادات للمشروع الإخواني العالمي المتستر في البلاد..
قد تكون هاته أو تلك، لكن " الكيف " بريئ من هاته الاستقالة براءة الذئب من دم يوسف، تلك النبتة التي خلقها الله وخلق معها نفعا طبيا وصناعيا للعالم بعيدا عن الحلال والحرام كما خلق الأفعى ومن سمها شفاء للعالمين .فماذا كان سيجري لو كانت تلك النبتة ترياقا لداء كورونا..!؟ مع ان استعمالاتها في المجال الطبي وغيرها لها تاريخ وتجارب في العديد من الدول غير ما يتصوره البعض كحشيش وسبسي ومطوي..
إن تقنين وتنظيم زراعة القنب الهندي قرار جدي رغم تأخره،ومصادقة هيأة الأمم المتحدة على تسويقه عالميا له شروط وقوانين تنظمه..وسيمكن من إسقاط المتابعات عن حوالي 40000 فلاح مزارع يعيلون أسرهم من هاته النبتة ولا تكفيهم سجون المغرب ولا تبعات وتكاليف ذلك المالية والقضائية..ستمكن من خلق فرص الشغل وتثمين المنتوج وخلق تعاونيات فلاحية واستفادة خزينة الدولة وزيادة الناتج الداخلي العام الذي يضيع مع المهربين وشبكة تجارة المخدرات الدولية..والاتجار في " النوار " في هاته المادة الحيوية..
المسألة ليست دفاعا عن الدين والأخلاق، ولا دفاعا عن الإسلام في مواجهة الكفار كما يحاول صاحبنا ترويجه قبيل كل انتخابات..لقد عرف المغاربة وعاشوا وشاهدوا وسمعوا بالصوت والصورة، تناقضات الخطاب الديماغوجي المغلف بالدين والقداسة والطهرانية، واكتووا بفشل مشروع لم يكن له ما يسنده اقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا غير التهريج وتنفيذ سياسات سلطوية وفاسدة أكثر سوءا من سنوات إدريس البصري..
استقال أو استقالوا أو لم يستقيلوا..ليست هي المسألة، ماكنة المخزن كانت شغالة رغم انها كلفت كثيرا من زمن المغرب وحقوق المغاربة..استقالة الشجعان خير من استقالة المراوغة والبهتان..كان عبد الرحمان اليوسفي في استقالته من بروكسيل شجاعا وكان اعتزاله مفهوما ومحترما، لكن الاستقالة من أجل "العشبة" البريئة أيضا مفهومة لكنها غير محترمة..